فضاء لبيع التمور من المنتج إلى المستهلك من 22 إلى 28 ديسمبر بهذه الجهة..#خبر_عاجل    11 مليون عمرة في شهر واحد... أرقام قياسية من الحرمين    موسكو تدعو مواطنيها إلى الامتناع عن السفر إلى ألمانيا لهذه الأسباب    ما ترميش قشور الموز: حيلة بسيطة تفوح دارك وتنفع نباتاتك    الديوان الوطني للأعلاف يحدّد سعر بيع الذرة العلفية وإجراءات التزوّد    مسؤولة بوزارة الشؤون الاجتماعية: نحو تعميم المنصة الرقمية لإسناد بطاقة اعاقة في غضون سنة 2026    عاجل/ نقابة الفلاحين: 15 دينار لزيت الزيتون..!!    عاجل: قطيعة بين مستقبل قابس والمدرب إسكندر القصري    اسكندر القصري ينسحب من تدريب مستقبل قابس    عاجل: دخول جماهيري مجاني في مباريات كأس أمم إفريقيا 2025    عاجل/ وفاة الممرضة التي تعرضت لحروق بليغة بمستشفى الرديف..    بداية من اليوم..دخول فترة الليالي البيض..    أنشطة متنوعة خلال الدورة الأولى من تظاهرة "مهرجان الحكاية" بالمركب الثقافي بسيدي علي بن عون    التمديد في المعرض الفني المقام بالمعلم التاريخي "دار الباي" بسوسة الى غاية منتصف جانفي 2026    افتتاح الدورة 57 للمهرجان الدولي للصحراء بدوز    هذا موعد ميلاد هلال شهر شعبان.. وأول أيامه فلكياً..#خبر_عاجل    المعهد العالي للتصرف الصناعي بصفاقس أوّل مؤسسة جامعية عمومية في تونس تقوم بتركيز محطة لشحن السيارات الكهربائية    الدكتور دغفوس: المتحور k سريع الانتشار والعدوى ويجب الإسراع بالتلقيح    موزّعو قوارير الغاز المنزلي بالجملة يعلّقون نشاطهم يومي 12 و13 جانفي 2026    قفصة: حجز كميات من لحوم الدواجن في مخازن عشوائية قبل رأس السنة    وداعًا لأسطورة الكوميديا الأمريكية بات فين    رياضة : فخر الدين قلبي مدربا جديدا لجندوبة الرياضية    مع Moulin d'Or : قصّ ولصّق وشارك...1000 كادو يستناك!    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة: برنامج مباريات الجولة العاشرة    مدرب منتخب الكاميرون: "حققنا الفوز بفضل القوة الذهنية والانضباط التكتيكي"    عاجل: هذا ما تقرر في قضية المجمع الكيميائي التونسي..    السجن لطالب بتهمة ترويج المخدرات بالوسط الجامعي..#خبر_عاجل    كأس أمم إفريقيا: برنامج مقابلات يوم غد    صامويل تشوكويزي: كأس افريقيا يجب أن تحظى بنفس درجة إحترام كأس العالم    عاجل: عاصفة مطرية وثلوج تتجه نحو برشا دُول عربية    كيفاش نقول للآخر ''هذا الّي قلّقني منّك'' من غير ما نتعاركوا    هذه أقوى عملة سنة 2025    لكلّ تونسي: مازال 5 أيّام اكهو على آخر أجل بش تخلّص ''الزبلة والخرّوبة''    تحذير خطير للتوانسة : ''القفالة'' بلا ورقة المراقبة يتسببلك في شلل و نسيان    سهرة رأس العام 2026.. تفاصيل حفل إليسا وتامر حسني في هذه الدولة    عاجل/ تركيا ترسل الصندوق الأسود لطائرة الحداد إلى دولة محايدة..    