أمّا أن يصل إلى السجون، معقل النظام وأحد أبرز أوجهه، فذلك انعكاس لما آل إليه النظام من هشاشة. وما وقائع هذه القضية إلا صورة من صور تعددت و تكررت لنظام كاد أن يبلغ حدّ الانهيار. تعود الأحداث إلى يوم 9 ماي 2011، أي بضعة أشهر بعد الثورة وما صاحبها اضطرابات. وبالرجوع إلى ما ورد بقرار دائرة الإتهام، فأنه عند الساعة السادسة صباحا، تولى أحد أعوان السجون بالسجن المدني بالمرناقية الشروع كعادته في اخراج المساجين من غرفهم قصد تحويلهم إلى المحاكم لحضور الجلسات المعينة لهم. فتح إحدى الغرف، و قام بالمناداة على سجينين، فخرجا، إلا أنه فوجئ، في الحال، بأحدهما يضع حذاءه بالباب لمنع العون من إغلاقه بينما انقضّ عليه الثاني بواسطة قطعة من الصابون كان قد وضعها بجوربه، يضربه على رأسه. وما هي إلا لحظات، حتى فوجئ بثلاثة عشرة من المساجين يخرجون من الغرفة و أخذوا يعتدون عليه محاولين إدخاله إلى الزنزانة و سكب الزيت عليه و حرقه، حسب روايته التي أكّد فيها أنّه سمع أحدهم ينادي "هات الزيت...هات الزيت". من ثمة حاولوا إضرام النار في الأغطية وفتح بقية الغرف، لولا تدخّل بقية الأعوان، الذين توصلوا إلى ردع المساجين بواسطة المياه و إخراج زميلهم من براثن موت كان يترصّده. ليتم إحالتهم على أنظار الدائرة الجنائية بالمحكمة الإبتدائية بتونس لتهم محاولة الفرار من السجن باستعمال العنف و التهديد و كسر السجن و الإعتداء بالعنف الشديد على موظف عمومي حال مباشرته لوظيفته و إضرام النار عمدا بأثاث و العصيان الواقع من أكثر من عشرة أفراد حسب أحكام المجلة الجزائية. وخلال استنطاق القاضي للمتهمين الذين بلغ عددهم العشرة، فقد اعترف أحدهم بكلّ التهم الموجهة إليه ما عدا محاولة إضرام النار التي سانده بقية المتهمين في إنكارها، فيم أنكر البقية كلّ التهم الموجهة لهم. ا لدفاع توسّع عند مرافعته في نقاش الأحداث، وقدّم ملاحظات تجاه شهادة العون من بينها كيف تعرّف على عدد المساجين الذين كانوا بصدد الإعتداء عليه ! وبعد حجز القضية للمفاوضة و التصريح بالحكم، أسندت المحكمة عقوبة تقضي بثلاث سنوات سجنا لجلّ المتهمين.