اصدار بطاقات إيداع في حق مسيري جمعيتين اثنتين ومسؤولين سابقين بعدد من الإدارات ( محمد زيتونة)    مدير معهد الإحصاء: كلفة انجاز التّعداد العامّ للسّكان والسّكنى لسنة 2024 تناهز 89 مليون دينار    وزير التشغيل والتكوين المهني يؤكد أن الشركات الأهلية تجربة رائدة وأنموذج لاقتصاد جديد في تونس    تونس في الإجتماعات السنوية للبنك الأوروبي لإعادة الأعمار والتنمية(BERD).    منوبة: إصدار بطاقتي إيداع في حق صاحب مجزرة ومساعده من أجل مخالفة التراتيب الصحية    قابس: تراجع عدد الأضاحي خلال هذه السنة مقارنة بالسنة الفارطة (المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية)    وزير الداخلية الفرنسي: الشرطة قتلت مسلحا حاول إشعال النار في كنيس يهودي    بن عروس: اندلاع حريق بمستودع قديم وغير مستغل    كاس تونس لكرة القدم - نتائج الدفعة الاولى لمباريات الدور ثمن النهائي    مدرب الاهلي المصري: الترجي تطور كثيرا وننتظر مباراة مثيرة في ظل تقارب مستوى الفريقين    بطولة العالم لالعاب القوى لذوي الاعاقة : التونسي احمد بن مصلح يحرز برونزية مسابقة دفع الجلة (صنف اف 37)    تفكيك شبكة لترويج الأقراص المخدرة وحجز 900 قرص مخدر    القيروان :الاحتفاظ ب 8 اشخاص من دول افريقيا جنوب الصحراء دون وثائق ثبوتية يعملون بشركة فلاحية    الحماية المدنية: انقاذ طفل على اثر سقوطه ببئر دون ماء عمقه حوالي 18 متر    الكاف: انطلاق فعاليات الدورة 34 لمهرجان ميو السنوي    بن عروس : انطلاق ملتقى الطاهر الهمامي للإبداع الأدبي والفكري في دورته العاشرة    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    نحو 20 بالمائة من المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم يمكنهم العلاج دون الحاجة الى أدوية    الخارجية الألمانية.. هجمات المستوطنين على مساعدات غزة وصمة عار    رسميا.. سلوت يعلن توليه تدريب ليفربول خلفا لكلوب    اكتشاف جديد قد يحل لغز بناء الأهرامات المصرية    تضمّنت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرًا في صناعة السينما العربية    سعيّد يأذن بتنقيح فصولا من المجلة التجارية    قيس سعيد يُعجّل بتنقيح الفصل 411 المتعلق بأحكام الشيك دون رصيد.    أب يرمي أولاده الأربعة في الشارع والأم ترفضهم    إرتفاع قيمة صادرات المواد الفلاحية البيولوجية ب 24،5 %    أولا وأخيرا ..«سقف وقاعة»    خلال لقائها ببودربالة...رئيسة مكتب مجلس أوروبا تقدّم برنامج تعاون لمكافحة الفساد    عاجل/ إسبانيا تتخذ اجراء هام ضد الكيان الصهيوني..    القدرة الشرائية للمواكن محور لقاء وزير الداخلية برئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    دقاش: افتتاح فعاليات مهرجان تريتونيس الدولي الدورة 6    وزير الفلاحة: المحتكرون وراء غلاء أسعار أضاحي العيد    الديوانة تحجز سلعا مهربة فاقت قيمتها ال400 مليون    حاولوا سرقة متحف الحبيب بورقيبة الأثري...القبض على 5 متورطين    معلم تاريخي يتحول إلى وكر للمنحرفين ما القصة ؟    المنستير: عدد حجيج الولاية لموسم الحج الحالي بلغ 590 حاجا وحاجة    تقريرنقابة الصحفيين: ارتفاع وتيرة الاعتداءات على الصّحفيين في شهر أفريل    غدا..دخول المتاحف سيكون مجانا..    