بداية من من غدوة في اللّيل.. تقلبات جوية وبرد شديد في تونس    نانسي عجرم ووائل كفوري ونجوى كرم يحضروا سهرية رأس السنة    عاجل: تقلبات جوية مرتقبة بداية من هذا التاريخ    ينشط بين رواد والسيجومي: محاصرة بارون ترويج المخدرات    مصر.. دار الإفتاء تحسم الجدل حول حكم تهنئة المسيحيين بعيد الميلاد    عاجل : اليوم نشر القائمة الاسمية لرخص'' التاكسي '' بأريانة بعد شهور انتظار    بداية من اليوم: تحويل حركة المرور في اتّجاه المروج والحمامات    صحفي قناة الحوار التونسي يوضح للمغاربة حقيقة تصريحاته السابقة    النوبة القلبية في الصباح: علامات تحذيرية لازم ما تتجاهلهاش    رئيس الجمهوريّة يؤكد على ضرورة المرور إلى السرعة القصوى في كافّة المجالات    ويتكوف يكشف موعد المرحلة الثانية من اتفاق غزة    ترامب مهاجما معارضيه في التهنئة: عيد ميلاد سعيد للجميع بما في ذلك حثالة اليسار    كوريا الشمالية تندد بدخول غواصة نووية أمريكية إلى كوريا الجنوبية    اليوم العالمي للغة العربية ... الاحتفاء بلغة الضاد ضرورة وطنية وقومية لحماية الهوية الثقافية    فوز المرشح المدعوم من ترامب بالانتخابات الرئاسية في هندوراس    نجاح عمليات الأولى من نوعها في تونس لجراحة الكُلى والبروستاتا بالروبوت    الليلة: الحرارة تترواح بين 4 و12 درجة    هيئة السلامة الصحية تحجز حوالي 21 طنا من المواد غير الآمنة وتغلق 8 محلات خلال حملات بمناسبة رأس السنة الميلادية    تزامنا مع العطلة: سلسلة الأنشطة الثقافية والترفيهية الموجهة لمختلف الفئات العمرية    صفاقس: تركيز محطة لشحن السيارات الكهربائية بالمعهد العالي للتصرف الصناعي    مع بداية العام الجديد.. 6عادات يومية بسيطة تجعلك أكثر نجاحا    دعاء السنة الجديدة لنفسي...أفضل دعاء لاستقبال العام الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الرَّايخ التّرْكي" و" أكراد سوريا"
نشر في حقائق أون لاين يوم 23 - 07 - 2016

1- مُنْذ أوائل القَرْن المُنْصَرِم ، في الأقلّ ، كانَ ولا يَزال المُواطِنُون السُّوريُّون مِن المُكَوِّنِ الكرْديِّ شَوْكَةً في خاصِرَةِ "الرَّايخ التركي" بأطماعِهِ العثمانيّة القديمةِ و الأتاتوركيّة والعثمانيّةِ الجديدة "الأردوغانيّة".
فَفي سنة 1921عندما كان المُواطنون السوريُّون مِن المُكَوِّنِ الكرديّ يُشكِّلُونَ قُرابة ال95بالمئةِ مِن سُكّانِ الشمالِ السُّوريِّ المُحاذِي لِلحُدُودِ مَع تُركيا بَينما كانَ المُواطِنُون السوريون مِن المُكَوِّنِ العَرَبِيّ في هذا الحيِّزِ مِن الجغرافيا السياسيّة السُّوريّة لا تُجاوِزُ نسبتُهُم الخمسةَ بالمئة ، جَرى استِفْتَاءٌ لِمُمَثِّليّ سكّان الحيِّز المُشار إليه يُقَرٍّرُونَ بِموجبِ نتائجه إمّا الانضِمام إلى تركيا وإمّا البَقاء جزءا مِن سوريا جغراسياسيَّاً وديمغرافيَّاً ، فَتَمَّ إحصاءُ 503أصوات كرديّة اختارتْ البقاء في سوريا مقابل صَوتين لصالحِ الانضمام إلى تركيا تبيَّنَ أنَّهُما صوتان "عربيّان".
