فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    استشهاد خمسة فلسطينيين في قصف لطيران الاحتلال لمناطق وسط وجنوب غزة..#خبر_عاجل    أبطال إفريقيا: الأهلي المصري يقصي مازمبي الكونغولي .. ويتأهل إلى النهائي القاري    حالة الطقس لهذه الليلة..    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    طبيبة تونسية تفوز بجائزة أفضل بحث علمي في مسابقة أكاديمية الشّرق الأوسط للأطبّاء الشّبان    التعادل يحسم مواجهة المنتخب الوطني ونظيره الليبي    بعد دعوته الى تحويل جربة لهونغ كونغ.. مواطن يرفع قضية بالصافي سعيد    عاجل/ ايقاف مباراة الترجي وصانداونز    تسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لدى اليونسكو: آخر الاستعدادات    بنزرت: ضبط كافة الاستعدادات لإنطلاق اشغال إنجاز الجزء الثاني لجسر بنزرت الجديد مع بداية الصائفة    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    بطولة الرابطة 1 (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    البطولة الافريقية للجيدو - ميدالية فضية لعلاء الدين شلبي في وزن -73 كلغ    الرئيس المدير العام لمركز النهوض بالصادرات: واقع المبادلات التجارية بين تونس وكندا لا يزال ضعيفا وجاري العمل على تسهيل النفاذ إلى هذه السوق    أكثر من 20 ألف طالب تونسي يتابعون دراساتهم في الخارج    سيدي بوزيد: ورشة تكوينية لفائدة المكلفين بالطاقة في عدد من الإدارات والمنشآت العمومية    منظمات وجمعيات: مضمون الكتيب الذي وقع سحبه من معرض تونس الدولي للكتاب ازدراء لقانون البلاد وضرب لقيم المجتمع    الجزائر تسجل حضورها ب 25 دار نشر وأكثر من 600 عنوان في معرض تونس الدولي للكتاب    المؤرخ الهادي التيمومي في ندوة بمعرض تونس الدولي للكتاب : هناك من يعطي دروسا في التاريخ وهو لم يدرسه مطلقا    وقفة احتجاجية لعدد من أصحاب "تاكسي موتور" للمطالبة بوضع قانون ينظم المهنة ويساعد على القيام بمهامهم دون التعرض الى خطايا مالية    القضاء التركي يصدر حكمه في حق منفّذة تفجير اسطنبول عام 2022    افتتاح المداولات 31 لطب الأسنان تحت شعار طب الأسنان المتقدم من البحث إلى التطبيق    وزارة التجارة تقرّر التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    تضم فتيات قاصرات: تفكيك شبكة دعارة تنشط بتونس الكبرى    منوبة: الاحتفاظ بصاحب مستودع عشوائي من أجل الاحتكار والمضاربة    أحدهم حالته خطيرة: 7 جرحى في حادث مرور بالكاف    يلاحق زوجته داخل محل حلاقة ويشوه وجهها    عاجل/ إصابة وزير الاحتلال بن غفير بجروح بعد انقلاب سيارته    القلعة الصغرى : الإحتفاظ بمروج مخدرات    رقم قياسي جديد ينتظر الترجي في صورة الفوز على صن داونز    معتز العزايزة ضمن قائمة '' 100 شخصية الأكثر تأثيراً لعام 2024''    نابل: الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    هام/ ترسيم هؤولاء الأعوان الوقتيين بهذه الولايات..    تقلص العجز التجاري الشهري    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    13 قتيلا و354 مصابا في حوادث مختلفة خلال ال24 ساعة الماضية    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    فريق عربي يحصد جائزة دولية للأمن السيبراني    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    وزارة المرأة : 1780 إطارا استفادوا من الدّورات التّكوينيّة في الاسعافات الأولية    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    "تيك توك" تفضل الإغلاق في أميركا إذا فشلت الخيارات القانونية    الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة الأولى إياب لمرحلة "بلاي آوت"    تنزانيا.. مقتل 155 شخصا في فيضانات ناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمعية الاستشراف والتنمية بالاشتراك مع جريدة الخبير:
نشر في الخبير يوم 16 - 04 - 2012


واجب الذاكرة الوطنية ومسار العدالة الانتقالية...
الدكتور سالم الأبيض
فتح دهاليز وزارة الداخلية هي عملية طمس للتاريخ أكثر منها إعادة اعتبار لضحايا الاستبداد
الأستاذ مبروك كورشيد
جثث ضحايا من اليوسفيين لم توارى الثراء بعد ومازالت ملقاة في جبال جندوبة وتطاوين
عقدت جمعية الاستشراف ولتنمية بالاشتراك مع جريدة الخبير ندوة بتونس العاصمة حول واجب الذاكرة الوطنية ومسار العدالة الانتقالية والضمانات الدستورية في بناء الجمهورية الثانية بحضور وزير التربية السيد عبد اللطيف عبيد والوزير المعتمد لدى الوزير الأول والمكلف بالعلاقات مع المجلس التأسيسي السيد عبد الرزاق بالإضافة الى أعضاء الحكومة ومن المجلس الوطني التأسيسي وبمشاركة عدد من الأحزاب والمجتمع المدني وبإشراف السيد محمود بالسرور رئيس الجمعية.
السيد عبد الرزاق الكيلاني الوزير المعتمد لدى الوزير الأول المكلف بالعلاقات مع المجلس التأسيسي
أكد الدكتور عبد الرزاق الكيلاني الوزير المعتمد لدى الوزير الأول المكلف بالعلاقات مع المجلس التأسيسي ضرورة تكريس مبادئ الحرية والكرامة والعدالة وتعزيز حظوظ النجاح والانتقال الديمقراطي وذلك ما يتطلب تركيز مفهوم دولة القانون الذي يضمن خضوع الجميع من أشخاص ومؤسسات بما في ذلك الدولة إلى القوانين التي تحمي الحقوق والحريات الأساسية ثم تجسيم إرادة القطع مع الماضي وبناء مستقبل لا تتكرر فيه الانتهاكات الماضية ثم استعادة الثقة في المؤسسات الوطنية وبناء إستراتيجية تلبي احتياجات الفئات الرئيسية المعنية وهم ضحايا الانتهاكات .
