أفرزت إحالة إدارة الشؤون السياسية من الداخلية إلى الوزارة الأولى وجهات نظر متنوعة بين الوجوه السياسية والإعلامية التونسية خاصة في الوقت الراهن الذي تمر به البلاد. "هذا القانون سابق لأوانه ويستبق لإرادة المجلس الوطني التأسيسي". هكذا قال السيد عبد الوهاب الهاني رئيس حزب المجد في حوار مع راديو كلمة وأشار إلى انه كان "من الأفضل انتظار عشرة أيام أو أسبوعين على أقصى تقدير لإصدار هذا القرار، وذلك بعد أن يتولى المجلس التأسيسي مهامه". وأضاف السيد عبد الوهاب الهاني أن "الحكومة تريد أن تستلهم شرعيتها من الفراغ القانوني خاصة مع غياب دستور للبلاد لذلك فهي بصدد إعداد مستقبل الهندسة المؤسساتية". وأكد أن "دور الحكومة الحالية يتمثل في الإعداد للانتخابات وتسهيل الوصول إلى موعدها المقرر ليوم 23 أكتوبر ولا يتمثل في التشريع وإصدار القوانين والقرارات". وقال أن هذا "التحويل لا يعني أي شيء ولا يمكن أن يضيف ثقافة جديدة بل انه مجرد إجراء تجميلي وتحسيني لصورة الداخلية و سيبقى الحال على ماهو عليه حيث أن الوزراء في مختلف الحقائب الوزارية سواء الداخلية أو الأولى يمثلون نظاما واحدا ولا يمكن إن تتغير الممارسات مع إحالة إدارة الشؤون السياسية من الداخلية إلى الوزارة الأولى". "إدارة الشؤون السياسية كانت تراقب المضامين الإعلامية" وقال السيد ناجي الزعيري الناطق الرسمي السابق باسم وزارة الداخلية وحاليا هو إعلامي بجريدة يومية مستقلة أن هذه "الإدارة لم تعد لها أية شرعية في وزارة الداخلية"، وأضاف أنها "كانت في السابق تكرس نوعا من الرقابة على المضامين الإعلامية وتضطلع بوظيفة أمنية أي أنها تراقب كل ما يبث أو ينشر في وسائل الإعلام وتعد التقارير حول المؤسسات الإعلامية التي كانت تفضح ممارسات النظام البائد كما كانت تراقب الأحزاب والجمعيات وتمنع إصدار وسائل الإعلام." وأكد "ضرورة إيكال مهمة إسناد الرخص إلى الجرائد والمجلات والنشريات وكل وسائل الإعلام مرئية كانت أو مسموعة أو مكتوبة إلى هيئة مستقلة للإعلام تكون مثلا مجلسا أعلى للإعلام يعنى بكل ما يخص القطاع سواء على مستوى سن القوانين أو إسناد الرخص أو الإشراف على أخلاقيات المهنة... ويكون مستقلا عن الحكومة ويتكون من ممثلين عن الدولة وممثلين عن قطاع الإعلام وبعض رجالات القانون..." عمر صحابو ينفي مراقبة الإدارة لوسائل الإعلام ولاعتماد الموضوعية في صياغة المقال، اتصل راديو كلمة بالسيد عمر صحابو الذي كان تولى إدارة الشؤون السياسية خلال عهد بورقيبة سنة 1980 ويترأس الآن حزب "الحركة الإصلاحية التونسية"، وقال أن "هذه الإدارة لم تكن تراقب لا وسائل الإعلام والأحزاب والجمعيات ولم تتجاوز مهمتها إسناد الرخص لهذه الهياكل الإعلامية والسياسية". وحين سألته عن سبب استقالته من إدارة الشؤون السياسية بعد تمضيته بضعة أشهر على رأسها، قال "انه لم يجد ما كان يأمل أن يلقاه، حيث لم يقع انفتاح سياسي وبقيت الحريات على ماهي عليه ولم يقع الاعتراف بأحزاب سياسية معارضة جديدة آنذاك كذلك تم تزييف الانتخابات، لذلك قررت الاستقالة من منصبي". وقال أن "قرار تحويل الإدارة المذكورة من الداخلية إلى الوزارة الأولى لا يعدو إلا أن يكون إجراء إداريا وبالنسبة إلى مهامه فهي دراسية ترتيبية ليس لها أي بعد سياسي". تجربة "الطاهر الشايب" مع إدارة الشؤون السياسية وقال السيد الطاهر الشايب لراديو كلمة انه "كان احد ضحايا إدارة الشؤون السياسية زمن الرئيس المخلوع" وأشار إلى "رفض طلبه في تأسيس كنفدرالية نقابية وهو حق يضمنه الدستور" وتم منعه من السفر مرات عديدة على خلفية هذا المطلب. في إطار الوضع الراهن للبلاد التونسية، تواصل الحكومة التصرف وكأنها حكومة دائمة حتى ما بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي من خلال إصدار القرارات التي توحي باستمراريتها. وهنا يبقى التساؤل حول شرعية هذه القرارات قائما خاصة مع تشكيك بعض الوجوه السياسية في شرعية الحكومة الحالية.