من الملاحظ أنّ مسار العمليات الارهابية قد اتخذ منحا خطيرا على المستوى النوعي من حيث الخطّة المتبعة لانهاك أجهزة الدولة و اثخانها. ما قام به الارهابيون اليوم يندرج في إطار خطّة "الذئاب المنفردة" التي هي عبارة عن خلايا نائمة قليلة العدد تتخفّى عن أنظار الرصد الاستعلاماتي الأمني و تتعمّد القيام بفعل انتقامي تعاطفا أو ولاءا لتنظيمات متطرفة على حين غرّة. يتمّ تجنيد هذه العناصر الارهابية في كثير من الأحيان عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو عن طريق الاستقطاب المباشر. وقد سبق أن تم افشال محاولة لتفجير أحد النزل في سوسة في أكتوبر 2013 في عملية من هذا القبيل. تستهدف هذه العمليات الارهابية قطاعات حيوية وحسّاسة فضلا عن العنصر المدني بهدف الارباك وبثّ الرعب النفسي. بلا شكّ أنّ مثل هذه العمليات التي يُخطّط لها اعتمادا على عنصر المباغتة وبشكل محبوك بناء على معطيات دقيقة يتحصّل عليها الارهابيون بطرق قد تصل إلى اختراق أجهزة الدولة و مؤسساتها، تكشف النقاب مجدّدا على ضرورة مزيد احكام القبضة الأمنية عبر مضاعفة العمل الاستباقي و التحضّر لماهو غير متوقّع. لهذا من المهم التذكير بأنّ الحرب على الارهاب و ثقافة التوحّش ستظلّ متواصلة وهي تحتاج نفسا طويلا و استخلاصا للدروس والهنّات. لكن أيضا لا يمكن كسب هذه المعركة دون استراتيجية واضحة المعالم تشمل كلّ ماهو يمكن أن يكون حلّا عمليا و مجديا لنسف واستئصال البنى التحتية للارهاب.