وإذا كانَ الكيان الصهيونيّ (إسرائيل) قد خرج مَوضوعيّاً مِن رحمِ الامبراطورية الألمانية (الرّايخ النّازي) كما خرَجَ الكيان الأتاتوركي (تركيا) مَوضوعيّاً كذلكَ مِن رحمِ الامبراطوريّة العثمانيّة (حليفة الرايخ النازي) ليكونَ الفلسطينيّونَ والأكراد ضحايا التحالُف الأتاتوركي– الصهيوني في فلسطين المحتلّة وتركيا الفتاة التي قامت هِيَ الأخرى على اغتصاب أراضي الغير كلواء اسكندرون السوري وجبال كردستان وغيرها. فإنه مِن الطبيعيّ أن يكون ردّ الفعْلِ على ذلكَ تحالف اليسار الكردي مع اليسار الفلسطيني في منظمة التحرير الفلسطينية وسوريا بينما يتحالف اليمين التركي القومي والاسلامي واليمين الكردي والعربي مع الكيان الصهيوني ، قبل أن نشهدَ ظاهرة "خيانة الذات" التي انتشرتْ في اليسار الكردي والعربي خاصة عندما تهافتَ بَعْضُ اليسار الكردي وَبَعْضُ اليسار العربي إلى الارتِماء عَلَناً في أحْضان الإمبرياليّة الأمريكيّة والكيان الصهيوني وأجهزتهما الاستخباريّة كما هو حال جميع الفصائل والأشخاص "السوريين العرب والأكراد والتركمان إلخ " الذين يضمّهُم ما يسمى "ائتلاف الدوحة" .

2-لقد كان حزب العمّال الكردستاني التركي بقيادة المُناضل "عبد الله أوجلان" واضحا في عدائه للكيان الصهيوني ليس فقط انطِلاقاً مِن التحالف الذي نشأ واستمرّ بين "تركيا" و"إسرائيل" منذ نشأتهما ، بل وانطِلاقاً مِن المبادئ الفكريّة اليساريّة الماركسية المُعادية للأيديولوجيا الصهيونية العنصرية الاستعمارية الاستيطانيةَ التوسُّعيّة . وكانَ ومازال مُعظم الأكراد السوريّين المهتمّين بالشأن العامّ يساريّاً وطنيّاً إن كانَ ينتمي إلى الاتحاد الديمقراطي (PYD) أو الاتحاد الاشتراكي أو الحزب الشيوعي أو حزب الوحدة الديمقراطي أو غيرها مِن الأحزاب المنتشرة في أوساطِ المُكَوِّن الكُردي داخل سوريا. وعندما أسَّسَ "عبد الله أوجلان" حزبَ العمّال الكردستاني التركي (PKK) في 27 نوفمبر 1978 ليتجاوز عدد مقاتليه في تسعينات القرن الماضي العشرة آلاف مقاتل بعد أن بدأ نشاطه العسكري سنة 1984،رَفَدَهُ أكرادُ سوريا بالكادر السياسي الذي كان له دَورُه في بَلورة فكر حزب العمّال الكردستاني واستراتيجيّته السياسيّة.
وَقَد وَجَدَ الرئيسُ "حافظ الأسد" في حزب العمّال الكردستاني بقيادةِ "عبد الله أوجلان" اليساري المُعادي للصهيونيّة العالميّة وكيانها "إسرائيل" ، حَليفاً مَوضُوعيّاً لسوريا في مُواجَهَةِ التحالُفِ التركي – الإسرائيلي.