وتساءل السيد عبد الرزاق الكيلاني عن تحقيق هذه الأهداف المتنوعة مشيرا الى أنه لا بد في البداية من الرجوع إلى مفهوم العدالة الانتقالية وتعريفها ويعني بذلك المصطلح المعروف العمليات والآليات الكفيلة بتمكين مجتمع معين من فهم تجاوزات الماضي ومساءلة مرتكبيها عنها وإنصاف الضحايا بما يحقق العدالة والمصالحة ولبلوغ هذا الهدف لابد من وضع إستراتيجية متكاملة وناجعة تكون قائمة على عدة أسس تتمثل ضرورة في تتبع الجناة وكشف الحقائق حول الانتهاكات السابقة ثم الإصلاحات القضائية الأمنية والإعلامية ومجابهة الفساد المادي والإداري ثم التعويض وجبر الضرر ثم المصالحة فالمطلوب إذن هو بناء إستراتيجية متكاملة تقوم على آليات متكاملة الهدف هو فهم ديناميكية التجاوزات والانتهاكات لمحاسبة المسؤولين والتعويض للضحايا وهذا يقتضي وقتا طويلا وبناء مؤسسات دائمة ومستقرة تكون حصنا يمنع تكرار ما حدث في الماضي لذلك يمثل الدستور الجديد الذي ينكب على إعداده المجلس الوطني التأسيسي فرصة أولى للعمل على تعزيز ترسانة الحقوق والحريات الأساسية في الدستور كما وكيف بما يكفل تجاوز النقائص التي كان يشكو منها دستور 1959 وذلك بتطوير منظومة الحقوق والحريات السياسية التي تناولها الدستور القديم بكثير من الاقتضاب بالاعتماد على عبارات فضفاضة تدعيم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية مثل الحق في العمل اللائق والحق في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وكذلك الثقافية وهو ما يقتضي تعزيز منظومة حقوق من الجيل الثالث المتمثلة في الحقوق الثقافية والبيئية ، ثانيا وضع الأسس التي تضمن التزاوج بين أهداف الثورة ومقتضيات تحقيق العدالة الانتقالية على أساس للمبادئ التالية :
الكشف عن الحقائق والمحاسبة باعتبار أن أهم أداة لتحقيق العدالة والمصالحة وطي صفحة الماضي يكمن في وضع أدوات لكشف الانتهاكات السابقة وفهم ديناميكية الاستبداد والفساد حتى يمكن تفادي تكرار ما حدث في الماضي ولا يمكن أن يحدث هذا الأمر إذا ما لم تصاحب عملية الكشف للحقيقة اصلاحات واسعة وهيكلية تهم الدوائر التي كلفت وترتكز عليها منظومة الاستبداد والفساد فالمصالحة هي كما يقال الأساس الأخلاقي للانتقال من نظام الاستبداد إلى الديمقراطية وحكم القانون لذلك يتوجب تضمين الدستور الحق في معرفة الحقيقة كحق من الحقوق الأساسية وهو ما ستتمخض عنه مراجعة عديد القوانين بما يسمح لهيئات الحقيقة بفتح السجلات والاستماع إلى ضحايا الانتهاكات والتجاوزات ثم تأكيد ضرورة ضمان الدستور للسلامة الجسدية للانسان ضد الانتهاكات والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة وتجريم التعذيب ثم السمو بالواجب المحمول على كل شخص ساهم في التكاليف العامة ودفع الضرائب في حسن التصرف في المال العام والمحافظة عليه من التبديد إلى مرتبة تتساوى مع واجب الدفاع عن حرمة التراث الوطني ثم إقرار مبدأ جديد وتضمينه في الدستور وهو واجب استبعاد كل من تثبت تورطه في انتهاكات لحقوق الإنسان من الحياة العامة وحرمانه من الحق في الترشح للانتخابات.
اما بالنسبة للجان تقصي الحقيقة والهيئات المشابهة فقد أشار السيد الكيلاني إلى انها لجان وقتية ومهمتها بالأساس هي كشف الحقائق وتوثيق التجاوزات وتتمتع عادة بسلطات واسعة في النفاذ إلى سجلات للتحقيق وتكون عادة متكونة من خبراء متخصصين في الاستماع والتحقيق والتقصي ومشهود لهم بالنزاهة يقع اختيارهم بمشاركة المجتمع المدني وضرورة طرح سؤال حول ضرورة تضمينها في الدستور باعتبارها هيئات وقتية مهمتها كشف الحقائق حول التجاوزات الماضية وبالتالي ليست دائمة لان الديمومة تخص الحق في معرفة الحقيقة وضمان عدم تكرار ذلك في المستقبل عن طريق بناء مؤسسات قوية ودائمة تقوم على احترام حقوق الانسان والمواطن لذلك يمكن الاكتفاء بإرساء هذه الهيئات بمقتضى القانون والذي يمكن أن يكون قانونا أساسيا مبنيا على مبادئ الحق الجديد وهو الحق في معرفة الحقيقة أما الأمر الثاني فيتمثل في بناء مؤسسات لا يمكن ان يكتب للنجاح ان لم يصاحبها إصلاح مؤسساتي للمنظومات التي كانت سببا في العديد من الانتهاكات وتعمل تحت منظومة الاستبداد او التي كانت تعمل خدمة لتحقيق أغراضها والتي ما زالت إلى اليوم غير قادرة على كسب ثقة الجمهور لذلك لا مجال للقطع مع الماضي وبناء المستقبل ، اذا لم تقع مراجعة حقيقية وجذرية لهذه المؤسسات خاصة وأن البعض منها بدأ مؤخرا في التهرب من مسؤوليته التاريخية وفي التمسك باستقلالية مشبوهة وأعني ما اعني، هذه المنظومات هي المنظومات القضائية والأمنية والسجنية والإعلامية وهي تحتاج الى مراجعة هيكلية في اتجاهين، الاتجاه الأول فتح سجلات الماضي للوقوف على مسؤولية من قام بالتجاوزات وكشف هوية المسؤولين عنها وإبعادهم في إطار محاكمات عادلة