مرّ بنا يوم 9 أفريل وهو يوم عطلة رسمية في بلادنا تونس تخليدا لذكرى الشّهداء رحمهم الله الّذين سقطوا في سبيل الذّود عن حمى الدين والوطن ... تأمّلت في حال الوطن الذى بذلت المهج والدّماء من أجله فوجدته على "أحسن" حال والحمد لله! ... الدّماء لم تذهب سدى! ... الشّهداء مكرّمون كل سنة يكلف السّيد الرّئيس نفسه المشاقّ الجسام ويضع على قبورهم أكاليل الزّهور ويدعو لهم بالمغفرة والثواب ويقرأ عليهم الفاتحة متوضئا على ما في الوضوء من مشقّة! ... حتّى يكون القبول الحسن. تذكّرت أبياتا شعرية أظنّها لأحمد اللّغماني، حفظتها وأنا طفل يلعب من كثرة ما أذيعت في فترة الخلاف بين بورقيبة والقذافي وهي: قم فانظر يا عمر المختار ***عبث الثورية والثوار يا زارع ليبيا أمجادا ***يا قاصم ظهر الإستعمار قم فانظر كيف يخرّب ما *** شيّدت ومن أعلى ينهار بليت ليبيا وعروبتها ***بعتل منحرف جبّار انقضّ بسكّين الجزار***وأتى بمسحاة الحفّار وتربّع فوق سرير ***لجثث من ضحاياه الأبرار قلت في نفسي أين نحن من هذه الحالة البئيسة؟! فجهود المجاهدين لم تضع!! والدّولة عندنا دولة الشّعب! ... وليست دولة الرّئيس والعصابة المحيطة به كما الحال عند الجيران! ... ورئيسنا لا يتعامل مع شعبه بالسكّين والمسحاة والهراوة! ... هل شاهد أحد منّا رئيسنا أو من حوله يحمل هراوة؟؟!!حاشا لله لقد حكم فعدل فأمن فتجوّل باطمئنان! ... كلّ شعبنا ينعم بلا " لا ظلم بعد اليوم"! ... لم يسجن مسجون إلاّ بحق! لم يعذّب موقوف إلاّ بحقّ! لم تتجاوز مدّة الإيقاف "القانوني"إلاّ بحقّ وضرورة! ... لم يختطف الآمنون إلاّ بحقّ! ... لم تثكّل الأمّهات إلاّ بحقّ! ... لم ترمّل النّساء إلاّ بحقّ! ... لم ييتّم الأطفال إلاّ بحقّ لم يطرد النّاس من وظائفهم إلاّبحقّ! ... لم يهجّر المهجّرون إلاّ بحقّ!... لم يمنع الحجاب إلاّ بحقّ! ... فلوليّ الأمر حقّ تقدير المصلحة وتنفيذ السّياسة "الشرعية" التي يراها! ... فقد يرى من المصالح ما يمكن أن يخفى عن قصيري النّظر من أمثالنا! ... وله حقّ الطاّعة علينا في المنشط والمكره! ... ومن لم يعجبه من وليّ أمره شيء دعاالله له بالهداية ولزم الطّاعة! أو يغادر دولة "لا ظلم بعد اليوم" حتّى لا يظلم نفسه ! أو يظلم! فليهنأ شهداؤنا الأبرار ، أنّ حال البلاد بعدهم يسيء الصديق ويفرح العدو! ... معذرة فقد قصدت عكس ما قلت ولكن تأبى الحقائق إلا أن تمد أعناقها وإن في زلات من الألسن! ... الحال كما وصفه سي الطّاهر الحبّاس ": "الماء في الحيوط والضّوء في الخيوط والخبز أهشّ من البشكوت" وشعبنا سكران في النعيم و "مكبش بديه ورجليه" في صاحب الفضل خوفا من زوال النعمة. 9 أفريل مناسبة من المناسبات التي ترفع فيها صور "الزعيم الملهم" وتغطي كل الأماكن والساحات! ... فكثرتها ترمز لكثرة الشّهداء الذين سقطوا فداء للوطن!... وهذا الأمر لا يفهمه إلاّ من يتعمّق في بواطن الأمور ولا يكتفي بالظواهر! ... فالقائد" هو الوريث الشّرعي لثمرة جهاد المجاهدين، وأرواحهم الطّاهرة حلّت في روحه فهو منهم وهم منه!! وإلى الأمام وكل ذكرى والفاتحة متلوة، والورد من "يد ما نعدمها"!!