تحصلت "جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" خلال فيفري الجاري على التأشيرة بعد أن قامت بتغيير اسمها لتصبح "الجمعية الوسطية للإصلاح والتوعية" الداعية إلى "إصلاح ذات البين على مستوى الأفراد والارتقاء بعقلية التونسي وسلوكه إلى مستوى شعب مسلم وسطي" على حد عبارة عادل العلمي رئيس الجمعية المذكورة. السيد العلمي قال أن "الجمعية تعتمد الخلفية العلمية والشرعية وتستقي أهدافها من القرآن والسنة، فالجمعية هي بالأساس دينية ومكون من مكونات المجتمع المدني، لا تعتمد حجة القوة بقدر اعتمادها على قوة الحجة"، الذي وصفها بالصادحة" حين تكون قائمة على "حجج دينية مستقاة من القرآن والسنة". فهل كانت قوة الحجة هي الاسلوب الذي اعتمدته الجمعية خلال الوقفة الاحتجاجية أمام مقر إذاعة الزيتونة للمطالبة بإقالة إقبال الغربي التي عينتها حكومة الباجي لادارة اذاعة الزيتونة؟ و هل اعتمدت قوة الحجة ام حجة القوة في تحركها الاحتجاجي. جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقبال الغربي الدكتورة إقبال الغربي، متحصلة على الدكتوراه في "الانتروبولوجيا" وأستاذة متخصصة في الشريعة وأصول الدين بجامعة الزيتونة، غير مؤهلة للقيام بوظيفتها على راس اذاعة الزيتونة بسبب عدم تخصصها في العلوم الشرعية من جهة ومن جهة أخرى بسبب أرائها العلمانية حسب ما وصفتها به إحدى وسائل الإعلام. هذه هي الأسباب التي تم تداولها في مختلف وسائل الإعلام على لسان السيد عادل العلمي. الدكتورة إقبال الغربي قالت لراديو كلمة أن السيد عادل العلمي، قام بإعداد ملف كامل حول الندوات التي قدمتها وحول الأطروحات المتعلقة بالإسلام من بينها إحدى المحاضرات التي تدعو إلى مصالحة جادة وحقيقية بين الإسلام والقيم الكونية الحديثة وأحادية الإسلام وتعدديته وميلاد تيار جديد اسمه الإسلام النسوي ودعوتها إلى المساواة التامة والفعلية بين الجنسين وضمان حقوق المرأة، مما خول للبعض تكفيرها بسبب أرائها الحداثية والدعوة إلى إقالتها من وظيفتها كمتصرف قضائي من إذاعة الزيتونة. تضيف الدكتورة أن رئيس "الجمعية الوسطية للإصلاح والتوعية"، صحبة مجموعة من الأشخاص الآخرين قاموا بمحكمة تفتيش (قاموا بتفتيش مكتبها) يوم الوقفة الاحتجاجية التي دارت أطوارها يوم الرابع عشر من نوفمبر 2011. من جهته، قال السيد عادل العلمي، أنه اعتمد "طريقة النقاش والحوار مع الدكتورة إقبال الغربي"، مضيفا أنه يوم الوقفة الاحتجاجية للمطالبة بإقالة إقبال الغربي لم يكن حاضرا بصفته "كرئيس الجمعية وإنما كفرد". وذلك طبيعي لان الجمعية إلى ذلك الحين لم تتحصل على الرخصة بسبب اسمها الذي يحيلنا إلى الجمعيات السعودية والأفغانية التي تحمل نفس الاسم المتمثل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. الجمعيات المذكورة قامت في السعودية بإجبار النساء السعوديات صاحبات العيون "المثيرة للفتنة" على تغطية أعينهن، وأكد المتحدث الإعلامي باسم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ مطلق النابت أن "للهيئة الحق في إلزام صاحبة العيون الجميلة المثيرة للفتنة بتغطيتها". فهل سيكون مصير التونسيين هكذا مع جمعية "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" أو بالاسم الجديد "الجمعية الوسطية للتوعية والإصلاح"؟ السيد العلمي أكد أن أهداف الجمعية لن تتغير بتغير الاسم، و التغيير هو للتلاؤم مع قاون الجمعيات ولإبعاد الصورة السلبية للجمعية المتمثلة في إكراه العباد على القيام بأشياء لا يرغبون في القيام بها، لكن يضيف أن الجمعية ستعمل على إرساء القيم الحقيقية للدين الإسلامي المكرسة للعدالة وقيم التسامح بين الأفراد والسعي إلى تذكير التونسيين بأصولهم العربية الإسلامية دون التشدد في ذلك ولكن بإتباع الوسطية المتجذرة في روح التونسيين وفي ممارساتهم اليومية. قانونية بعث جمعيات ذات مرجعية دينية من الناحية القانونية، لا يوجد نص قانوني يمنع بعث جمعيات تقوم أنشطتها على مرجعية دينية بحتة ما لم تدع إلى العنف أو التمييز على أساس ديني، على خلاف قانون الأحزاب في تونس المعروف بقانون 88 الذي يمنع إنشاء حزب سياسي يستند على أساس ديني. وينص الفصل الأول من قانون الجمعيات في تونس على حرية تأسيس الجمعيات والانضمام إليها، فيما يحجر الفصل الرابع على الجمعيات أن تعتمد في نظامها الأساسي أو في نشاطها الدعوة إلى العنف والكراهية والتعصب والتمييز. الجمعية كانت حاضرة يوم الجمعة 24 فيفري خلال الوقفة الاحتجاجية أمام مؤسسة التلفزة الوطنية للتنديد بما اعتبروه انحيازا للإعلام لجهات سياسية ما زالت تسيطر علىها وللمطالبة بتطهير المؤسسة بصفة خاصة و الإعلام عموما. ومن الملاحظ أن الجمعية لم تبتعد في تحركاتها عن مجال الإعلام، فهل سيعتبر ذلك "الخط التحريري" لها؟ وهل تعتبر الوقفات الاحتجاجية أمام مقرات المؤسسات الإعلامية للمطالبة بإقالة المديرين والصحفيين، تعتبر من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟! هنا يمكن أن نطرح التساؤل القائم حول تعريف الجمعية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث تعتبره كل ما هو تقويم للسلوكات وردع التونسيين عن فعل السوء. وهنا يقول رئيس الجمعية في هذا الصدد لأحد المواقع الالكترونية "تدخلنا سيكون استنادا إلى الشريعة الإسلامية وبعد تكوين ملف يحتوي رأي أهل الشرع بخصوص ظاهرة معينة يمكن أن تؤثر في جيل بكامله أو حالات شاذة في بعض الأحيان" ويضيف "سنتبع سياسة المرحلية والحجاج... وسيكون عمل الجمعية مرتبطا بأهل العلم ولن نحتاج إلى فتاوى أئمة المشرق خاصة أن الشرع الإسلامي يستهجن استعمال فتوى من الشرق بدون مراعاة الظرف المكاني و الزماني لاصدار الفتاوى" على حد عبارة السيد عادل العلمي رئيس الجمعية الوسطية للتوعية والإصلاح.
لم يتعود المواطنين طوال تاريخهم مثل هذه الجمعيات ذات الصبغة الدينية لان الأنظمة التي أعقبت الاستقلال حاربت الظاهرة الدينية بأقدار و مع بروز مثل هذه الجمعيات اليوم ، أصبح المواطنون يتخوفون من استنساخ تجارب مشرقية تعتمد القوة في فرض الآراء و الإلزام والإجبار و هو ما يتناقض مع مبدا الحرية و حق الاختيار و هو ما سيفرض على الجمعيات الحقوقية التيقظ للقيام بدورها في حماية الحريات العامة و الخاصة التي قد تكون مهددة من طرف مثل هذه الجمعيات ذات الصبغة الدينية.