وعلى أساس ما تكشف عنه لجان تقصي الحقائق مع ضرورة التحلي بروح الإصلاح والابتعاد عن التشفي والتطهير الجماعي الأعمى وإبعاد المسؤولين السياسيين الذين ريّنوا الفساد والاضطهاد للمستبدين كذلك ومن جهة أخرى العمل على تغيير العقليات التي بني عليها الاضطهاد والخضوع إلى رغبات الحاكم المستبد في اتجاه عقليات جديدة تحترم حقوق المواطن وذلك يحتاج إلى جهد كبير وطويل يقوم على استبعاد من أخطأ ومحاسبته وكذلك على تأهيل وتدريس جيل جديد على أسس تقوم على احترم الكرامة الإنسانية والحقوق الأساسية ولكن الخطر اليوم في اعتقادنا هو الإسراع باستبعاد بعض الأشخاص ممن عرفوا بتورطهم دون الخضوع إلى محاكمة عادلة ودون المرور بمرحلة كشف الحقائق ثم الإعلان عن استقلالية المنظومات وان ذلك يقوم على فهم بسيط للوضع الحقيقي وينطوي على إرادة طيّ صفحة الماضي دون الوقوف الحقيقي على الآليات التي كانت تعمل بها المنظومات السابقة لذلك يتوجب إصلاح هذه المؤسسات وكذلك بناء مؤسسات رقابية جديدة تمنع تكرار ما حدث في الماضي لذلك تعتبر المحاسبة المبنية على مقتضيات المحاكمة العادلة المنهج الصحيح الذي تبدأ منه عملية إعادة البناء وهذا يحتاج إلى تضمين هذا الحق في الدستور بكل مقتضياته كمبدإ حق الدفاع والحق في قضاء كفء ونزيه ومستقل ومحايد قادر على البت في القضايا بشكل سريع وكذلك للأمر بالنسبة لمبدأ التقاضي على درجة تتماشى مع كل أصناف النزاعات ثم كذلك بناء مؤسسات جديدة مهمتها رقابية وتضمن الحقوق وتمنع تكرار أخطاء الماضي مع توفير الأدوات القانونية والإجرائية كذلك الشأن بالنسبة للمحكمة الدستورية العليا التي يجب أن ينص عليها الدستور ويعطيها اختصاصا عاما وذلك بفرض العرض الوجوبي إلى جانب تجريم الاعتداء على المال العام والرشوة في الدستور حيث وجب إقرار هيئات دستورية لحمايته وتتبع المجرم وذلك في إطار إصلاح منظومة القضاء المالي وكذلك الهيئات المكلفة بمسائل الفساد، وتدعيم منظومة الحقوق عن طريق إحداث هيئة دستورية عليا مهمتها حماية الحقوق والحريات الأساسية ولها سلطات وواسعة للتدخل لدى كل السلط وكل الهيئات الإدارية لحماية الحقوق والحريات الأساسية . اما النقطة الثالثة والتي عرج عليها السيد الكيلاني تكسي أهمية كبرى وتهتم بجبر الأضرار كالتعويض ، باعتبار ان جبر الأضرار والتعويض هما من أهم الأدوات في إعادة الثقة في نفوس الضحايا خاصة عند ما يكون خاضعا لكل تتبعات جزائية وأحكام قضائية فهو من أهم الوسائل التي تعبر عن الرغبة في استعادة الثقة والمضي في إعادة البناء كما انه يعزز الشعور بالعدالة بالنسبة للضحايا لذلك فهو من أهم الادوات التي تحقق أحد أهداف الثورة وهو العدالة لذلك يجب أن يندرج التعويض في إطار إستراتيجية متكاملة وشاملة حتى لا يفهم على انه وسيلة لإسكات الضحايا بمقابل مادي والتنازل عن حقهم في العدالة لذلك يجب أن يكون الهدف هو طمأنة الضحايا لان التعويض هو أحد حقوقهم إضافة الى إدراج الحق في التعويض عن الانتهاكات السابقة كحق من الحقوق الأساسية إضافة إلى هذا إقرار مسؤولية الدولة عن الانتهاكات السابقة لأن هنالك مبدأ اسمه مبدأ تواصل الدولة اي انه يجب على الحكومة الحالية ان تقرر بمسؤولية الدولة على ادارج هذا المبدإ في توطئة الدستور ليكون داعما للحق في التعويض عن الانتهاكات باعتبار ان الرأي العام في انتظار كل الحلول لهذه الإشكاليات حتى نحافظ على أهداف ثورتنا المحيدة.
السيد عبد اللطيف عبيد وزير التربية
أكد السيد عبد اللطيف عبيد وزير التربية على انه وفي إطار ندوة صحفية ستعقد يوم 19 من شهر أفريل الحالي وفي إطار فتح الأغلاق التي كبلت مقر الهيئة العلمية في جامع الزيتونة المعمور باعتباره مؤسسة علمية ومؤسسة دينية ، إنما هو حديث يقود إلى البحث في أعماق الذاكرة وكما يقول بعض الفلاسفة وبعض العلماء فالذاكرة هي مستودع لأفكارنا ولتصوراتنا وأحلامنا التي تحققت ولأحلامنا التي أجلت وهي شرط في الحياة لا غنى عنه وفي الإنسانية الفاعلية وهي جزء إنساني بحت لأنه كان هناك ميل إلى مركزة الذاكرة ولكن اليوم تعتبر الذاكرة شأنا نفسيا فرديا وبالنسبة للعديد من المجتمعات فإن إعمال الذاكرة يمكن من تحقيق الحدث فعلا مرة أخرى وهذا ما نسعى إليه شعوريا أو لاشعوريا. عندما يريد الإنسان أن بعيد إلى الحياة شيئا مضى مثل محاولتنا إعادة جامع الزيتونة والذي إن عاد يعود في الحقيقة بشكل آخر وبصيغة أخرى ولا يمكن أن يعود كما كان شرط إعادته ليست أقل قيمة مما كان عليه في ما مضى و نهتم اليوم بما مضى أي بفترة الفتنة أو الصراع بين بورقيبة وبن يوسف او ما يسمى بالحرب الأهلية وما إلى غير ذلك فالحقيقة وحسب رأي السيد عبد اللطيف فإن التعامل مع الذاكرة إنما هو تعامل مع ذاكرة تريد أن تتعافى وان تشفى من علل وأمراض كثيرة وظلم كبير سلط عليها.