البطولة العربية للأردن : تونس تشارك ب14 مصارعا ومصارعة    570 مليون دينار لدعم الميزانيّة..البنوك تعوّض الخروج على السوق الماليّة للاقتراض    عاجل/ أمريكا تستثني هذه المناطق بتونس والمسافات من تحذير رعاياها    إتحاد الفلاحة: المعدل العام لسعر الأضاحي سيكون بين 800د و1200د.    اليوم.. حفل زياد غرسة بالمسرح البلدي    القصرين: وفاة شاب في حادث مرور    بعد تسجيل الحالة الرابعة من نوعها.. مرض جديد يثير القلق    مباراة الكرة الطائرة بين الترجي و الافريقي : متى و أين و بكم أسعار التذاكر؟    كأس أوروبا 2024: كانتي يعود لتشكيلة المنتخب الفرنسي    عاجل : ليفربول يعلن رحيل هذا اللاعب نهاية الموسم    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    خطبة الجمعة...الميراث في الإسلام    سنتكوم: تفريغ أول حمولة مساعدات على الميناء العائم في غزة    النائب طارق مهدي يكشف: الأفارقة جنوب الصحراء احتلوا الشريط الساحلي بين العامرة وجبنيانة    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤتمر "الخلافة "و" الكلام المُر"عن ازدراء القضاء…بقلم احمد الرحموني
نشر في صحفيو صفاقس يوم 09 - 06 - 2016

ربما سيتأخر بعضهم عن التعليق ويجد في عدم الموافقة على عقد المؤتمر السنوي الخامس لحزب التحرير يوم 04 جوان 2016 مسألة ملتبسة تحتاج للتريث حتى يتبين تداعياتها وربما سيسكت البعض الآخر أمام صدمة القوة ويرفع قبعته تحية لقواتنا الامنية "التي حاصرت قصر المؤتمرات منذ فجر ذلك اليوم وتصدت لكل من يقترب من المكان بالطرد او الاعتقال"
وربما سيعتبر البعض من هؤلاء المتحمسين – ان لم يكن قد اعتبر فعلا -"ان حزب التحرير لا بواكي له"ويتهم " جل مكونات المجتمع المدني وجل المتمترسين وراء باب الحقوق والحريات ودعاة الحرية…بان الامر لم يعنهم ولم يحرك سواكنهم .."!!
وربما يرى شق اكثر ترددا ان الوقوف على الربوة اسلم فرارا من الاتهام "بالظلامية"و"معاداة الديمقراطية "وحتى "بتبييض الارهاب " وموالاة "الداعشية " الخ …وهو ما اضحى – في هذه الايام – "خزانا مرعبا" لعدد كبير من المثقفين !!
ومن الطبيعي أن تكون هيئة الدفاع في قضية حزب التحرير أكثر وثوقا بموقفها خصوصا بعد صدور قرار- في مادة توقيف التنفيذ – عن الرئيس الاول للمحكمة الادارية السيد عبد السلام المهدي قريصيعة وذلك في القضية عدد419919 بتاريخ 3 جوان 2016 (قبل يوم من الواقعة ) يقضي "بالإذن بتوقيف تنفيذ قرار عدم الموافقة على عقد المؤتمر السنوي الخامس لحزب التحرير تونس بقصر المؤتمرات بالعاصمة يوم السبت 04 جوان 2016 وذلك الى حين البت في القضية الاصلية ".
ولذلك كان من الطبيعي ان تجد هيئة الدفاع في ذلك تبريرا "للتنديد بهذه الممارسات البوليسية التي ترفض الاذعان الى الحكم القضائي"معتبرة هذا الموقف من وزارة الداخلية "ضربا لهيبة القضاء وعودة الى ممارسات الدكتاتورية "داعية الجميع (بمن في ذلك القضاة) الى "التضامن مع قضاء الحكم المهدور "معلنة في الأخير تمسكها بالحكم القضائي وعزمها القيام بجميع الاجراءات القانونية من اجل تتبع المسؤولين عن خرقه بما فيها رفع شكاية جزائية ضد كل من وزير الداخلية و رئيس الحكومة "(بيان من هيئة الدفاع في قضية حزب التحرير بتاريخ 4 جوان 2016).
