بعد فضيحة قصّ العلم وتوزيعه على الجهات المهمّشة، ولئن لا يختلف اثنان بأنّ الوزيرة لم تكن تقصد ذلك، إلاّ أنّها أهانت العلم والكرامة الوطنيّة وضربت بهيبة الدولة عرض الحائط. استمعت لمبرّرات الوزيرة التي في الحقيقة لا تعنيني كثيرا فهي من موقعها ذلك كان لا بدّ أن تراجع نفسها قبل أن تنطق بمثل هذه الكلمات المضحكات المبكيات. قد يخطئ الوزراء والمسؤولين، هذا أمر عادي، ولكن هنالك أخطاء من أخطاء وما نراه اليوم من هذه الحادثة أو نظيرتها التي وردت على لسان وزير الخارجيّة، والتي تحدّث فيها عن حذف كلمة جهاد من فيزا لا وجود لها بالأساس، هذه المهازل تتجاوز وصفها بالأخطاء لتصبح فضائح بأتمّ معنى الكلمة. اليوم، وزيرة السياحة أمام مهزلة تحدث في التونيسار، هذه الشركة التي تتواصل فضائحها كلّ يوم دون توقّف، نجدها الآن تتمسّك بقانون داخلي للمؤسّسة يعود إلى زمن بن علي ويتنافى مع مبادئ الدستور، في حين لا تحرّك الوزيرة ساكنا. قد نتفهّم ذلك لو كانت الشركة على ملك خواصّ، ولكن هذه مؤسّسة وطنيّة لا بدّ أن تعطي المثال في التزامها بالقوانين الدستوريّة وبمبادئ حقوق الإنسان في تونس الجديدة – تونس الديمقراطيّة، كيف تتمسّك بقانون داخلي منذ 2008 ويتحدّث مسؤوليها في الإذاعات والتلفزات بكلّ ثقة بالنفس وبنفس اللهجة التي تكلّموا بها في عهد بن علي وكأنّ الثورة لم تشملهم أو ربّما هذا الدستور الجديد الذي دفعنا ثمنه دما لا يمثّلهم. والحال أنّه كان عليهم الاعتذار من موظّفي هذه المؤسّسة الوطنيّة ومن الشعب التونسي لأنّهم لم يراجعوا قانونهم الداخلي وظلّوا متمسّكين بقانون لا يتماشى مع مبادئ الدستور. وإنّي أتساءل ما قيمة الدستور إذا تمسّكت هذه المؤسّسة أو غيرها بقوانينها الداخليّة؟! ماذا تنتظر المؤسّسات العموميّة لمراجعة قوانينها الداخلية كيّ تتماشى مع مبادئ الديمقراطيّة؟ ثمّ إذا كانت المؤسّسات العموميّة تتمسّك بقوانين تتعارض مع مبادئ الدستور، كيف يمكنك أن تقنع الخواصّ بمراجعة قوانينهم الداخلية والكل يعلم أنها كثيرة هي المؤسسات الخاصة التي ترفض تشغيل المتحجبات مثلا. تتواصل فضائح ومهازل وزراء الصيد، ثمّ يخرجون بعد ذلك بمبرّرات واهية وأحيانا مضحكة تستخفّ بالعقل التونسي، ومنذ زمن الترويكا إلى اليوم لم نر وزيرا واحد اعترف بخطئه، فقد أطلقوا كبار الإرهابيين ولازالوا يتمسّكون بصواب قراراتهم، واليوم تنتهك الكرامة الوطنية والدستور التونسي ولازالوا يبحثون عن مبرّرات.