تحوّلت القيادة النّقابيّة إلى جزيرة قرقنة منذ مساء الأحد 12 مارس 2023 تحت جناح الظّلام قصد الاحتفال بالذّكرى الرّابعة والعشرين لوفاة الزّعيم الوطنيّ والنّقابي الحبيب عاشور. وقد انعقدت يوم الاثنين، في حدود السّاعة العاشرة والنّصف صباحا، أشغال الهيأة الاداريّة الوطنيّة للاتّحاد العام التّونسي للشّغل بأحد النّزل بالجزيرة. وأفادنا بعض المتابعين للأشغال أنّ الهيأة الاداريّة حضرها أكثر من تسعين عضوا. ومُنح كلّ عضو ثلاث دقائق للتّعبير عن هموم جهته عموما وهموم قطاعه خصوصا، أي خُصوصا، وهو يساوي، تقريبا، مائتين وسبعين دقيقة إجمالا لتدخّلات الأعضاء. وقد انتهت أشغال الهيأة الاداريّة الوطنيّة في حدود الواحدة والنّصف ظهراǃ وتضمّنت اللاّئحة اثنتي عشرة نقطة ربّما تمّ صوغها من قِبل...؟ علما وأنّ عددا من أعضاء الهيأة الاداريّة كان في عرض البحر صوب طريق العودة قبل أن تصدر اللاّئحة التي يبدو أنّها كانت جاهزةǃ وفي صبيحة الثلاثاء 14 مارس 2023، تحوّل الأمين العام مرفقا بأعضاء المكتب التنفيذيّ الوطنيّ وأعضاء الاتّحاد الجهوي للشّغل بصفاقس وأعضاء الهيأة الإداريّة الوطنيّة ولفيف من النّقابيّات والنّقابيّين إلى مقبرة العبّاسيّة حيث تمّت تلاوة الفاتحة على روح الحبيب عاشور ووُضعت باقة ورود على قبره. وقد كان في برنامج هذه الذّكرى، كما جرت العادة، أن يتحوّل الأمين العام ومرافقوه إلى مقرّ الاتّحاد المحلّي بقرقنة لإلقاء خطاب جماهيريّ يحضره العمّال بالفكر والسّاعد والقيام بجولة في معرض المقرّ الذي خُصّص لاستعراض أهمّ مراحل الكفاح الوطني والنّقابيّ للرّاحل الحبيب عاشور بطل معركة 5 أوت 1947. لكنّ ذلك لم يتمّ بل اُغلق مقرّ الاتّحاد المحلّي بقرقنة وتحوّل الأمين العام وكلّ مرافقيه إلى محطّة سيدي يوسف باتّجاه صفاقس ثمّ العاصمة. وقد كانت مجموعة من النّقابيّات والنّقابيّين من قرقنة وخارجها أمام مقرّ الاتّحاد المحلّيّ في انتظار الأمين العام ومرافقيه رافعين شعارات تؤكّد ضرورة محاسبة كلّ من سرق أموال الشّعب وأكل خيراته تأكيدَها أن يظلّ الاتّحاد حرّا مستقلاّ أبد الدّهر في قراراته التي يُفترض أن تتّخذها القواعد النّقابيّة لتترجم مطالبها. ودعت النّقابيّات والنّقابيّون المحتجّون إلى أن يكون الاحتفال بذكرى 14 مارس حقّا للدّفاع عن التّراث المجيد للمنظّمة بعيدا عن الاستثمار المهين لها. وعلى هامش الوقفة الاحتجاجيّة، صرّح لنا رضا بازين العضو السّابق للهيأة الإداريّة ممثّلا لقطاع السّكّة الحديديّة بما يلي: "نقابيّات ونقابيّو قرقنة وخارجها يحيون ذكرى وفاة عاشور بطريقتهم الخاصّة: يرفضون أن يقع الزّج بالمنظّمة في الخندق نفسه مع المتّهمين بالفساد. نقابيّات ونقابيّو قرقنة وخارجها عبّروا عن أنّهم على العهد ثابتون وأنّ الرّبوع التي أنجبت حشّاد وعاشور ترفض أن تكون موطنا لشهود الزّور. هكذا كانت الوقفة أمام مقرّ الاتّحاد المحلّيّ بقرقنة والتي غابت عنها الهياكل المركزيّة للاتّحاد". وأفادنا عبد الحميد الفهري كاتب عام أسبق للنّقابة الأساسيّة بكلّيّة الآداب بصفاقس بالتّالي: "... وسيكون يوم 14 مارس يوما وطنيّا للمحاسبة النّقابيّة بمناسبة ذكرى وفاة الحبيب عاشور ومحطّة نضاليّة نقابيّة بدل أن تكون مناسبة للمآدب والولائم". أما فتحي الحضري أصيل جزيرة قرقنة، النقابيّ القاعديّ فقد قال : " الحركة التي بدأناها يوم الاثنين 13 مارس 2023 مع مجموعة من النّقابيّات والنّقابيّين شعارها الأساسيّ "كي لا يُغتال حشّاد مرّتين". وإنّ اختيارنا لهذا الشّعار لم يكن اعتباطيّا لأنّنا تفطّنّا إلى مخطّط سافر لاستثمار الرّصيد الكفاحي للزّعيم حشّاد والزّعيم عاشور وتحويله إلى رأس مال تجاريّ يهدف إلى التّسويق لمقرّرات هيأة إداريّة متماديّة بصلف في خطّ الانحراف عن الثّوابت والمبادئ التي من أجلها ضحّى حشّاد وعاشور والحركة النّقابيّة المناضلة. وقد قمنا بإيصال بيان إلى الهيأة الاداريّة أثناء انعقادها لإبلاغها أنّ قرارات الهيأة الاداريّة ومخرجاتها جميعا لا تُلزم النّقابيّين في شيء. ويبدو أنّ البيان الذي أصدرناه كان له تأثير مباشر على سير الهيأة الاداريّة ومجرياتها فقد ولّد جدلا صلب أعضائها لإحساس عديد النّقابيّين الأشراف بأنّ خطّ الأمين العام وصوليّ وهو خطّ مسيء لمؤسّسي الاتّحاد وقواعده وهذا ما يفسّر قرار الطّبوبي ومرافقيه بعدم المجيء إلى الاتّحاد المحلّيّ بقرقنة وإتمام البرنامج المزمع تنفيذه". كنّا قد واكبنا على امتداد الأربع والعشرين سنة الاحتفالات بذكرى وفاة الزّعيم الحبيب عاشور. ولكنّ ما عشناه في هذه الذّكرى بالذّات يجعلنا نقول: ذكرى بأيّة حال عدت يا ذكرىǃ