لكن من غير الطبيعي أن يجتمع على أحد الاحزاب القانونية – في واقعة غير مسبوقة منذ الثورة – خمسة من موظفي الدولة في مواقع سامية لمنع انعقاد مؤتمر دوري داب الحزب المذكور على عقده سنويا منذ تاسيسه والاعلان عن وجوده في 21 جويلية 2012:
 أولهم رئيس منطقة الأمن الوطني بباب بحر- تونس في حق وزارة الداخلية الذي عمد في 28 ماي 2016 – جوابا عن الاعلام الصادر عن الممثل القانوني لحزب التحرير- الى توجيه محضر اعلام بعدم الموافقة على عقد مؤتمر (وهو العنوان الذي اختاره)وذلك طبقا لأحكام القانون عدد 4 لسنة 1969 المؤرخ في 24 جانفي 1969 والمتعلق بالاجتماعات العامة والمواكب والاستعراضات والمظاهرات والتجمهر واستنادا "لما يمكن ان يترتب عن عقد هذا المؤتمر من اخلال بالامن العام ".وهو ما يقتضيه الفصل 7 من القانون المذكور الذي ينص على انه "يمكن للسّلط المسؤولة اتّخاذ قرار في منع كلّ اجتماع يتوقّع منه اخلال بالأمن أو بالنّظام العام، ويقع إعلام المنظّمين للاجتماع بهذا القرار بواسطة أعوان الأمن. وفي هذه الصّورة يمكن لمنظّمي الاجتماع أن يرفعوا أمرهم إلى كاتب الدّولة للداخليّة الذي يبتّ في الموضوع ".
 ثانيهم وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان السيد كمال الجندوبي الذي بدا في تصريحاته لوكالة تونس افريقيا للأنباء اكثر صراحة ووضوحا في استهداف حزب التحرير ومحاولة ربطه بما سماها "الجماعات الإرهابية الإسلاماوية" من ذلك تأكيده على"ان قرار منع حزب التحرير من تنظيم مؤتمره السنوي …تحت شعار "الخلافة القادمة منقذة العالم"، هو "قرار حكومي وطني سيادي ومسؤول، يستند إلى عدد من الدواعي الموضوعية ". وان شعار المؤتمر له علاقة مباشرة بالفكر التكفيري المتعصب" وأن "الترخيص بتنظيم هذا المؤتمر من شأنه التصديق على مشروعية المطالبة بإقامة حكم الخلافة وبالتالي خرق أحكام الدستور التي تنص على شكل الدولة المدنية التونسية ونظامها السياسي" اضافة الى ان ذلك" من شأنه أن يمس بالأمن العام، لما قد يرافق هذه العملية من احتجاجات أو صدامات، لا يمكن بأي حال من الأحوال السماح بحدوثها"، فضلا عن قوله "أن كل حزب سياسي قانوني يجب أن يخضع ضرورة إلى أحكام المرسوم المتعلق بتنظيم الاحزاب السياسية ، وأن البلاد التونسية ليست مطالبة بأن تتأقلم مع الخصوصيات التي يريدها أي حزب لنفسه"(وكالة تونس افريقيا للانباء – 01 جوان 2016)
 ثالثهم وزير الداخلية السيد الهادي المجدوب الذي تمسك في تقريره المدلى به في قضية توقيف التنفيذ بتاريخ 3 جوان 2016″بان عقد المؤتمر يمكن ان يترتب عليه اخلال بالأمن العام خاصة وانه جاء تحت شعار "الخلافة منقذة العالم "كما ان منهجية الحزب تتمحور حول جعل دولة الخلافة قضية مركزية في استراتيجيته وهو من شانه المساس بالنظام الجمهوري داخل الدولة و اثارة ردود فعل عديد المواطنين في الشارع الى جانب ضرورة التوقي من تهديدات محتملة على اثر عقد هذا المؤتمر "اضافة الى تأكيده على ان بيانات الحزب هي "بيانات تحريضية من شأنها المساس الخطير بالأمن العام وتعتبر مخالفة لأحكام الفصل 35 من الدستور – الذي اوجب على الاحزاب السياسية الالتزام في انظمتها الاساسية وفي انشطتها بأحكام الدستور- وكذلك لأحكام الفصل 4 من المرسوم عدد87 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سيتمبر 2011 المتعلق بتنظيم الاحزاب السياسية الذي يحجر عليها ان تعتمد في بياناتها الدعوة الى العنف و الكراهية و التعصب والتمييز على اسس دينية او فئوية او جنسية او جهوية "
 رابعهم المكلف العام بنزاعات الدولة السيد كمال الهذلي الذي اعتبر في تقريره المدلى به في نفس القضية بتاريخ 3 جوان 2016 "ان وزارة الداخلية مطلعة على الوضع الامني بالبلاد وهي وحدها القادرة على تقدير مدى امكانية الاخلال بالأمن وبالنظام العام من عدمه".