وقسم السيد عبيد الذاكرة إلى نوعين الذاكرة البعيدة ذاكرة الشعوب والمجتمعات والنوع الثاني ألا وهو الذاكرة القريبة والقريبة جدا منا. وبالنسبة إلى بعض المؤرخين أكد السيد عبيد على ان التاريخ ينبغي أن لا يشتمل فقط على الماضي البعيد بل على زمن في الذاكرة رجال مازالوا أحياء وهذا ما تبناه العديد من المؤرخين البريطانيين بداية من القرن 19 كما أشار كذلك إلى أن الذاكرة الجمعية ، يمكن أن تدرس بالخصوص من خلال المؤسسات الثقافية والمؤسسات التربوية والاقتصادية والنقابية والسياسية إضافة إلى الذاكرة الفردية .
واعتبر أن الذاكرة هذه الأيام وبالنسبة للدارسين مهددة بالتسليع لأنها كثيرا ما تصبح سلعة يباع بها ويشتري ويشتعل بطريقة أو بأخرى وفي كثير من الأحيان تفقد الذاكرة كثيرا من موضوعيتها وكثيرا من استثمارها للموضوع أما في مجال البحث أو في ما يخص كتابة التاريخ (الصحيح) إذ كان هناك تاريخ صحيح ، وبالنسبة للعقود الأخيرة وبالأخص بعد الحرب العالمية الأولى وبصورة أخص منذ الحرب العالمية الثانية فقد بين السيد عبيد ان هناك إيمانا بالذاكرات الشعبية خاصة لدى المضطهدين بهدف التحرر الاجتماعي وهو ما وصفه بالذاكرة المرضوضة للتجارب التاريخية الجماعية والذاكرة وإعمالها أو استردادها في هذه الحالة يؤدي وظيفة تاريخية ووظيفة قانونية علاجية ولهذا السبب أكد السيد عبد الطيف عبيد انه سيتم العمل على المحاسبة والمساءلة والمصالحة في الأخير.
ولكن في كثير من الأحيان ما تظهر ثقافات طائفية عن طوائف بالمعنى العرقي للكلمة أو عن فئات اجتماعية أو حتى عن مجتمعات محلية صغيرة تنتمي إلى بعض المناطق وبعض الفئات الاجتماعية والتي تلح في بعض الجوانب بذاكرتها هي وبما تعتبر انه قد سلط عليها العديد من المظالم وهذا قد يؤدي في بعض الأحيان إلى انشقاقات فيصبح هذا الاستبداد للذاكرة بمثابة شرخ قد يهدد المجتمع وقد يهدد الوحدة الوطنية إن لم يسارع إلى المصالحة على أسس سليمة بما يجعلها مصالحة حقيقية.
وأضاف السيد عبيد بالنسبة لتونس بصفته مسؤول في وزارة التربية فهو يرى لأنه لابد أن يوضع بين أيدي التلامذة والطلبة وعموم المثقفين وليس المتخصصين جدا في التاريخ والثقافة والفلسفة وغيرها ، مراجع تكون الأقرب الى الحقيقة لوقائع عاشتها البلاد وكثيرا ما يسمعون عنها في وسائل الإعلام أو في المجالس أو حتى في المدارس وفي الكتب مضيفا انه ليس من المعقول أن نترك بعض الكتب دون تأريخ ودون تدوين كما أشار الوزير إلى انه تمت دعوته وبعض من أفراد الحكومة من طرف رئيس الجمهورية إلى حضور محاضرة ألقاها الأستاذ هشام بوجعيد حول الذاكرة والتاريخ وكانت مناسبة للنقاش تساءل خلالها رئيس الجمهورية عن إمكانية كتابة تاريخ تونس معاصر وتدوينه وكانت مناسبة أبدى خلالها السيد عبيد رأيه حول أهمية كتابة التاريخ ووجوبها واذا لم نكتبه بأنفسنا وبطريقة صحيحة دون الانحياز إلى جهة فسيأتي غيرنا ويكتبه بطريقته الخاصة مثلما فعل بورقيبة وغيره لأنه حاول أن يكتب التاريخ بالطريقة التي يريدها مضيفا انه ومنذ الاستقلال كان يجب ان يكون بين أيدي المثقفين والدارسين من التلامذة والطلاب مرجعا أو وثيقة أو كتابا عن تاريخ تونس كالحقبة اليوسفية وعن جامع الزيتونة وكيف تم القضاء عليه وعلى الأحباس وكيف تم حلها والسلبيات والايجابيات التي ترتبت عن ذلك. وعن إصلاح التعليم وما تم في بلادنا في هذا المجال وأيضا كيف انتهى عهد الزعيم الحبيب بورقيبة وعن حزب الاشتراكي الدستوري وكيف كان تطوره وكيف تكون الجهاز البولوسي القمعي الذي أضرّ البلاد أيما ضرر في الفترات الماضية، أكد الوزير أن الكتابة في مثل هذه المواضيع لا يعجز المؤرخين ولا المثقفين وبذلك نستطيع ان نكتب شيئا دقيقا يكون حافزا لكتابة جيدة لتاريخ تونس المعاصرة .
ولم ينس السيد عبد اللطيف عبيد الإشارة إلى ان التاريخ المدرسي وبربطه بالثورة ، لابد من المرور بإحداث الفساد والاستبداد وتراكمه على المستوى السياسي والاقتصادي والنقابي والأدبي والحقوقي والطلابي والصحافي .
