لا ريب أن الدول تبحث جاهدة لبناء اقتصاد قوي يمكنها من تحقيق الاكتفاء. ويجعل شعوبها في رخاء العيش. و يحقق لها إمكانيات لمجابهة أية عراقيل خارجية متمثلة في إنعكاسات اقتصادية واجتماعية. أضحت البورصة الاقتصادية للدول النامية مثقلة بنتائج سلبية برزت إثر إنتهاج سياسات خاطئة. و لعل أبرز هذه السياسات سياسة إحلال الواردات وسياسة الاقتراض الخارجي، حيث أدتا بصفة واضحة إلى تفاقم عجز الميزان التجاري وتزايد غير إعتيادي للمديونية الخارجية وتفاقم أعبائها على ميزانية الدولة. إذا نحن بلا شك قد سقطنا في فخ المديونية وإختلال التوازن المالي وتعثر مدقع لجهود الاستثمار و التنمية. إن الدولة التونسية، باعتبار تواجدنا في ركب الدول النامية بفعل الواقع، عانينا من هذه السياسات والتي كتب لها أن تكون إثر تراكمات. و بالتالي الوقوف أمام حاجة ملحة، وهي التحكم في الواردات وإيجاد سبل لدفع الصادرات و التشجيع المطلق للتجارة الخارجية. و نحن ملزمون فعلا بصادرات أكثر و واردات أقل. إن تكوين و تحقيق فائض مستمر في الصادرات التونسية هو المصدر الرئيسي لتعزيز القدرة الشرائية و التي بلا شك ستمكن الدولة من إسترداد حاجياتها من الخارج . و في إطار هذا ، يمكن للدولة التونسية إنتهاج سياسة تشجيع للصادرات. و يكون ذلك بتشجيع التصدير للسلع المصنعة بكل الوسائل. كذلك العمل على تقديم الدعم المالي للصادرات الصناعية وذلك للحد من المنافسة الخارجية. ناهيك عن أن الدولة محتاجة إلى نظرة شاملة للأسواق الخارجية من خلال البحث و =الاكتشاف و الدخول فيها خصوصا الأسواق الجديدة والتي عادة ما تكون في الدول المكتشفة حديثا. إن المناطق الحرة و الموانئ هي قاطرة التجارة الخارجية و إنشاؤها هو تنمية لها و دعم للصادرات. حيث أن الدولة من خلال المناطق الحرة يمكنها دعم نصيبها من الصادرات الى الخارج. كذلك تشجيع الدولة للتصدير يمكن أن يتحقق عبر رد بعض الضرائب والرسوم التي يتم تحصيلها عند إستيراد المواد الخام لها. وهي جلها سياسات مشجعة للتصدير الذي أضحى الباب الأوحد لتجاوز عجز الميزان التجاري والحد من الدين الخارجي و دعم المجال التنموي الوطني. إن من أولويات الدولة التونسية تحقيق النمو الاقتصادي. وهذا لا يمكن التأسيس له إلا بسياسة تحكم و حد من النفقات العمومية للدولة. وهي النفقات التي تخرج من الذمة المالية للدولة و تذهب في إطار سد الحاجيات العامة. حيث أنه تدخل فيها النفقات الضرورية لسير مختلف الادارات و الهيئات و الهياكل العمومية. إننا نمر فعلا بوضع اقتصادي لا يمكنه أن يرى النور في ظل تطور الأجور و النفقات العمومية. حيث أن عدد الوزراء و كتاب الدولة و الموظفين في البلاد يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار و أن تتم فيه مراجعات. كذلك النفقات التى تصرف في الادارات العمومية . اضافة الى الضجة الاعلامية حول مضاعفة أجر محافظ البنك المركزي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار و يتم فعلا التدقيق فيه. كذلك لا نمو ولا تنمية دون استثمار أجنبي يجب أن نعمل من أجل استجلابه بكل الطرق. وها نحن اليوم بحاجة لدور رئاسة الجمهورية و وزارة الخارجية و وزارة الاستثمار و التعاون الدولي و رجال الأعمال و إستغلال علاقاتنا الخارجية في سبيل اقناع رجال الأعمال بالتحول لتونس والاستثمار فيها. و هذا يتم بتسهيلات ادارية وبتوفر الأمن في البلاد و بهدنة اجتماعية دون إعتصامات عشوائية و باسترجاع هيبة العمل و إعادة البريق لثقافة العمل في الوسط المجتمعي التونسي. إن دعم الصادرات و تحقيق النمو الاقتصادي في البلاد مهم و ممكن. و ذلك بإيمان راسخ من جل الأطراف المتداخلة بأن ما تم طرحه أصبح ضرورة لا مناص منها. وإننا اليوم في حاجة الى نقلة نوعية في إقتصادنا تقينا شر المطبات المالية التي لا تحمد عقباها. و كلنا سنضحي من أجل اقتصاد أفضل و نمو أرقى، كلنا سنضحي أباء من أجل الأبناء، و عائلات من أجل الاستقرار، و شبابا من أجل مستقبلنا الذي نريده أرقى وأفضل بامتياز. سنضحي إيمانا بالدولة وإستجابة للوطنية وعملا بالحكمة والتبصر وضرورات المرحلة المشهودة.