 خامسهم والي تونس السيد فاخر القفصي الذي أدى موقفا متشددا حيال حزب التحرير فيه خروج ظاهر عن الحياد ومقتضيات المسؤولية وقد اقر يوم السبت 4 جوان 2016 وبعد صدور حكم المحكمة الادارية غلق قصر المؤتمرات لغاية 20 جوان الجاري في حين كان من المبرمج ان تبدأ أعمال المؤتمر على الساعة التاسعة من اليوم المعين له على ان يعقد اجتماع شعبي بعد الظهر في قصر المؤتمرات. وقد افاد السيد فاخر القفصي في تصريح هجومي ملفت للانتباه بأن هذا القرار "جاء لتفادي كل ما من شأنه المس من الأمن العام وانه تم منع حزب التحرير من عقد المؤتمر لما تمت معاينته من لافتات وبيانات لا تعترف بالدولة وفيها تعد صارخ على النظام الجمهوري و إنه ليس من باب الصدفة أن يبرمج حزب التحرير مؤتمره قبل شهر رمضان بيومين،و "بان الإرهابيين يعتبرون رمضان شهرا للذبح و القتل اضافة الى قوله "بان حزب التحرير له نفس أهداف الإرهابيين ويرفع نفس الشعارات، مشددا على أن تنظيم المؤتمر في تونس يسيئ لسمعة تونس"(اذاعة شمس .اف.ام -4 جوان 2016).
ويبدو بعد كل ذلك من الغريب ان يصرح والي تونس بأنه " لم يتحد قرار المحكمة الادارية القاضي بإيقاف قرار وزارة الداخلية المتمثل في منع حزب التحرير من عقد مؤتمره بل قام بما يخوله له القانون من صلاحيات في غلق قاعة الاجتماعات بقصر المؤتمرات بالعاصمة "طبق ما ينص عليه الفصل 7 من الامر عدد 50 لسنة 1978 المؤرخ في 26 جانفي 1978 المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ الذي يخول للوالي " الامر بالغلق المؤقت لقاعات العروض وأماكن الاجتماعات مهما كان نوعها "(الصباح نيوز – 4 جوان 2016) .
ويلاحظ ان هذه الحجة التي تمسك بها الوالي قد سبق ان دفع بها وزير الداخلية في قضية توقيف التنفيذ حيث اعتبر "ان حالة الطوارئ التي تخضع اليها بلادنا حاليا تخول لوزير الداخلية كامل الصلاحيات لمنع الاجتماعات التي من شانها الاخلال بالأمن العام وذلك بكامل تراب الجمهورية تطبيقا لأحكام الفصل 7 المذكور.. وهي صلاحية اوكلها اليها المشرع في اطار الضبط الاداري الوقائي التي تهدف الى حماية الامن والنظام العامين "(القرار الصادر في مادة توقيف التنفيد المبين اعلاه)
لكن في الاخير كيف تهاوت جميع تلك الحجج امام المحكمة، ألم تكن توقعات الاخلال بالأمن والنظام العام كافية لإقناع القاضي؟!
يبدوان العناصر التي تضافر الجميع على الاقناع بها لم تصمد لا أمام الوقائع ولا أمام المبادئ ولذلك اختار "والي البلاد " ان يحسم الأمر بالقوة ويفرض الحل بالالتجاء الى قانون الطوارئ!
فمن جهة الوقائع لاحظ الرئيس الاول للمحكمة الادارية" ان منظمي المؤتمر التزموا باحترام القوانين والتراتيب الجاري بها العمل فيما يتعلق بموضوع النشاط و التوقيت و المكان المحددين له و بالإشراف على حسن التنظيم والتاطير و تكليف عناصر بذلك وتعهدوا بعدم التجمهر او الخروج في شكل مجموعات بالطريق العام قبل وبعد الندوة وتحملهم المسؤولية في صورة مخالفة ذلك ".
اما من جهة المبادئ فيبرز في هذا السياق دور القضاء في حماية حرية الاجتماع من أي انتهاك (الفصل 49 من الدستور) وتأكيد القاضي على ان حرية الاجتماع مضمونة (الفصل 37 من الدستور) وانه يحجر على السلطات العمومية عرقلة نشاط الاحزاب السياسية او تعطيله بصفة مباشرة او غير مباشرة "(الفصل 5 من المرسوم المتعلق بتنظيم الاحزاب السياسية .