وفي هذا السياق أشار إلى انه وقع الاتفاق على عقد ندوة قبل نهاية شهر ماي المقبل حول كيفية كتابة تاريخ مدرسي والشروط والضوابط المنهجية والموضوعية التي يمكن أن تساهم في بناء ناشئة ومثقفين يعتمدون بالأساس على تاريخ يكون أقرب ما يمكن إلى العدل والإنصاف والموضوعية العلمية والذي يبقى في نهاية المطاف أمرا صعب المنال تقريبا.
الأستاذ مبروك كورشيد
أكد السيد مبروك كورشيد أن التحدث عن الحركة اليوسفية هو نوع من التجول على تخوم منطقيين صعبتين اي السياسة والتاريخ وأشار أن الحديث عن الفترة اليوسفية هو بالنسبة لبعض الناس لا يجلب فائدة باعتبار وأنه حسب رأيهم هو عبارة عن نبش في القبور وشيئا أصبح من الماضي ولكن بالنسبة للسيد كورشيد فالأمر مختلف باعتبار أن بناء جمهورية جديدة أمر يتطلب أن نقف وأن ننظر إلى الماضي لتحقيق العدالة وأن نطرح موضوع إنصاف المناضلين والذين كانوا وراء استقلال تونس.
وإنصافا للثورة لا يمكن للشعب والحكومة أن يمضيا إلى الأمام وأن يوليا ظهرهما لعذابات الماضي باعتبار أننا أنجزنا ثورة ولكن يجب أن نقف وقفة منصفين.
ماذا نعني بإنصاف الحركة اليوسفية ؟سؤال طرحه السيد مبروك كورشيد ليجيب عنه وفق منظوره الخاص معتبر ان الحركة اليوسفية هي كل ذلك العمل الذي بدأه صالح بن يوسف والذي لم ينته سنة بتاريخ اغتياله ومن الضروري الوقوف عند معنى الإنصاف التاريخي وهو الوقوف على حقيقة ما وقع للحركة اليوسفية ومناضليها وطبيعة العذابات التي تعرضت لها هذه الحركة في عهد بورقيبة او العهد الذي تلاه وقد صنفها السيد كور تشيد إلى 5 أنواع وهي القتل المباشر والتعذيب ، والنفي في الأرض والتجويع وتزوير الذاكرة ، واعتبر السيد كورشي ان عذابات القتل في ما سماه بالجمهورية الأولى تمثلت في القتل بأنواع مختلفة مثل القتل المعلوم أي بواسطة أحكام كانت بالمئات وقد نفذت جل تلك الإحكام ولم تحصل بعض العائلات إلى الآن على رفات بعض الشهداء باعتبار هذه العائلات تتمكن الى اليوم من معرفة الأماكن التي ألقيت بها جثثهم في جبال جندوبة وتطاوين دون ان توارى التراب كما أن هناك عمليات قتل منظمة وهي المتمثلة في القتل عن طريق الاغتيال باللجوء إلى عصابات مثل عصابة حسن بن عبد العزيز وعصابة عصام العيادي إضافة إلى القتل الذي مارسه الاستعمار الفرنسي وبقتله لليوسفين بواسطة الطائرات والأغرب من كل ذلك هو أن من قتلوا أثناء تلك الفترة وحرموا من أبسط حقوقهم ألا وهو الحق في الدفن إضافة إلى نوع آخر من القتل وهو القتل والدفن الجماعي مثل ما حدث في منطقة سوق الأربعاء (جندوبة) إضافة إلى جرائم التعذيب في صفوف زعماء الحرة اليوسفية وهي جرائم ضدّ الإنسانية وتمثلت في المنع من النوم والأكل ورؤية النور لأكثر من 6 سنوات مثل ما وقع لسجناء برج الرومي وقد طالت مثل هذه الأعمال حتى بعض الموالين لبورقيبة مثل حسن العيادي كما ذكر السيد كورشيد أنواع أخرى من العذبات كالنفي في الأرض الذي كان من أفضع ما ارتكبه بورقيبة في حق اليوسفية ونتيجة لنفيه لهم تكونت أحياء في ليبيا تضمهم ولم يحصلوا إلى حد الآن على جنسياتهم وهناك نوع آخر من النفي ألا وهو النفي من الأرض إلا أنه داخل الأرض ونعني بذلك داخل تونس فبورقيبة قام بنفي كل من ينتمي إلى صالح بن يوسف في أقصى جنوب البلاد وعاقبهم بالتجويع وعدم العودة إلى مساقط رؤوسهم .
وأضاف السيد مبروك كورشيد أن جميع الحقائق الخفية في الحقبة البورقيبية يجب أن تكشف باعتبار أن صالح بن يوسف كان رجلا حداثيا متطورا وكان سيغير مستقبل البلاد والحديث عن فضاعت الماضي له معنى خاصة في ما يتعلق بالعمليات السياسية في تلك المرحلة لذلك فالحديث عن الحركة اليوسفية في هذه المرحلة أمر ضروري واعتبر أن القول بأننا عانينا الاستعمار طوال 23 سنة هو أمر في غاية من الخطورة في حق الشعب وفي حق صالح بن يوسف ومن كان معه الذين أخرج المستعمر وناضلوا من اجل ذلك الهدف وقد شكل صالح بن يوسف وعيا سياسيا
في مرحلته ،وأمام الحركة اليوسفية وما قدمته يجب أن نعيد صياغة المستقبل ليس بالعودة إلا حقبة البورقيبية إذ هي عودة إلى ماض قاتم ومستقبل أقتم ولم يكن لها ان تكون إنصافا للثورة ولا للذين عذبوا وماتوا في تلك الفترة .
ويجب أن نشتغل على ان تونس جمهورية جديدة تعيد صياغة الماضي ولكننا لا يمكن أن نعيد صياغته في غياب بعض الحقائق التي لم يكشف عنها بعد نظرا لأن هناك أناس عذبوا ومازالوا لم يتحصلوا إلى الآن على أي تعويض لا ماديا ولا معنويا لذلك وجب رفع قضايا سياسية بدرجة أولى كما يجب رفع قضية ضد من قتل بن يوسف لان مدير الأمن آنذاك مازال حيا ويعرف الكثير عن ملف صالح بن يوسف وظروف اغتياله ولكن هناك من يراوده الطموح السياسي وهذا لا يمكن ان يحدث قبل ان تقع عملية المحاسبة والمسائلة أولا باعتبارنا على عتبة عدالة انتقالية .
