أحيت تونس بالامس ذكرى الشهداء، التي تجسمها احداث التاسع من افريل 1938، تخليدا لذكرى هؤلاء الشهداء وتأكيدا على الوفاء الدائم لهم، وهم الذين لم يترددوا في التضحية بالنفس من اجل حرية الوطن وسيادته. واحداث التاسع من افريل تندرج في قلب هذا الطموح الذي كان يسكن ابناء شعبنا منذ فرض عليه الاستعمار في 1881، وهو تحقيق الحرية والانعتاق وحكم الشعب لنفسه عبر ابنائه من الوطنيين الصادقين. ومن هنا كانت شعارات انتفاضة 1938، والالتفاف الشعبي الهائل الذي حصل حولها، بما عبّد الطريق بعد ذلك لمحطات سياسية وجهادية هامة في تاريخ بلادنا، ومنها اتفاقيات الاستقلال الداخلي والاستقلال التام ومعركة بنزرت الخالدة، وغيرها... وهي محطات اكدت الاستعداد الوطني الفطري للتضحية بالنفس من اجل تونس وحريتها وسيادتها، ومن اجل ان ينعم ابناؤها بما يستحقونه من حرية وكرامة. احدا ث التاسع من افريل كانت اذن محطة تاريخية سياسية ونضالية هامة، كللتها الدماء الزكية بالفخر، ولكن تاريخ بلادنا في مقاومة الاستعمار، عبر مختلف المحطات المعلومة وغير المعروفة، يحفظ مئات بل الاف الشهداء الذين عمّدوا بدمائهم مسيرة التحرير تلك. وربما لا يمكن ضبط كل اسماء الشهداء او تواريخ استشهادهم، ولكن ذكرى هؤلاء جميعا، ينبغي ان تظل حية عطرة في نفوس الاجيال الحالية والقادمة، بالوفاء، اولا ودائما، للمبادئ المقدسة التي استشهدوا من اجلها، وبالعمل كذلك على تعظيم تلك الشهادة وذلك الجهاد، والذي ما كان لفرنسا ان تتقهقر او تتراجع الى الوراء، لولا هما. ذكرى هؤلاء الشهداء ينبغي ان تظل حية متوهجة، فوراء كل شهيد قصة، ووراء كل شهيد، معين من الحب والوطنية. وعندما صرخ الشهيد فرحات حشاد صرخته الخالدة «احبك يا شعب»، فان علينا ان نبادله ذلك، بالحب والوفاء والاجلال لذكرى هؤلاء الشهداء العظماء، جميعا، والذين سمت نفوسهم فوق ملذات الدنيا. كما ان علينا ان نبادلهم ذلك الحب، بمزيد العمل من اجل ان تكون تونس كما حلموا بها، وعملوا واستشهدوا من اجلها.