وَمِنَ المَعروفِ أنَّ الأزمةَ التي نَشَبَتْ بينَ القيادةِ التركيّةِ والقيادةِ السوريّةِ في عَهْدِ الرئيس "حافظ الأسد" كانَ سببها ضَغْط أنْقَرَةَ على دِمَشْقَ مِن أجْلِ : إلغاءِ لِواء اسكندرون مِنَ الخارطةِ الجغراسياسيّة السوريّةِ الرسميّةِ وطَرْد "عبد الله أوجلان" من الأراضي السوريّة وتسليمه للسلطات التركيّة.
لكنَّ الرئيسَ "حافظ الأسد" رَفَضَ بِقُوَّة الأمرين مَعاً على الرُّغْمِ مِن "تَعاظُمِ" الضُّغُوط التركيّة التي وَصَلَتْ إلى حَدِّ حَشْدِ أنْقَرَةَ قُوَّاتها المُسَلَّحَة على حدودها مع سوريا.
وفي هذه اللحظةِ التاريخيّةِ – كما أكَّدَ لنا مَصْدَرٌ مِن الاتحادِ الديمقراطي السوري ذي المرجعيّة الفكريّة الأوجلانيّة (PYD)- قَرَّر "عبد الله أوجلان" بِمَحْضِ إرادَتِه وبوازعٍ أخلاقيٍّ حاسمٍ عندَ المُناضلين الكِبار ، الخُرُوجَ مِن سُوريا حرْصاً مِنْهُ على أمْنِها المُهَدَّد مِن "تركيا" و"إسرائيل" في آنٍ مَعاً ، والتَّوَجُّه إلى "لاهاي" والمُثُول أمامَ محكَمَتِها الدّوليّة لِيُثْبِتَ أنَّهُ مُناضِلٌ مِن أجْلِ أن يحصلَ شَعْبُهُ على حُقُوقِهِ المدنيّة والثقافيّة والمُواطِنِيَّةِ داخل الدَّولةِ التركيّةِ على قَدَمِ المُساواةِ مَع بقيّةِ الشُّعُوب التي يتكوَّنُ منها سكّان تركيا ، وكي يُثبِتَ "أوجلان" أنّه ليسَ إرهابيّاً ولا يقودُ تنظيماً إرهابيّاً – كما تُروِّجُ الدوائرُ الاستخباراتيّة والسياسيّة التركيّة والأمريكيّةُ والإسرائيليّة – مُشَدِّداً في هذا السِّياق على أنَّ حزبَهُ لم يُمارسْ أيَّ شكْلٍ مِن أشكالِ العُنْفِ ضدَّ المدنيّين الأتراك ، وأنَّهُ أعْلَنَ مِراراً وَقْفَ إطلاق النار مِن جانبِ واحِدٍ لإفساحِ المَجالِ أمامَ إيجادِ حَلٍّ سياسيٍّ عادلٍ للمَسألَةِ الكرديّةِ في تركيا.
ولكن كما هو مَعْرُوف خذلَتْهُ السلطاتُ الروسيّة آنذاك (في عهدِ يلتسين) والسلطاتُ الإيطاليّة ، فبَدلاً مِنَ التوَجُّهِ مِن مُوسكو –التي غادَرَ دِمَشْقَ إليها – إلى "لاهاي" ، اضطرَّ للسفَرِ على مَتْن طائرةٍ خاصّة أمَّنها له رجُلُ أعمالٍ كرديّ مِن أجْلِ تنقُّلاتِهِ إلى العاصمة الكينيّة ، وفي "نيروبي" قامَتْ المُخابراتُ الأمريكيّة والإسرائيليّة بخَطْفِهِ بتواطُؤٍ إيطاليّ – كينيّ ، وتحويلِهِ إلى طائرةٍ تركيّة كانت بانتظاره في مطار "نيروبي" لتنقله إلى السلطات التركية في أنقرة يوم15فيفري1999، حيث كانَ ينتظرُهُ تنفيذُ حكمِ الإعدام ، لكنّ الشعبَ الكرديّ الذي نزلَ إلى الساحات العامة والشوارع التركيّة دَفَعَ الرأي العام الدولي إلى الضغط على السلطات التركيّة لتستبدلَ حكم الإعدام بالسجن المؤبَّد قضى منه حتى الآن 17سنة بجزيرةٍ في بحر مرمَرَة.