السيد سالم الأبيض دكتور في علم الاجتماع
تثبيت مسار الثورة يحتاج الى حماية الذاكرة كنا في السابق نتحدث عن الذاكرة في قاعات مغلقة للنخب الفكرية واليوم أصبحنا نفكر بصوت مرتفع وهذا من كرامات الثورة التي مكنتنا من حقنا في التفكير. سأتحدث اذا عن دور الذاكرة السياسية في تحديد المسار التونسي السياسي والذاكرة لا تتوحد حول وفاق لان حقائق الأمور لفتت الأجيال وذلك وفق حقائق معينة ثم نكتشف ان كل ما لقن لهذه الأجيال فيه جزء كبير قائم على التزوير للذاكرة الفكرية والسياسية وهذه نقطة اختلاف عليها... فمنذ الاستعمار الفرنسي والى يومنا هذا ضلت الحقائق مطموسة وغير معروفة ولا تتوفر لدينا الوثائق عليها.
وفي مرحلة ثانية من التاريخ اي بعد الاستقلال وقعت شبه مصالحة وأصبح هناك نوعا من ذاكرة للشعب في تونس حيث تحدث الأرشيف عن كل القطاعات ولكن دائما بالنظر الى ما يدور في فلك سلطان الحكام.
ان ما وقع في ظل الحكومة الثانية عندما تمت زيارة وزارة الداخلية والكتابة على جدرانها من قبل أطفال... كان بمثابة تغييب الأرشيف لان القوى السياسية رسمت على الجدران. ونتمنى في هذا الصدد ان لا يقع طمس ارشيفات وزارات أخرى على غرار الداخلية في الوقت الذي من المفترض ان يقع وضع خطة للإخراج عن الأرشيفات.
ان الصراع الذي دار في الذاكرة السياسية ومنذ 1920 كان صراعا بين خطين متباينين في تاريخ تونس المعاصر والذي أسس لهما الثعالبي بالحزب الدستوري القديم وسرعان ما اثر عليه طلاب فرنسيين بقيادة بورقيبة لتأسيس حزب جديد بعدما فشل الثعالبي في عملية الإصلاح لما عاد من المقدس سنة 1937.
عندما تبلور الصراع مع ظهور لجنة الطالب وفي إطار تبادل الأدوار ظهرت الخطوط اليوسفية وعلى هذه الأرضية قام الصراع الذي تبناه بن يوسف عندما قال لبورقيبة انه مقتنع بان بورقيبة قد خان الثورة الجزائرية.
وقد كان بورقيبة يقول المغرب العربي بالإسلام كان وبالسلام سيبقى وبعد رفضه لبن يوسف أصبح الصراع غير شخصي بل صراع مشاريع.
إننا وعندما نقرأ التاريخ يستقر الموقف لدينا على ان هذه الدولة فقدت شرعيتها منذ 1966 والصراع حقيقي هو كيف سنرجع الخط الوطني وان كان لهذا البلد الحق في ان يعيش استقلالا حقيقيا.
فالتونسي كان يخجل ان يقول انا تونسي منذ 1950 الى 2011 حتى اتت الثورة لتصحح هذا الوضع المنخرم الذي شاركت فيه عديد القوى والتي انبثقت على تقسيم العادل للثروات بقطع النظر عن من اتى بها ومن ساهم فيها.
السيد محمود بالسرور:رئيس الجمعية
هناك نزعة من الاعتزاز والفخر لدي الشعوب التي قاومت الهيمنة والاستعمار وانعدام الديمقراطية وانتهاكات حقوق الإنسان و أفضل ما يذكر من ذلك هو ذكر السنوات الأولى من الاستقلال. وبناء الدولة الوطنية هو مبعث للفخر في نفوسنا لما كابده آباؤنا وأجدادنا من تضحيات جسام في سبيل ذلك.
إلا أننا اكتشفنا بعد ذلك ما رافق هذا الاستقلال من مساس بحقوق التونسي و اعتداء على دستور 1959 وهو ما جعل تاريخنا المعاصر مبني على الأحقاد و المظالم و الحسابات الضيقة و أغراض سياسوية ونرجسية مفرطة كان الوطن في غنى عنها
قامت الثورة في تونس في عديد الجهات المهمشة والتي كانت تعاني من انعدام الحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور وفي الإعلان الدولي لحقوق الإنسان والميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية إلا أننا شاهدنا بعد مرور سنة من الثورة المجيدة بروز العديد من المفارقات أولها كان أحقاد الرموز الحزبية والمفارقة الثانية تمثلت في مطالبة جميع القوي السياسية والنقابية و الثقافية بضرورة التصدي لقوى الرذّة و الرجعية ولكن بعض مظاهر الاستبداد باقية وقد وضعت يدها و تحالفت مع قوى داخلية وخارجية و المفارقة الثالثة هي أن جل القيادات السياسية من أحزاب وجمعيات و مجتمع مدني تطالب اليوم بالقطع مع الاستبداد و من الفرو قات أن الجميع يطالب اليوم بالمصالحة قبل المحاسبة في حين هناك من الضحايا من تعرض إلى أبشع أشكال التعذيب
السيد غازي الجريبي :رئيس الهيئة العليا للنقابة
قوام العدالة الانتقالية هي العدالة وهي مفهوم وظيفي وليس عضوي أو هيكلي كما هو حال العدالة التقليدية لذلك تحتاج هذه الدولة و هذه العدالة إلى وقت حتى تتحدد الأهداف المرسومة لها .سنتحاور إذا حول مفهوم هذه العدالة الانتقالية ، فإذا قارنا بين الثورات نجد أن لكل ثورة خصوصياتها والثورة التونسية يمكن اعتبارها نموذجية وهو ما يستدعي أن نحدد مضمون هذه العدالة الانتقالية و الواقع التونسي بكل خصوصياته سيفرز منوالا ربما تستأنس به دول أخرى .
