يبدو أنّ لا لغة اليوم في هذا الوطن تحظى بالإعجاب والتقدير والتوافق الوطني ولها شعبية غامرة في قلب الكثيرين سوى لغة العنف والضرب والرّكل .. وذراعك يا علاّف .. ولا يختلف في ذلك المثقف عن الجاهل عن الموظف عن الأمي .. إلاّ من رحم ربي طبعا .. هل هو قانون الغاب؟ لا طبعا فللغاب نواميسه وضوابطه وحدوده الّني يسير وفقها منذ عصور .. ولكنّ ما يحدث اليوم وللأسف وما نشاهده نسمعه هو منطق الهمجية والإنفلات الأخلاقي والإسهال العنفي، الّي أصبح فيه كلّ شيء مستباحا وكلّ الوسائل متاحة .. وحوت ياكل حوت وقليل الجهد يموت. ومن هذه المشاهد الدالة على ذلك ما حدث صبيحة أمس الإثنين 11 جويلية 2011 بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة حيث تقدّم عون أمن بلباسه المدني ودون الكشف عن هويته ” والتي من المفترض انّ حتّى كشفها لا يغيّر من الوضع شيئا” وأمر الفني الموجود بقسم الأشعة بأن يجري له صورة إشعاعية مستظهرا بورقة من طبيب خاص تبيّن نوعها، فما كان من الفني سوى أن طلب من عون الامن هذا تسجيل الورقة في شباك قباضة المستشفى للقيام بها، ولكنّ العون أصرّ على إجراء الصورة مجانا فما كان للفني من خيار سوى الاستنجاد بالعون المكلف بحراسة القسم، الّذي ما إن بدأ في حوار مع هذا المواطن الّذي لا يفهم حتّى إحتدّ النقاش وتحوّل إلى مشادة كلامية فتبادل للعنف أعلن فيه وقتها عون الأمن عن صفته المهنية وحقه في العلاج وفي إجراء الصورة مجانا ووووو ... ولكن بعد أن “إتخذت” كما يقولون فقد إنضم إلى حلبة اللكمات زميل عون الأمن الّذي كان يرافقه ..بالإضافة إلى إنضمام عون آخر للحراسة إلى زميله أيضا وحمي وطيس المعركة .. لذلك سريعا ما تدخلت عدّة أطراف من المستشفى للحيلولة دون حصول الكارثة من بينهم أعوان بالمركز الامني القار بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة وأطراف نقابية سعت إلى فضّ الإشتباك وتهدئة الخواطر ومحاولة المصالحة بين كل الأطراف وهو ما حصل بالفعل، أو هكذ اعتقد الجميع، إذ بعد تبادل كلمات اللوم والاعتذار بين عوني الأمن وعوني الحراسة .. وبعد المصالحة في المستشفى إقترح عونا الأمن أن يذهب المتخاصمون جميعا إلى مركز الأمن الأقرب إلى المستشفى وإتمام المصالحة هناك تعبيرا عن حسن النوايا وصفاءها، فيما ثبت فيما بعد أنّه كمين كانت الغاية منه تأديب عوني الحراسة على ما إقترفاه بحق عوني الأمن ليس أكثر * عشرة أعوان من فرقة مقاومة الإرهاب في الإنتظار وطريحة نباش القبور للحارسين لم يسلم منها حتى رئيس المركز وأعوانه عندما ركب عوني الحراسة في سيارة خاصة بالأمن وحملتهما رفقة من تخاصما معهما إلى المركز الأمني بالمحارزة لم يكونا على علم بأنّ مفاجئة من العيار الثقيل ستكون بإنتظارهما هناك، فقد وجدا قرابة عشرة أعوان من فرقة مقاومة الإرهاب في إنتظارهما وهم بالمناسبة لا يتبعون المركز الامني المذكور قاموا بالإعتداء عليهما وبضربهما بالعصي والكراسي بحجة تأديبهما على ما إقترفاه في حقّ زميلهم المريض، وقد علمنا من مصادرنا الخاصة أنّ أعوان مركز المحارزة ورئيسه قد تعرّضوا للإعتداء هم أيضا على يد هذه الفرقة عندما حاولوا إنقاذ الشابين من وليمة الضرب تلك، كما علمنا بأنّه بعد تلك الطريحة الفضيحة تمّ نقل عوني الحراسة مباشرة إلى قسم الانعاش الطبي لإسعافهما بعد إصابتهما بكسور ورضوض مختلفة خاصة على مستوى الجمجمة والحوض والأرجل . * وقفة إحتجاجية في المستشفى وتهديد بالإضراب إذا لم يتم التحقيق مع المعتدين ومحاسبتهم إحتجاجا على هذا الاعتداء الصارخ على عوني الحراسة من قبل أطراف أنيطت بعهدتها حماية أرواح الناس وممتلكاتهم وحفض أمن الوطن والمواطن وليس الإعتداء عليهم وإستغلال مواقعهم ونفوذهم لتصفية حساباتهم الشخصية، سجّل أعوان المستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة يوم الثلاثاء 12 جويلية 2011 وقفة احتجاجية بتأطير نقابي ودعم منه، فيما رأوه عربونا عن رفضهم لكلّ تلك الممارسات اللاّمسؤولة الّذي أتاها مجموعة أعوان الأمن أولئك، في حق عوني الحراسة بالمستشفى، مؤكّدين بأنّ المواقف القادمة ستسير نحو التصعيد والتهديد بالإضراب عن العمل إذا لم يتم التحقيق سريعا مع كل من ثبت تورطه في هذه الجريمة ومعاقبتهم العقاب الّذي يكفله القانون ويحكم به القضاء، معتبرين أنّ هذا التجاوز خطير جدا ويدلّ على إنفلات الأمور بشكل لم يكن مقبولا حتى ما قبل الثورة فما بالك بعدها. وفي إنتظار فتح تحقيق عاجل في الموضوع وإنتظار نتائجه نقول .. بأنّ أبلغ تعليق على ما حصل هو “بدون تعليق ” وأنّ لا شيء أصبح مضمون العواقب مع أناس تخلّت عن كلّ المبادئ والقيم بتبررات وحجج لا تقنع أحدا ، والأمل كل الأمل أن تأخذ العدالة مجراها .. وأن لا يكون المقال القادم، عن تعرّض صاحب المقال للإعتداء على أيدي مجهولين أو معلومين بسبب مقال رأى فيه بعضهم أنّه إساءة لهيبة الدولة أو لهم .. والفاهم بالطبيعة يفهم.