وَعلى الرّغمِ مِنْ خُرُوجِ "أوجلان" مِن سوريا ، فإنَّ مُحاوَلات أنْقَرَة الضَغْطَ على دِمَشْقَ لم تَتَوَقَّفْ أو تَهْدَأ ، فكانَ الرئيس "حافظ الأسد" يُجيبُ دائماً على دَعوَةِ القيادَةِ التركيّة إلى تَحالُفٍ تركي – سوريّ ضدَّ "أكراد سوريا" بأنَّ الأكرادَ في شمالِ سوريا هُم مُواطِنُون سوريُّون وليسَ مَسْمُوحاً لتركيا التدخُّل في شأنهم الذي هُو شأنٌ سُوريٌّ داخليٌّ وَسيادِيّ.
ولكنّ المُفارَقَةَ هُنا ، أنَّهُ بَعْدَ نُشُوب الأزمةِ السوريّة اتَّصَلَتْ السلطاتُ التركيّة ثلاثَ مرّات بقيادةِ الاتحاد الديمقراطي السوري(PYD) مُقترِحَةً عليها مُوالاة سياسة أنقرَةَ والسير في ركابها لإسقاط "نظام الرئيس بشار الأسد " وضمّ شمال سوريا إلى تركيا ، مقابل تزعُّم ال(PYD) ما يُسمّى المعارضة السورية في الداخل والخارجودعمه سياسيا ولوجستيا بالسلاح والمال والإعلام ، وكان العرض التركي الثالث والأخير على الاتحاد الديمقراطي السوريبَعْدَ سُقُوط 360قرية كردية حَوْل "عَيْنِ العَرَب –كوباني" في يَدِ تنظيم "داعش" ووصولِ الأخير إلى أطرافِ "كوباني". إلا أنَّ الاتحاد الديمقراطي السوري (PYD) رَفَضَ العَرْضَ التركيَّ رَفْضاً جذريّاً وَقَطْعيّاً ، مُؤكِّدا على وحدةِ سوريا أرْضاً وَشَعْباً ، مع الحفاظ على سياسةِ حسْنِ الجّوار مع الجانبِ التركيّ .
وهكذا استَقَرَّ القرارُ التركيّ على دَعْمِ تنظيم "داعش" والرهان عليهِ وعلى بقيّة التنظيمات الإرهابية الإسلاميّة المُسلّحة لِشَنِّ حَرْبٍ إباديّة تستهدف أهلَ منطقة شمال سوريا وخاصّةً المُكَوِّن الكردي منها تمهيداً لِجَعْلِ هذا الحيِّز الجغرافي السوريّ منطقةً عازلة في سياق تدمير الدولة السوريّة وتقسيمها و ضَمِّ شمالها إلى "الرايخ التركي" الذي يتطلَّع إليه السلطان "طيّب رجب أردوغان" ، لكنّ قوّات وحدات الحماية الشعبيّة الكردية السوريّة دَحَرَتْ تنظيمَ "داعش" الإرهابي كما باتَ مَعْرُوفاً وأفشلتْ خطّتَهُ الاستعماريّة الجديدة . وارتَفَعَ ضجيجُ الخطاب الأردوغاني الذي ينعَتُ الرفيقات والرفاق في ال(PYD) الذين سطَّروا ملاحم صمود وبطولة في مُواجَهَة استهداف وُجُودهَم ، بأنهم "إرهابيّون" (؟!) وبأنّ تَعاظُمَ قُوَّتِهِم سيجعَل مِن شمال سوريا "هانوي" كرديّة تدعم الأكراد الذين يتعرّضون للبطش الأردوغاني العنصري الفاشي في جنوبِ شَرْقِ تركيا.

