رغم الحراك السياسي الكبير والمد الشعبي الذي اصطف خلف مرشحي رئاسة الجمهورية الباجي قايد السبسي والمنصف المزروقي فإن لدربي العاصمة سطوة وامتدادا جماهيريا من الثابت أنه أعلى من الرصيد الانتخابي للمرشحين.. دربي العاصمة أو المواجهة الأعرق بين قطبي كرة القدم التونسية بدأ في سحب البساط من تحت قدمي الفاعل السياسي وعاد ليشغل الناس خصوصا أنه يأتي في نهاية مرحلة مهمة للفريقين.. الترجي الرياضي الفريق المضيف يعيش وضعا انتقاليا على المستويين الإداري والفني من جراء فشل الفريق في تحقيق أهدافه الرياضية الأمر الذي فجر الأمور في مركب المرحوم حسان بلخوجة.. إداريا تقود الأحمر والأصفر هيئة تصريف أعمال إلى حين تحديد موعد أول لجلسة عامة خارقة للعادة تنقح خلالها القوانين الأساسية للنادي تعقد في أعقابها الجلسة العامة الانتخابية.. انتخابات تم تأجيلها في مناسبتين متتاليتين والسبب غياب مرشح يحمل المشعل عن حمدي المدب الذي قضى قرابة سبعة مواسم على رأس الفريق حتى صار يقول إنه تعب وإنه يريد قسطا من الراحة.. أما فنيا فنادي باب سويقة بصدد تجديد الدماء في الفريق بعد أن غادرت المجموعة التي صعدت بالترجي إلى القمة عربيا وإفريقيا بعد السيطرة محليا وهو ما يعكس التغييرات الكثيرة التي مست رصيده البشري.. غياب الرصيد البشري القوي وتأخر حسم المعركة الانتخابية ولد لدى الكثيرين احساسا بإمكانية تفجر الوضع ومواجهة بحجم دربي العاصمة يمكن أن تمثل العاصفة التي قد تضرب بقية مشوار الفريق فضلا عن نسف كل محاولات تصحيح المسار الحالي.. من جهته حسم النادي الإفريقي مبكرا صراع الانتخابات وجددت جماهيره الثقة في هيئة سليم الرياحي لمدة أربعة مواسم جديدة خصوصا بعد التعزيزات الكبرى التي قام بها الفريق في الصائفة المنقضية.. ولئن يبدو الترجي جاثما على بركان قد ينفجر في أية لحظة فإن إفريقي الموسم الحالي يبدو أكثر تماسكا من الناحية الفنية في وجود لاعبين يجمعون بين الخبرة والإمكانيات الفردية الهائلة.. الإفريقي تعود بالانشقاقات والأزمات لكنه في هذا الموسم يبدو متوحدا رغم كل ما يحدث بين الفينة والأخرى في كواليس النادي من تجاذبات وصراعات تمثل الخبز المعتاد للأفارقة منذ سنوات.. سليم الرياحي وعد جماهير الإفريقي بالحصاد الوفير هذا الموسم مؤكدا أن مشروعه الذي وضعه على ثلاث سنوات قد دخل مرحلته الأخيرة وهو جني الألقاب وبالتالي فالفريق بحاجة إلى كسب مواجهة من طينة الدربي للتدلال على حسن استعداده.. ورغم استقرار الوضع نظريا في الإفريقي فإن إمكانية الانفجار تظل واردة حيث عملتنا الأحداث أن هزيمة الدربي تحدث دائما شرخا كبيرا في العائلة الإفريقية وهو ما لا يتمناه كل عشاق الأحمر والأبيض لكن رغم ذلك فإن تأثير الهزيمة له نفس التأثير في "الحيين" حيث يستوي الحال في باب الجديد كما هو في باب سويقة.. الترجي في نسخة خالد بن يحيى بدا كبيرا في حضرة الكبار ومتواضعا في حضرة أندية الصف الثاني حيث هزم زملاء معز بن شريفية كل من النادي البنزرتي والنادي الصفاقسي والنجم الساحلي وتعثر أمام حمام الأنف وشبيبة القيروان والملعب القابسي وغيرها.. أما النادي الإفريقي فقد "غفّص" الأندية التي أعاقت الترجي على حد تعبير شكري الواعر ولكنه في المقابل بدا خانعا وعاجزا عن تخطي الفرق التقليدية حيث انهزم أمام النجم الساحلي والنادي البنزرتي وتعادل مع السي أس أس.. إذا سيكون الترجي الرياضي في سعي لتأكيد سطوته في حضرة الكبار أملا في إلحاق جاره بسلسلة ضحاياه في حين سيبحث الإفريقي عن رد الاعتبار لنفسه وكسب سبق معنوي يدخل به سباق الإياب من الباب الكبير.. التناقضات بين الفريقين كبيرة ولكن تاريخ الدربي لا يلقي بالا لأية معطيات غير حقيقة الميدان حيث لا تنفع عوامل التاريخ وأسبقية الترتيب ولا تفيد في شيء ترشيحات الورق لذلك سيكون الدربي عدد 109 بين الفيصل بين الغريمين بعنوان إما حياة وإما حياة..