لكن ماذا عن الاخلال بالآمن ؟! الم ينص الدستور نفسه على انه يمكن ان توضع الضوابط المتعلقة بالحقوق والحريات بهدف حماية مقتضيات الامن العام او الدفاع الوطني الخ.. ؟
لاشك في ذلك غير ان القانون ولئن اجاز منع الاجتماعات العامة" فان ذلك يبقى مشروطا – حسب قرار المحكمة – بتوقع الاخلال بالأمن او بالنظام العام"
وفي وضعية الحال يتضح للمحكمة "ان توقع الاخلال بالأمن او بالنظام العام استنادا الى شعار المؤتمر والى استراتيجية عمل الحزب يعد في غير طريقه وان الفصل الثاني من النظام الاساسي للحزب ينص على انه يعمل لاستئناف الحياة الاسلامية بإقامة الخلافة الراشدة وان هذا النظام الاساسي كان ولا زال وثيقة اساسية من وثائق تأسيس الحزب طبق المرسوم المتعلق بتنظيم الاحزاب السياسية ".
لكن مهما كان الا يمكن ان نطوي هذه الصفحة ونعتبرها مثالا لحوادث كثيرة ثم نمر ؟!
ربما لا يمكن قبل التوقف عند مبادئ جوهرية لا ترتبط بحزب التحرير ولا "بمؤتمر الخلافة" وتضعنا في مواجهة المبادئ المتعلقة بسيادة القانون و الضمان القضائي من جهة وتلك الخاصة بدور الاحزاب السياسية في أي مجتمع ديمقراطي من جهة اخرى.
فمن جهة اولى يبدو اننا في حاجة اكيدة للتذكير بان الخضوع لرقابة القضاء هو تعبير على سيادة القانون والديمقراطية وان هذا المبدأ يقتضي التزام جميع اعضاء المجتمع وكذلك سلطات الدولة على السواء ودون تفريق باحترام القانون كأساس لمشروعية الاعمال. وإضافة لهذا فمن البديهي في كل نظام ديمقراطي ان سيادة القانون تستلزم ان يكون هذا القانون مكفولا بسلطة مستقلة هي القضاء وان هذه السلطة هي التي تسهر على تأكيد تلك السيادة وضمان فاعليتها.ولذلك فان الامتناع عن تنفيذ الاحكام او تعطيل تنفيذها – وهو محجر بنص الدستور (الفصل 111) – وكذلك التحايل عليها بقصد تعطيلها يمثل اهدارا لسيادة القانون وازدراء لحكم القضاء !!! .
وإضافة لذلك فان حجية قرارات توقيف التنفيذ الصادرة عن الرئيس الاول للمحكمة الادارية توجب على الجهة الادارية التي اصدرت القرار وعلى جميع الجهات الاخرى تعطيل العمل بالقرار موضوع التوقيف(الفصل 41 جديد من قانون المحكمة الإدارية). فيكون من المتحتم على الجميع تعطيل العمل بالقرار الصادر بمنع انعقاد المؤتمر المذكور الى حين البت في القضية الأصلية وزيادة على ذلك فان عدم تنفيذ القرار الصادر في مادة توقيف التنفيذ شأنه شأن القرار الصادر في مادة الإلغاء يعدّ خطأ فاحشا معمرا لذمة السلطة الإدارية المعنية بالأمر ويجيز للمدعي القيام بقضية في التعويض على هذا الأساس.
ومثلما لاحظنا في قضايا شبيهة لنا ان نتساءل – بكامل الوضوح – هل بقي في هذه القضية مكان للقانون او القضاء او ان سيادة القانون والضمان القضائي تبدوان في مهب الريح؟ (راجع في نفس المعنى مقالنا حول تعطيل تنفيذ القرار الصادر عن المحكمة الادارية في 21 نوفمبر 2014 بإيقاف تنفيذ قرار الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي و البصري التي اجازت بث نتائج سبراراء الناخبين عند خروجهم من مكاتب الاقتراع بعد غلق اخر مكتب اقتراع داخل التراب التونسي – موقع نواة بتاريخ 24 نوفمبر2014).
