شلل شبه تام في المؤسسات التربوية وتعطّل للدروس وخسائر مالية تقدر بملايين الدنانير بسبب عدم قدرة "طرفي النزاع" الى التوصل الى حل وسط يرضي النقابيين من ناحية ووزارتي الاشراف من ناحية وينآى بالمجموعة الوطنية عن خسارة أموال طائلة كان من الاجدر تخصيصها لتدعيم البنية التحتية للمعاهد والمدارس. الاضراب الذي دعت اليه النقابة العامة للتعليم الثانوي يدخل يومه الثاني ويستمر تعطل الدروس بالمعاهد الثانوية والاعداديات والمدارس الابتدائية الى حدود غد الخميس24جانفي2013 الموافق لذكرى المولد النبوي الشريف. وبذلك يحرم التلاميذ من الدرس ومن التحصيل العلمي والمعرفي لمدة ثلاثة أيام متتالية، وهو ما قد ينعكس سلبا على مردودهم الدراسي من جهة وعلى سلوكهم الاجتماعي من ناحية اخرى باعتبار أن معظمهم وجدوا أنفسهم مظطرين الى قضاء الزمن الدراسي في الشوارع والمقاهي. من يتحمل مسؤولية ذلك؟ النقابة العامة للتعليم الثانوي تحمل مسؤولية هذا التصعيد لوزارتي التربية والشباب والرياضة باعتبارهما لم يحترما محاضر الاتفاق، وبدورهما وزارتي الاشراف تحملان المسؤولية للنقابة باعتبار أن الميزانية لا تسمح بتلبية جل مطالب النقابين وخاصة منها المتعلقة بالترفيع في قيمة الترقيات والمنح. وبعد شدّ وجذب وجلسات تفاوض متكررة ومحاضر اتفاق بين وزارتي التربية والشباب والرياضة والنقابة العامة للتعليم الثانوي دعت النقابة منظوريها الى تنفيذ اضراب عام يومي22و23 جانفي في كل المعاهد والاعداديات والمصالح التابعة للوزارتين المذكورتين. وأرجعت، في بيان لها، سبب اقرار الاضراب الى عدم تفعيل ماورد بمحاضر الاتفاق الممضاة من قبل وزارتي الاشراف والى اعتماد اسلوب" المماطلة والتسويف" في التعامل مع مطالب النقابيين. المفاوضات تصل الى طريق مسدودة كما أكدت النقابة العامة للتعليم الثانوي، في بلاغ اصدرته يوم 21 جانفي2013 ،أن المفاوضات مع وزارتي التربي والشباب والرياضة الى طريق مسدودة .وكانت النقابة قد طالبت في جلسات التفاوض، وخاصة منها المنعقدة يومي 12 و 18 جانفي الحالي، بجملة من المطالب من أبرزها الترقيات المهنية و تخفيض سن التقاعد الى 55 سنة والترفيع في قيمة منحة مستلزمات العودة المدرسية اضافة الى ادماج معلمي التربية البدنية. وشددت النقابة العامة على ضرورة الاصدار الفوري للاوامر المتعلقة بجميع محاضر الاتفاق وتفعيلها في الآجال المتفق عليها. الإضراب العام الحضوري الذي تخوضه نقابة التعليم الثانوي شمل كافة المعاهد الثانويةو المدارس الإعدادية والإعدادية التقنية و المعاهدالنموذجية و وكافة مدرسي التربية البدنية بما في ذلك العاملين بالمدارس الابتدائية كما شمل مديري المؤسسات التربوية و غيرهم من الأساتذة المكلفين بعمل إداري بإحدى المؤسسات التربوية أو المصالح الإدارية الجهوية للتربية وللشباب والرياضة والإدارات المركزية لوزارتي التربية والشباب والرياضة. اعادة النظر ورغم محاولة وزارة التربية اثناء النقابة العامة للتعليم الثانوي عن تنفيذ الاضراب ودعوتها الى اعادة النظر في بعض المطالب الا أن محاولاتها باءت بالفشل. حيث صرح وزير التربية عبد الطيف عبيد، خلال ندوة صحفية مشتركة مع وزارة الشباب والرياضة، أنه تم الاتفاق حول اصدار الامر المنقح للنظام الاساسي في جزئه المتعلق بالترقيات المهنية. كما تم اقرار التخفيض من عدد ساعات العمل بساعة واحدة لكل مدرس قضى ما لا يقل عن 20 سنة عمل. وحسب تصريحات وزير التربية، فان الاتفاقات الحاصلة بين الطرف النقابي والوزارة شملت مضاعفة منحة مستلزمات العودة المدرسية على سنتين. وأبرز عبد اللطيف عبيد الى انه سيتم الاتفاق على النزول بسن التقاعد من 60 الى 55 سنة وذلك بعد أن تم ادراج مهنة التدريس كمهنة مرهقة. وبين وزير التربية أن ترجمة الاتفاقات الحاصلة على ارض الواقع يتطلب ما قيمته 65 مليون دينار تونسي. من جانب آخر طلب عبيد من النقابة العامة للتعليم الثانوي اعادة النظر والتفاوض حول المطلبين المتعلقين بمراجعة القيمة المالية للترقيات المهنية ومضاعفتها وبمنحة مشقة المهنة واعتبر أن هذين المطلبين مبالغ فيهما ولا يمكن لميزانية الوزارة تحملهما خاصة في الوضع الاقتصادي والمالي الراهن. وأبرز وزير التربية أن المنحة المذكورة اضافة الى مضاعفة القيمة المالية للترقيات تقدر بحوالي 241 مليون دينار اي ما يعادل 1 بالمائة من ميزانية الدولة، وأضاف أن الحكومة لا يمكنها أن ترصد هذا المبلغ دفعة واحدة. من النتضرر من الاضراب؟ في تصيرح لراديو كلمة، أفاد الكاتب العام لنقابة التعليم الثانوي الأسعد اليعقوبي أنّ الاضراب كان ناجحا على عديد المستويات وأضاف أنّ نسبة المشاركة قد تجاوزت التوقعات مشيرا الى أن نسبة نجاح الإضراب قد تصل الى 90 بالمائة. لكن ان حقق الاضراب نجاحا على المستوى المشاركة فهل ينجح في تحقيق مطالب النقابيين دون اعتماد أشكال تصعيد أخرى قد تكون أشد وطأة على خزينة الدولة و قد تكون لها انعكاسات سلبية على التحصيل العلمي للتلاميذ؟ المتضرر الاول والأخير من فشل جلسات التفاوض بين وزارة التربية والنقابة العامة للتعليم الثانوي هو التلميذ الذي تم حرمانه من الدرس طيلة يومين كاملين. وانعكاسات الاضراب على التلاميذ لها نتائج وخيمة اذا أخذنا بعين الاعتبار تردي المنظومة التربوية برمتها وتدهور البنية التحتية للمؤسسات التربوية. وتطال التأثيرات السلبية للاضراب الاولياء الذين يظطرون الى تخصيص جزء غير هيّن من ميزانياتهم، المتهورة أصلا، لتدارك ما فات أبناءهم من دروس.