3-لقد شكَّلَ المُكَوِّن الكردي في الشمال السوري بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) الذي تأسَّسَ سنة 2003حالةً وطنيّة عالية مع نشوب الأزمةِ السُّوريّة بَدْءاً مِن مَعركة "رأس العين" التي أشادَ السيّد الرئيس "بشّار الأسد" بها نموذجاً جسَّدَ التلاحُمَ الوطنيَّ بين مُكَوِّنات شعبنا السوريّ في صَدِّ الأطماع الخارجيّة ، فقد حشَدَ الأتراكُ ضدّ "رأس العين" السوريّة – قبلَ ظُهور "داعش" بين خَدَم الأجندة التركيّة – التنظيمات الإرهابية التكفيريّة الثلاثة : "جبهة النصرة" ، "لواء التوحيد" ، و"أحرار الشام" إلى جانب كتائب تكفيريّة تمَّ تشكيلها مِن الانتهازيين والمرتزقة والخَوَنة في المنطقة المُجَرَّدين مِن أي وَعْي أو انتماء وطنيين ، فانتماؤهم دائما للعائلة والعشيرة والطائفة وولاؤهم دائما للسلطة القائمة ، بعثيّةً عربيّة كانت أم أردوغانيّة تركيّة ، يساريّة كرديّةً أم إسلاميّة داعشيّة ، ومن هذه الكتائب التي كانت تديرها المخابرات التركيّة : كتيبة ابن تيميّة ، كتيبة السلطان ، كتيبة الدادات التركمانيّة ، كتيبة بني حسين ، كتيبة الصخاني وغيرها ، لكنّها جميعها انكسرتْ في "رأس عين" التي بقيت لأكثر مِن عام رأس حربة في خاصرة الذئب التركيّ المسعور الذي عادَ وانتقمَ مِن هذا الصمود والتلاحم الوطني السوري في "تلّ أبيض" التي هَجَّرَ أهلَها ودَمَّر بيوتهم وَخَرَّبَ وَنهبَ مُمتلكاتهم .
ولكنّ السؤال المُرّ يتَّصِلُ بالمُفارقة الأخرى المُتَعَلِّقة بالوُجُود الأمريكي في منطقة شمال سوريا التي يروق للبعض الكردي تسميتها "روج آفا" ، وتحديدا في المناطق التي يسيطر عليها الاتحاد الديمقراطي (PYD) السوري اليساري والذي مرجعيّتُهُ القائد الأسير "عبد الله أوجلان" ضحيّة التحالف الأمريكي –الإسرائيلي- التركي في المنطقة!.
حسب معلوماتي الخاصّة كان "قبّاد طالباني"، النجل الأصغر للرئيس العراقي السابق"جلال الطلباني" عرّاب هذه العلاقة ، فقد عاش النجل الأصغر للزعيم الكردي اليساري "جلال الطالباني" المدعو "قبّاد الطالباني" في بريطانيا والولايات المتحدة، ولم يعرفْ العراق أو يزره إلا قبل سنوات قليلة, وصار يتولى إدارة ملف العلاقات الكردية الأميركية في واشنطن منذ أن تم تعيينه ممثلا رسميا لحكومة إقليم كردستان لدى الولايات المتحدة بعدأن كان ممثلا لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني في الولايات المتحدة الأمريكية ليصبح لاحقا نائب رئيس وزراء إقليم كردستان، فعندما شحّت الذخائر ونَدرتْ الأسلحة بين أيدي مقاتلات ومُقاتلي وحدات الحماية الشعبيّة الكرديّة وكانت إبادتهم مُؤكّدة بين تركيا وتنظيم داعش ، بينما وَضْع الجيش السوري لم يكن أفضل من وَضْعِ وحدات الحماية الشعبية في تلك