نفى الشيخ فريد الباجي إصداره لفتوى تحرّم الانتخابات التونسية، لكنه أشار إلى وجود «تواطؤ» بين المنظومة القديمة والجديدة في البلاد لتزوير الانتخابات القادمة، مشيرا إلى أن هيئة الانتخابات غير مستقلة، كما دعا المترشحات المنقّبات إلى الكشف عن وجوههن كي يتعرف عليهن الناخب ويحاسبهن لاحقا في حال فوزهن بالانتخابات. وقال الباجي (رئيس جميعة دار الحديث الزيتونية) في حوار مع «القدس العربي»: «أنا قلت إن الانتخابات المزورة حرام شرعا وقانونا، لذلك يجب إصلاح المنظومة الانتخابية وفي حالة الإصرار على مواصلة الانتخابات بهذه الصورة المزورة فمن باب قاعدة ارتكاب أخذ الضررين فعلى الشعب التونسي أن يذهب إلى الانتخابات لأن عدم الانتخابات يعني «الدواعش»، إذا أهون الشرين: انتخابات مزورة ولا تحكمنا الفوضى والإرهابيون، هذه فتواي المفصلة والتي زُورت وحرفت من قبل بعض الإعلاميين لأسباب سياسوية ضيقة ومن أجل الفرقعة الإعلامية». وأشار إلى أنه لم يحرّم الانتخابات بل حرّم التزوير «لأنه حُرم في القانون الدولي والتونسي، وأنا استعملت لفظة حرام ولكن الآن أستعمل لفظة جريمة قانونية ودستورية، فهي إذا فتوى دستورية قبل أن تكون فتوى دينية فالدين والقانون والدستور توافق في حرمة التزوير». لكنه يؤكد أن «فتواه القانونية» نبهت وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والشعب التونسي إلى موضوع التزوير وشجعتهم على الضغط من أجل «إصلاح المنظومة الانتخابية وضبط قوانين الانتخابات للسعي نحو انتخابات أكثر نزاهة، لهذا أقول للشعب التونسي انتخبوا وكونوا متيقظين للتزوير وأي شيء آخر». ويشير إلى أنه لا يثق أساسا بديوان الإفتاء في تونس، ويقول «لا يوجد عندنا مؤسسة للإفتاء لكن ثمة رجل يتم اختياره وتعيينه من قبل رئيس الجمهورية ويفتي حسب ما يبدو لهم، ونحن نسعى إلى مأسسة الإفتاء لا إلى شخصنته، وما دام الإفتاء في شخص بعينه مأخوذا من رجل سياسي (رئيس الدولة) فالفتوى في تونس ستبقى فوضوية». ويصف قانون الانتخابات المصادق عليه من قبل المجلس التأسيسي (البرلمان) بأنه «فاسد مُفسِد»، مشيرا إلى أنه تم وضعه بطريقة تمنع صغار الأحزاب من الوصول للسلطة، كما أن هيئة الانتخابات تم تعيينها بالمحاصصة السياسية ولذلك اكتشفنا أخطاء بنسبة 800 في المئة في قوائم التزكيات لدى الهيئة، والوثائق التي نملكها تبيّن أن الهيئة شبه مستقلة وليست مستقلة». ويوضح بقوله «في قائمة تونس 1 لحزب الأمان، قدمنا 805 اصوات وهم من الناخبين المعترف بهم سابقا وحاليا فلما جاءت النتيجة قالوا لنا إنكم لم تقدموا سوى 63 صوتا فقط وعدد الذين يصلحون للتزكية صفر، فذهبت لهيئة الانتخابات وفاجأتهم بالمعطيات والبيانات، فكان جوابهم «أخطأنا»، فقلت لهم كيف أخطأتم ؟ الخطأ بالنسبة للكفء بنسبة 15 في المئة ولغير كفء 30 في المئة وليس 800 في المئة. ويضيف «ولما قمنا بمحاسبتهم بالدقة أرجعوا لنا 1500 صوت فقط عن حزب الأمان عموما، فهذا يدل على التخبط في الهيئة شبه المستقلة في معرفة التزكيات الصحيحة وغير الصحيحة، ومن هنا قمت بعملية ضغط حتى يراجعوا مرات ومرات عملية التزكيات لرئاسة الجمهورية». من جانب آخر، يشير الباجي إلى وجود «تواطؤ» بين المنظومة القديمة (نظام بن علي) والجديدة (الترويكا) لتزوير الانتخابات، مشيرا إلى وجود لغط كبير في بيانات الناخبين «بدليل أن مئات المنتخبين في 2011 لم يجدوا أسماءهم في قائمة 2014، وهذا يؤكد وجود «تلاعب بالبيانات والمعطيات لأسماء الناخبين مما يجعل الانتخابات شبه مزورة إن لم تكن مزورة بالكامل، مع العلم أن تقلص عدد الناخبين يزيد فرص أحزاب الترويكا وخاصة حركة النهضة للفوز بالانتخابات المقبلة». وكان رئيس هيئة الانتخابات شفيق صرصار أكد قبل أيام أن إحدى الشركات الخاصة (لم يسمّها) استولت على قاعدة بيانات لعدد كبير من التونسيين بهدف استعمالها في تزكيات المرشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو ما أكده لاحقا كم القضايا التي تقدم بها مواطنون وجدوا أسماءهم في قائمة المزكّين لمرشحين لم يقوموا أساسا بتزكيتهم. وفي السياق ذاته، أشار الباجي إلى أن أحد مرشحي الرئاسة عرض عليه عددا من المناصب إضافة إلى 250 ألف دينار مقابل دعمه في الانتخابات، لكنه رفض هذا الأمر. لكنه يرفض تحديد هوية المرشح المفترض، مبررا ذلك بوجود «لوبيات تتحرك في تونس، وأنا ضعيف جدا ولا أستطيع مواجهتها بصراحة، فضلا عن وجود عشرات القضايا التي تلاحقني الآن وتتعلق بالانتخابات». وحول رأيه في ترشح المنقّبات للانتخابات التشريعية (البرلمانية) المقبلة، يجيب (ضاحكا) «كيف يمكن أن ننتخب من لا نراه ولا نعرفه ؟ هذا مخالف للمنطق والعقل، وأقول للمرشحة المنقّبة: إذا أردت أن تكوني منتخبة فينبغي أن تكوني معروفة لدينا، ولتكوني مسؤولة في السياسة فلا بد أن نرى وجهك، النقاب من الناحية الشرعية متفقون عليه، ولكن إذا أردت أن تدخلي الانتخابات فاكشفي عن وجهك لنعرفك ونحاسبك».