"الزواولة" بصفتهم فئة هشة هم الأكثر عرضة لخطر الاصابة بالوباء، وإلى تداعياته الاجتماعية القاسية. و هنا أكاد أجزم أن التونسيين العالقين في بلدان العالم بسبب الجائحة (و هي وضعية إنسانية)، ثمة من بينهم عدد من ال "زواولة" تستوجب اوضاعهم الإسعاف العاجل. هؤلاء هم من دفعت بهم الفاقة للتحول إلى ليبيا. انتقلوا إلى هناك يحملون أكفانهم بين أيديهم،بسبب الاضطرابات الأمنية الناجمة عن الحرب،من أجل لقمة العيش. وبانتشار الوباء وسريان خطره، أسرعوا إلى بلادهم يبحثون عن ملجأ دافئ يحميهم من آفتي " الكورونا " والحرب. التونسيون في ليبيا اندفعوا على دفعات ومن بينها دفعة تنتظر منذ أكثر من أسبوع اجتياز الحدود والدخول إلى أرض الوطن. المئات (450) يقبعون في العراء، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، في غياب بناية مطار تأويهم أو بناية ميناء تحتضنهم. و الأدهى من ذلك أنهم ملقون في منطقة تقع بين خطي الحدود التونسية الليبية. أي انهم في تلك المنطقة بين بين: العازلة ، اي أن أرجلهم خارج التراب الليبي و التراب التونسي في نفس الوقت، المسماة "عبور". وفي آخر تطور (15 أفريل) تم طرد العالقين من بوابة راس الجدير واجبارهم على الرجوع إلى "السبخة " في التراب الليبي تحت تهديد السلاح "الليبي" رغم تهاطل الأمطار. إن أوضاع هؤلاء الانسانية و الصحية مزرية، و في تدهور مستمر ، بل قل أن خطر الموت يهدد بعضهم بفعل الجوع و المرض (العدوى) و الحشرات السامة ، وربما يهددهم كلهم بفعل التوتر الامني على الحدود. و قد افاد بعضهم عند الاتصال بهم انهم في حالة كارثية، تجعلهم يطلقون صيحات الاستغاثة المتكررة لنجدتهم. وهم يتساءلون بحيرة: أين الدولة التونسية؟ أليسوا مواطنين تونسيين لهم حقوق دستورية هي بمثابة الواجب على الدولة! أليسوا في منطقة مضطربة خطرة حري بالسلطات التونسية انقاذهم منها؟ و لا يسعني ان أذكر هنا أنه على الدولة بمقتضى الدستور։ ضمان الوقاية والرعاية الصحية لكل مواطن (الفصل 38)، و أنه يحجر عليها منع أي مواطن من العودة إلى الوطن (الفصل25 ). لهذا ما على الجهات التونسية المسؤولة سوى التدخل العاجل والإسراع في إعادتهم إلى التراب التونسي وتأمين عودتهم إلى بلادهم. إن الدواعي الأمنية و الصحية و الإجراءات المرتبطة بهما، لا أظنها عائقا أمام استقبال مواطنينا داخل التراب التونسي و ايوائهم جماعيا (في مخيم ميداني وقتيا) ، يتواصل معه الهلال الأحمر التونسي و المنظمات الإنسانية لإعاشتهم و مداواتهم،في انتظار تجهيز أماكن للحجز الصحي. و في الأثناء تقوم السلطات بعمليات الفرز الأمني و الصحيالمطلوب منها. إن هؤلاء العالقين يمكن ان يبلغ الآلاف في وقت قياسي، باقتراب شهر رمضان. فماذا ستفعل حينئذ الدولة التونسية إن لم تسرع بمعالجة الوضعالإنساني لهذه المجموعة بسرعة؟ الأستاذة ندى الهمامي المحامية بصفاقس