اما من جهة ثانية فان عددا من المبادئ التوجيهية المتعلقة بالاحزاب السياسية تجد موقعها في واقعة الحال، من ذلك على سبيل المثال (راجع بصفة اساسية الدراسة المطولة تحت عنوان" المبادئ التوجيهية حول تنظيم الاحزاب السياسية "المصادق عليها من قبل لجنة البندقية في الدورة 84 بتاريخ 15و 16 اكتوبر 2010) :
1) التأكيد على حرية الاجتماع للأحزاب السياسية باعتبارها تمثل شكلا من التجمعات الضرورية لحسن سير الديمقراطية ،فهي من العناصر الاساسية للمزاحمة الانتخابية والية من اليات العلاقة الجوهرية بين الفرد و الدولة .وبناء على ذلك فلا يمكن منع الاحزاب السياسية او حلها الا استنادا الى اسباب مشروعة تتعلق بالدعوة الى العنف في اطار برنامج سياسي اوان يكون من اهداف الحزب قلب النظام الدستوري القائم بواسطة المقاومة المسلحة او الارهاب او أي نشاط تخريبي .وعلى هذا الاعتبار فان الحزب الذي يكون من اهدافه التغيير السلمي للنظام الدستوري بواسطة الوسائل المشروعة لا يمكن ان يمنع او يحل حماية لحرية التعبير.ويتضمن ذلك ان مجرد منازعة النظام القائم لا يمكن في حد ذلتها ان تمثل تصرفا موجبا للعقاب في دولة ليبيرالية وديمقراطية. ومن نتائج ذلك اعتبار ان منع او حل الحزب السياسي هو اجراء استثنائي في المجتمع الديمقراطي، فاذا اتخذت الجهات المختصة في الدولة قرارا بغرض الالتجاء للسلطة القضائية لحظر حزب سياسي فيجب ان يكون لها ادلة كافية على وجود تهديد حقيقي للنظام الدستوري و الحقوق و الحريات الاساسية للمواطنين.
2) مبدأ التزام الدولة بحماية حرية الاجتماع ومؤدى ذلك ان على الدولة مسؤولية العمل على تضمين التشريعات ذات الصلة جملة الاليات التي من شانها ضمان حرية ممارسة الافراد لحق الاجتماع وتكوين الاحزاب السياسية فضلا عن حماية السلطات العمومية لنشاط الاحزاب السياسية .كما تبقى الدولة مسؤولة على اقرار تشريع يمنع التدخل سواء من جهتها او من جهة اطراف غير حكومية في شؤون الاحزاب السياسية .ومن الواضح ان انتهاك الحق في حرية الاجتماع يحمل الدولة مسؤولية التعويض المناسب زيادة على ضرورة انهاء ذلك الانتهاك.
ويشار في هذا الاطار الى انه من واجب الدولة – حسب المبادئ المشتركة المسلم بها- ان تمتد حمايتها لحق الاجتماع لتشمل الاحزاب السياسية التي تتبنى "افكارا غير شعبية " ولا يمكن لسلطات الدولة ان تخل بمبدا المساواة بين جميع الاحزاب اوان تحجب عن بعضها تمويلا عموميا يقتضيه القانون .
3) الالتزام بمبدأ المشروعية في القيود الواردة على الاحزاب السياسية ويتضمن ذلك ان جميع القيود المفروضة على ممارسة حق الاجتماع و التعبير يجب ان تستند الى الدستور او القانون وان ترتبط باهداف مشروعة وضرورية للمجتمع الديمقراطي لا الى نزوات او تجاذبات سياسية.
4) ضرورة التناسب بين القيود المفروضة على الاحزاب السياسية والمخالفات الصادرة عنها ومعنى ذلك انه يجب ان يكتسي كل قيد طبيعة متناسبة وقادرة على تحقيق الهدف المسند اليه .وبشكل خاص وبالنظر للدور الاساسي الذي تلعبه الاحزاب السياسية في المسار الديمقراطي فان التناسب يجب ان يوزن بعناية فضلا عن ان القيود يجب ان تطبق في اضيق الحدود .
5) اقرار حق التظلم الفعلي للأحزاب السياسية في صورة انتهاك حقوقها ويقتضي ذلك الاعتراف لها بامكانية التقاضي او طلب مراجعة القرارات الماسة بحرية الاجتماع او التعبير او بأحد الحقوق الاساسية المكفولة لها.كما يجب ان تتمتع الاحزاب بحماية كاملة لحقها في ان يتم النظر في قضيتها طبقا لمعايير الحياد و المحاكمة العادلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.