لم يكن عيد الصداقة موجودا عندما أنتج المبدع دريد لحّام مسلسل "عودة غوّار" سنة 1998 حيث يتحدّث عن عيد صداقة خصوصي بينه وبين صاحبيه "أبو عنتر" و"تحسين" الذي غدر به لاحقا ولم يكن صديقا صدوقا… كان الكل يسخر من ثلاثتهم عندما يتركون كل أشغالهم ليجتمعوا في الحديقة العامة على الساعة منتصف النهار مرة في السنة ويهدوا لبعضهم الورود التي يتحصلون عليها بصعوبة ومهما كانت الطريقة… وكانوا يقدّمون الأزهار مع عبارات التهنئة ويسألون عن أحوال بعضهم البعض… ثم كانوا يغنّون "سنة حلوة يا صديقي"، "دراويش دراويش يا خيّي دراويش ع الخبزة والميّ يا خالي بنعيش"… وظل أبو عنتر حاضرا كل سنة وظل غوّار محافظا على نفس التقليد حتى وهو في السجن بعد أن غدر به "تحسين" وشهد ضده شهادة زور… المسلسل يبيّن قيمة الصداقة وجاء بعيد لم يكن موجودا وقتها حتى إن مدير السجن اتهم غوّار بالوهم فردّ عليه : "العيد موجود ولكن الصديق لم يعد موجودا !"… كانت فكرة نبيلة وثورية سابقة لوقتها آنذاك.. وهاهي الأممالمتحدة تتبنّاها بعد سنوات وبالتحديد في 2011 وكأنها شاهدت المسلسل، فقد أقرّت هذا العيد يوم 30 جويلية من كل عام وحسنا فعلت ولكنّ غوّار سبقها والفضل له في هذه العيد الذي كان لا بدّ منه… فالصداقة الصادقة الحقيقية من أهم الأشياء في هذه الحياة والصديق كنز خاصة في هذا الزمن المادي، زمن المصالح والنفاق والكذب والخداع والقلوب الجافة الفاترة اللامبالية أو القاسية والظالمة التي تستمتع بآلام الآخرين وتشمت بهم… ورغم ذلك، يوجد دائما في التاريخ من يريد معاكسة الآخرين فالولايات المتحدة والهند والأرجنتين والبرازيل وفنلندا واستونيا وباراغواي وبيرو تحتفل بهذه المناسبة في يوم آخر غير 30 جويلية عملا بقاعدة "خالف تعرف"… وفي كل الحالات، فالصديق الوفي رزق جميل وعملة نادرة في هذا الزمن ويأتي قبل الأهل والجار أحيانا كثيرة… عديد الفنانين تغنّوا بالصحبة وعديد الأعمال الفنية من مسلسلات وأفلام وصور المتحركة اهتمّت بهذه العلاقة الصادقة بالإضافة إلى قصص الأنبياء والعظماء عبر التاريخ… فكل عام والناس أصدقاء صدوقون.