في عبارة العدالة الانتقالية هناك جزأين و بالنسبة لعبارة الانتقالية لا يمكننا إن نجزئها لان كل الضحايا هم في نفس المستوى ولا يمكن التفريق أو التدرج بين الضحايا أو الأحقاب الزمنية و المساءلة تكون حسب رأيي في مرحلة ثانية بعد كشف الحقيقة رغم أن البعض يذهب إلى القول أننا ربما لن نستطيع نفض الغبار على الخروقات الأخيرة التي عرفتها تونس و ذلك حسب نوعية المخالفات . والعدالة الانتقالية هي التي ستمكننا من الانتقال بهذا المجتمع إلى مجتمع متماسك خاصة بالنسبة إلى الجيل القادم و هو الهدف الحقيقي من هذه العدالة الانتقالية وهنا أشير كتوضيح أن المساءلة لا تنفي المحاسبة والمساءلة في المادة المدنية تشمل التعويض و المحاسبة الجزائية و بالتالي المساءلة اشمل ولا تنفي المحاسبة
السيد منذر جغام ناشط سياسي
هل نحتاج في دولة الديمقراطية الى الاستثمار الرأسمالي واحتكاره ؟ يجب ان نذكر بداية أن المثقف التونسي كان دائما في صراع مع القمع السياسي والديكتاتورية انطلقت في الحقيقة في الحقبة البورقيبية الذي نافق الجيل المؤسس للحركة الوطنية ثم أتى بن علي فنافق الجيل الذي غضب عليه بورقيبة
في تونس لطالما تخاصمنا دائما أرضا على ثروات في السماء لذلك أقول انه لا يجب على الميت إن يمسك بالحي بمعني هناك مجموعة كبيرة ممن كان ولاؤهم في ظل بن علي لليوسفية لكنهم ذهبوا بدمه للمقايضة مع بن علي وهذا الأخير الذي أسس المعهد الأعلى للحركة الوطنية استغل آنذاك الاكادميين للاستثمار في الحركة الوطنية لإغراض سياسية نفعية كما غير في أسماء شيوخ كبار عرفهم التاريخ مثل محمد صالح الحسيني ومحمد علي الحامي ...غير أن فرنسا التي تمتلك كل التفاصيل عن التاريخ التونسي لا تريد إلى حد الآن إعطائنا هذا الأرشيف فبن علي في وقت ما طلب من أحزاب ذات قومية أن تطالب بأرشيف محمد علي الحامي لإغراض سياسية وهذه الأحزاب دون ذكر أسماء عادت اليوم إلي نقاوتها لذلك لا يجوز استغلال الرصيد الوطني حزبيا بل يجب إطلاق سراح الأرشيف الوطني لان الدكتاتورية خلفت عديد الضحايا خاصة في فترة الثورة وهو ما يجب أن يعيه المنخرط في كتابة التاريخ بعيدا عن كل استغلال سياسي رخيص في سبيل منافع حزبية
السيد أسامة فرحات
نقابي وفنان وعضو في جمعية وابن المناضل الصحبي فرحات مؤسس نقابة المعلمين: أريد فقط أن أشير إلى أن هذه الجمعية تتولى بالتعاون مع جمعية سمير ديلو توثيق شهداء الثورة.
السيدة إيناس السملالي ناشطة حقوقية
تعقيبا على المداخلات أشير إلى انه من واجب الذاكرة الحديث عن المحاسبة لا عن المساءلة .والمساءلة واجبة على كل من مارس الاستبداد . فمثلا محمد الصياح وهو الذي تقلد عدة مناصب حزبية وزارية وآخرها وزارة التجهيز في الحقبة البورقيبية هو مزور الذاكرة الوطنية ...وأيضا الباجي قايد السبسي وكل التجاوزات التي ارتكبها، لذلك فإن المحاسبة واردة بل ضرورية من أجل بناء البلاد فنحن نحتاج مواقف ثورية لا تصحيحية لبناء دولة الثورة .
السيد سمير الفرياني رجل امن
"أتكلم اليوم لأنني ملكت الحرية ، لا أخاف ممن بريد تركيعي بتجويعي "
أيام قليلة بعد الثورة عمد بعض المسؤولين من الجهة الأمنية إلى إعدام ملفات وكنت شاهد عيان على ذلك لخدمة أغراض شخصية والتستر على جرائم بن علي ، وقد ثبت مؤخرا أمام القضاء العسكري أن بن علي كان على علاقة بجهاز الموساد. وعندما كشفت قبل ذلك هذه الحقيقة عجّل الحبيب الصيد آنذاك باتهامي بنشر الأخبار الزائفة واتهمت بالاعتداء على أمن الدولة الخارجي..
وفي إطار المساءلة أود القول أن هناك من يريد القفز على هذه المرحلة ووزير الداخلية في عهد السبسي لم يكن يقوم بمسؤوليته ومهامه وأنا أوجّه الاتهام إلى حكومة السبسي. فقد تم الإعلان على حرية الإطلاع على الوثائق ما عدا الوثائق الأمنية وصياغة مثل هذا المشروع في هذا الوقت كان لتغيير حقائق بن علي وحسب رأي المنظومة الأمنية هي وهم والعدالة الانتقالية بنيت على أحداث الاعتداءات على غرار أحداث 9 أفريل الأخيرة.
والحبيب الصيد الذي سعى إلى اتهامي هذا الشخص مازال يتقلد المناصب إلى حد الآن وهو مدير عام ،والذي يتحمل مع الباجي قائد السبسي كل المسؤولية في الفساد الذي حصل. من هنا أصبح لزاما النظر في تطهير وزارة الداخلية من كل رموز التجاوزات .
