تلقى مسؤولو الهياكل الممثلة للقضاة التونسيين ب”استغراب شديد” و”استنكار”، خبر قرار وزارة العدل الصادر يوم السبت بإعفاء 81 قاضيا من مهامهم. فقد أعربت رئيسة جمعية القضاة التونسيين كلثوم كنو عن خشيتها من أن يشكل القرار حلقة من حلقات “الحياد بمسار الجهود الرامية إلى ضمان استقلالية القضاء” في حين شددت رئيسة النقابة التونسية للقضاة، روضة العبيدي على “خطورة” آلية الإعفاء باعتبار انها “ستدجن” حسب قولها القضاء التونسي “كما لم يدجن في تاريخه”. ولاحظت كنو ان توقيت الإعلان عن قرار الوزارة إعفاء 81 قاضيا من مهامهم عشية عقد الجلسة العامة الخارقة للعادة للمكتب التنفيذي للجمعية يوم الأحد 26 ماي يشكل “نقطة استفهام كبيرة” سيما وان المكتب سيناقش جملة من القضايا التي وصفتها ب”المصيرية” على غرار الهيئة الوقتية للقضاء العدلي، وحركة القضاة، والمجمع القضائي. وتساءلت عن الدوافع الكامنة وراء “العجلة” باتخاذ مثل هذا القرار في حين كان من الممكن، حسب رأيها، انتظار تشكيل الهيئة الوقتية للقضاء لتقوم بهذه المهمة. وأشارت كلثوم كنو إلى انه “كلما تمت برمجة نشاط للقضاة للتباحث في مسائل مصيرية، لوحظ برمجة أنشطة موازية توحي بوجود نية الهدف منها التغطية على أنشطة القضاة” مؤكدة أن الرهان اليوم هو “هل ان ضمانات استقلال القضاء ستكون مضمنة في الدستور ام لا ؟”. من ناحيتها أكدت رئيسة نقابة القضاة التونسيين، روضة العبيدي، في تصريح هاتفي ل'وات'، رفضها لآلية الإعفاء التي قالت إنها “لا تخول فتح ملفات الفساد لمن خالف القانون كما لا تخول من تم إعفاؤه من مهامه الدفاع عن نفسه مثل أي مواطن تنسب له أفعال مخالفة للقانون”. وأوضحت أن قرار الإعفاء من المفروض ان يكون مبنيا على أساس “نسبة جرائم مالية او أخلاقية” لمن تم إعفاؤهم، وفي هذه الحال، تقول العبيدي “لا بد ان يحال هؤلاء الأشخاص على التحقيق لفتح ملفات بشأنهم مثلهم مثل أي مواطن تونسي، إلى جانب توفير سبل الدفاع لهم.. أما إذا نسبت لهم إخلالات مهنية ففي هذه الحال تتم إحالتهم على مجلس التأديب”. وأفادت بأنه ستتم الدعوة لعقد اجتماع عاجل للنظر في هذه المسألة سيما وان القضاة قد طالبوا منذ بداية الثورة بفتح ملفات الفساد وكشفها لجميع التونسيين، بخلاف آلية الإعفاء التي قالت إنها “ستمكن من أجرم فعلا من الإفلات من العقاب، كما لن تمكن المظلوم من الدفاع عن نفسه”. وتأتي ردود الفعل هذه على إعلان وزارة العدل بعد ظهر اليوم السبت قرار إعفاء 81 قاضيا من مهامهم، وذلك في بلاغ لم يتضمن تفسيرا واضحا لأسباب هذا الإعفاء. فقد ذكرت الوزارة في بلاغها أن قرار الإعفاء أتى “انطلاقا من حرصها على مواصلة تحقيق برنامج إصلاح المنظومة القضائية” مؤكدة أن تحقيق استقلالية السلطة القضائية واسترجاع “ثقة العامة” فيها يحتاج إلى”وضع حد لآثار وإفرازات نظام الاستبداد والفساد وذلك برد الاعتبار للقضاة الشرفاء الذين عانوا من الظلم والإقصاء والتهميش، ومساءلة المشتبه في ارتكابهم لتجاوزات أخلت بحسن سير المرفق وشرف القضاء ومست من اعتباره ومكانته”.