صدر مؤخرا بالجريدة الفرنسية "لوفيغارو" بتاريخ 27 مارس 2015 مقال حول شراء أسلحة فرنسية لتونس عن طريق دولة الامارات العربية التي ستمول هذه الصفقة و ذلك في اطار مكافحة الارهاب. مما مكننا نحن التونسيون على الاطلاع على هذا الخبر الهام الذي يخص بلادنا. و من خلال المقال المذكور، فملف بيع معدات عسكرية لتونس تتمثل في بنادق هجومية ورادارات وصمامات حركة ومناظير ليلية وسفن حربية صغيرة... باموال اماراتية كانت على طاولة اللقاءات التي جمعت في باريس بين مسؤولين تونسيين وفرنسين واماراتيين لاعداد مخطط ثلاثي يسمح لتونس بشراء أسلحة ومعدات عسكرية فرنسية ممولة من قبل الاماراتيين لدعم الجهاز الأمني لتونس التي يتهددها الإرهاب، و ذلك على النموذج اللبناني الذي أنجزته باريس مع السعودية في تمويلها للجيش اللبناني كما جاء في المقال المذكور. و قد انعقدت كذلك اجتماعات مع وزير الخارجية السيد الطيب البكوش الذي قام بزيارة الى العاصمة الفرنسية تصادفت مع يوم 18 مارس اي يوم العملية الإرهابية حيث ناقش هذه الشراكة مع مسؤولين فرنسيين واماراتيين. و قد اكد مقال "لوفيغارو" ان كل هذه اللقاءات كانت "discrètes", قد يفسر هذا الاختيار انعدام اي صدى في بلادنا لفحوى كل هذه الزيارات في الاعلام الوطني او في تصريحات رسمية لوزارة الخارجية. مع العلم ان الاتفاقات التي صيغت في شأن هذه الصفقة ستكون احد محاور الزيارة الرسمية التي سيؤديها رئيس الجمهورية السيد الباجي قائد السبسي الى باريس يومي 7 و 8 افريل القادم حيث سيمضي على اتفاقية بيع أسلحة فرنسية لبلادنا. و الجدير بالملاحظة ان ثلاث ايام بعد صدور مقال "لوفيقارو" اكد مؤخرا كاتب الدولة للشؤون الخارجية السيد التوهامي العبدولي على موجات إذاعة "شمس اف ام " هذا الخبر المتعلق باستعداد الامارات لاقتناء اسلحة فرنسية لتونس مثلما ذكرت صحيفة "لوفيغارو' الفرنسية مضيفا ان الموضوع سيكون محل نقاش خلال زيارة رئيس الجمهورية في الايام القادمة و ان كل الخيارات ممكنة ومتاحة اما دعم مادي او عسكري مؤكدا انه لم يتم الحسم في الموضوع و ان هناك استعدادا ايضا من السعودية والكويت كي تقدم المساعدة لمواجهة الارهاب في انتظار ان تحدد تونس طلباتها. كما أكدت رئاسة الجمهورية يوم الثلاثاء 31 مارس أن الرئيس التونسي يؤدي يومي 7 و8 أفريل زيارة رسمية الى باريس. ومن المتوقع ان يكون الملف الأمني حاضرا بقوة، وستكون هناك مفاوضات لشراء معدات عسكرية. و الغريبٍ في الامر و ان مجلة Leaders بتاريخ 1 افريل أصدرت مقتطفات من برنامج زيارة رئيس الجمهورية الى باريس بدون ذكر اي جلسة عمل و إمضاء اي اتفاقية بين البلدين و قدمت الزيارة مليئة بمقابلات و تكريم يحظيان بكل البروتوكولات الرسمية. هكذا يتواصل التعتيم الإعلامي في بلادنا حول مسائل مصيرية. تطرح هذه المسالة عدة تساؤلات تخص شفافية القرارات و الحوكمة الرشيدة و حق التونسيين في إعلامهم بكل ما من شانه يقرر مصيرهم. - لماذا طغى الجانب السري على هذه المفاوضات التي لم يعلن على فحواها؟ هل نبقى معشر التونسيين نرصد الصحف الاجنبية للاطلاع على مسائل تهم مصير بلادنا ؟ - هل ان مثل هذه الاتفاقات لا تعرض على المجلس التشريعي لمناقشتها و الفض فيها؟ - من الذي قرر و اختار هذا الاعداد لمخطط ثلاثي يجمع بين فرنسا و الامارات العربية و تونس و الذي سيسمح لتونس بشراء أسلحة ومعدات عسكرية فرنسية ممولة من قبل الاماراتيين لدعم الجهاز الأمني لتونس التي يتهددها الإرهاب. و نحن نعلم العلاقات الوطيدة التي تجمع رئيس الجمهرية التونسية بدولة الامارات العربية. فهل لرئيس الجمهورية لوحده الصلوحية لأخذ مثل هذه القرارات بدون مناقشتها من قبل المجلس التشريعي او الحكومة ؟ و الجدير بالذكر ان مثل هذه الصفقة التي تتمثل في بيع أسلحة فرنسية الى بلدان عربية لمجابهة الارهاب أبرمت أخيرا و بصفة اهم ماديا مع مصر بعد ضرب هذه الاخيرة لمواقع داعشية في ليبيا و كانت صفقة مكلفة تبنت تمويلها دولة الامارات العربية و استبشرت فرنسا رسميا بهذه الصفقة التي سمحت لها ببيع أسلحة باهضة الثمن لم تقدر شركة داسو Dassault منذ سنوات على بيعها خاصة و ان التمويل مضمونا من قبل بلدان pétrodollars. هذه الرهانات الجيوستراتيجية تخدم بصفة ايجابية المصالح الاقتصادية لبعض الدول الغربية التي تتخبط في أزمات اقتصادية و تصبح مجابهة الارهاب في بلداننا فرصة للحد منها بإبرام مثل هذه الاتفاقيات. و أخيرا و ليس آخراً : شعوب تناضل منذ عقود من اجل السلام في بلدانهم و في العالم و ها نحن امام هذا الارهاب تقتني الاسلحة و ننظم قوة عربية عسكرية لمجابهته ....ثورات أردناها سلمية و بناءة لدولة القانون و المؤسسات و في بعد كل البعد مع ضجيج الاسلحة ...فالى اين هذا المنعرج الذي يضرب ما يسمى ب"الثورات العربية " و يهدد مكاسبها و يفرض عليها مصير "ثقافة العنف" و مجابهته ؟.