السيد عمير عليا الصائر مؤرخ
عاشت البلاد منذ 5619 استبدادا تطور شيئا فشيئا. وهناك عديد التساؤلات حول بداية دولة الاستبداد في تونس. وهذا يحيلنا إلى موضوع الذاكرة يجب أن نؤكد أن ذاكرتنا منقوصة نظرا إلى أن الطابع الاستبدادي للدولة صادر التاريخ وعملية البحث عن الشرعية التاريخية جعلت السياسة العامة تبحث في تكوين الذاكرة وهو ما أدى إلى إفساد الذاكرة لذلك تمثل مطلبا أساسيا في إطار العدالة الانتقالية ويجب أن يتعلم الشعب التونسي تاريخه من جديد دون قلب للموازين .لان معرفة الحقيقة ضرورية لفهم الحاضر وبناء المستقبل وفي تونس لدينا إشكال في الأرشيف حيث اعتمد جل المؤرخين على الأرشيف الفرنسي هذا إضافة إلى انه وأثناء الثورة هناك نسبة كبيرة من الأرشيف التي وقع إتلافه وحرقه و واليوم أصبح المجتمع المدني يطالب بفتح الأرشيف لاعتماده في بناء التاريخ حيث لا يمكن أن نبني دولة مؤسسات دون معرفة بالتاريخ خاصة تاريخ الاستبداد والتاريخ التونسي ظلم في كتابته حيث نجد جزءا من المنسيين في عدد من الكتب المدرسية مثلا ونذكر أيضا انه في تاريخ تونس لم يكن الحبيب بورقيبة الزعيم الأوحد بل كانت هناك نقابات لعبت دورا أساسيا مثل محمد علي الحامي وبلقاسم القناوي،و فرحات حشاد ...إضافة إلى الطلبة الزيتونيين الذين لم يقتصر دورهم على تعليم اللغة ولكن كانوا وطنيين ،إذا يجب أن نوثق حق التونسيين في نضالاتهم .ومن المنسيين في التاريخ أيضا والمحرومين ليس فقط الجهات الداخلية ولكن أبناء الأرياف أيضا فعندما نعود للتاريخ نجد العدد الرسمي للشهداء في تونس بلغ حوالي 5000 شهيد كان جلهم من أبناء الأرياف لأن المعارك الأولى كانت من طرف أبناء العروش . وفي تونس كان هناك أبطال لا يعرفهم الجميع على غرار محمد صالح الأطرش مقاوم في جبال خمير وبلقاسم اليازمي والعيساوي الشكالي ...لذلك أقول بان تاريخ تونس مازال قابلا للكتابة والعدالة يجب أن تعطي مكانة لكل التونسيين ولا للذر على الجروح حتى تبقى تونس وطنا الأحرار .
السيد عبد الوهاب الهاني ناشط سياسي
كيف نصل إلى كتابة التاريخ ؟منتصر اليوم قد يكون متضرر الغد فذاكرة اليوسفية ليست ذاكرة البورقيبية ومن حق الجميع الإدراج في الذاكرة والاختلاف موجود دائما لان من يؤمن بالذاكرة الواحدة يؤمن ضرورة بالرئيس الواحد ولكل تونسي الحق في الحقيقة فمثلا دولة الأرجنتين لعبت دورا هاما في إقناع المجتمع الدولي بالحق في معرفة الحقيقة وهو ما يعرف بالحق العالي وللأسف تونس لم تكن حاضرة وأنا كنت شاهد على ذلك ، من جهة أخرى يجب أن نتحدث على موقع العدالة الانتقالية وأهميتها في ضمان عدم العودة إلى الوراء فمثلا لا يمكن أن ننكر دور بورقيبة ولا دور بن يوسف أو الثعالبي ...فمثلا هناك شخصيات عالمية كانت سلبية وأخطأت في حق الإنسانية لكنها قدمت قرارات ايجابية في جوانب معينة مثل التعليم والصحة...
فمثلا خير الدين رجل مصلح لكن تاريخه يحتوي على أشياء سلبية لذلك نقول ليس هناك جنودا في التاريخ فكيف لنا الآن أن نبني تاريخ الزمان المتحرر.
السيد عدنان بالحناشية ناشط سياسي
حسب رأيي إذا ركزنا على الحقبة البورقيبية أو من جهة أخرى اليوسفية سيقع انقسام في تونس لذلك من المهم والأجدى أن نتحدث عن المستقبل ومن كان وراء التجاوزات والقمع عبر التاريخ هو الاستعمار الفرنسي وهو من يستحق المحاسبة والأهم الآن هو الاهتمام بالاقتصاد من أجل بناء مستقبل شبابنا ونجاح بناء الدولة يكون في نجاح اقتصادها أولا وأخيرا .
السيدة رجاء سليم ناشطة في المجتمع المدني
بعد الثورة وباختلاف اتجاهاتها المهم الآن هو كتابة التاريخ حيث يحب أن تكون الكتابة موضوعية وهو ما سيطالب به الأحرار والتاريخ يجب أن يكون فيه مكان لكل التونسيين مهما كان الاختلاف لذلك يجب الابتعاد عن التجاذبات وهنا أشير إلى أن الفساد مازال موجودا في تونس إلى يومنا هذا ففي الوزارات مثلا على غرار وزارة التربية مازال هناك نوع من الفساد ولدي شواهد على ذلك من هنا فإن المحاسبة ضرورية والظرف الراهن يستوجب تطهير مؤسساتنا.
السيد بدر الدين الربيعي ناشط سياسي
يجب أن تكون السلبيات موجودة في تاريخنا فبن علي ساهم في هذا التاريخ بسلبياته وبأخطاءه وكتابة التاريخ تتطلب الموضوعية والمنطقية حتى يكون لنا أرشيف صحيح لمستقبل أبناءنا .
متدخل شاب
المصالحة تجعل الشيطان خيّرا...لذلك لا يجب القفز مباشرة إلى المصالحة. يجب بداية معرفة كيف كتب التاريخ الوطني ومن كتب تاريخنا هي فرنسا. وبورقيبة هو في الحقيقة امتداد للفكر الاستعماري.
وهناك من غير مسار التاريخ، لذلك لا يجب التعامل مع الأرشيف بمنطق الأشراف.
تغطية وعدسة نسرين خميسي ووفاء قرامي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.