المنطقة ، اغتنمَ "قبّاد الطالباني" ذلك لجعْلِ حاجة أكراد سوريا للأسلحة الدفاعية فرصةً لِتَقَّرُّبِ الأمريكان منهم كي يكونوا حصان طروادة احتياطي في الساحةِ السُّوريّة ، بَعْدَ هزيمة جميع أدواتهم التي راهَنوا عليها لإسقاط النظام السوري بدْءا مِن "ياسين الحاج صالح" وُصولا إلى "أسامة العبسي الواحدي" المعروف بأبي محمّد الجولاني. ولم ينتظر الأمريكان لقبض ثَمَن مُساعدَتهم ففرضوا كأمْر واقع "قاعدة عسكريّة أمريكيّة على الأرض التي تسيطر عليها المُسَمّاة "قوّات سوريا الديمقراطيّة". إلا أنّ مَصْدراً مِن الاتحاد الديمقراطي السوري أكّدَ لنا أنّ السبب الأوّل لنشوء علاقة بين هذا الحزب الكردي اليساري الأوجلاني السوري والولايات المتحدة الأمريكيّة هُوَ حُدُوث خلاف بين تركيا وأمريكا بشأن الوجود الكردي في شمال سوريا ، هذا الوُجُود الذي باتَ مُهَدَّداُ مِن تنظيم "داعش" الإرهابي بعْد رَفْض الاتحاد الديمقراطي الانضمامَ إلى "الائتلاف السوري المعارض" في الخارج الذي تسيطر عليه تركيا وقطر والسعودية ويقيم علاقات سريّة وعلنيّة مع "إسرائيل". أما السبب الثاني لحدوث هذه العلاقة مع واشنطن – حسب ذات المصدر - فهي إثبات القوّات الكرديّة السوريّة نجاعَتَها على الأرض في مُواجَهة "داعش".
ويؤكد الاتحاد الديمقراطي أنّ سَعْيَهُ إلى وَصْل المناطِقِ ذات الأغلبيّة السكّانيّة الكرديّة كانَ الغرض منه حماية المواطنين الأكراد المُسْتَهْدَفين وجُوديّاً مِن "داعش" والأجندَةِ التركيّة ، وليسَ لِمسْعى وَصْل المناطق أي مَرجعيّة أو مَرْمى إنفصاليين. وبسيطرة الجيش السوري والدولة السورية على حلب وريفها وتحريرهما من التنظيمات الإرهابية يسقط هذا المسعى مِن حسابات الاتحاد الديمقراطي .
وبخصُوص التلويح بإعلان "روج إيفا" منطقة فيدرالية فقد كان تحدّيا للقيادة التركية وليس للدولة السوريّة ، ذلك أنّ الاتحاد يقترح نظاماً فيدراليا لكل المناطق السوريّة وليس لشمال سوريا فقط ، وكي لا يتطيّر البعض يؤكّد الاتحاد أنّ المقصود تماما هو نظام الإدارة المحليّة الذي كانت الدولة السورية قد اعتمدته نظريا وأفردتْ من أجل ذلك وزارة لكنّها عمليّا لم تجسّده كواقع سياسي وطني.
ويرى الحزب أنّه تعمّد إسقاط الصفة القوميّة من اسمه لأنّه يعدّ نفسه حزبا سوريا وطنيا لا يحمل مشروعا قوميّا إنما مشروعه الوصول إلى تسوية سياسيّة للأزمة السوريّة والاتفاق على نظام وطني يدير دولة مدنيّة ودستور يضمن حقوق مُكوّنات الشعب السوري بما في ذلك الأكراد .
ولكن السؤال المُتَعَلِّق بتداعيات ومآلات وضرائب العلاقة التي حَصَلت بين الإدارة الأمريكيّة وأكبر حزب يساري سوري كردي تبقى إجابة هذا الحزب عليه مُعَلَّقة!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.