في إحدى جلسات المجلس التأسيسي طالب النائب عن المسار الاجتماعي الديمقراطي الأستاذ سمير بالطيّب المعروف برصانته وعمق تحاليله من زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي أن يقلّل من ظهوره الإعلامي لأنه في كل مرّة تكلّم إلاّ وخلّف وراءه الغبار بل والأعاصير , فردّ عليه السيد الصحبي عتيق رئيس كتلة النهضة في المجلس بأن حركته ورئيسها لا يقبلان دروسا من أحد في كيفية الكلام ومحتواه وتوقيته النائب بالطيّب كان يشير في تدخّله ذاك إلى الفيديو المُسرّب الذي ظهر فيه الغنوشي مع جمع من رموز التيار السلفي وما خلّفه من ردود فعل متباينة ألهبت في المحصّلة مناخ المشهد السياسي الوطني الحار بطبيعته , وها أنّ الأحداث جاءت بالفعل لتأكد أن زعيم النهضة وأتباعه لا يستمعون مطلقا للنّصْح بعد أن ظهر الشيخ في مقطع فيديو جديد يدعو فيه المواطنين إلى مقاطعة الخمّارات بهدف القضاء عليها مطالبا أصحاب الفضاءات التجارية بإخراج الخمر من مغازاتهم وقال إنه يمكن مطالبة صاحب المغازة العامة بالكفّ عن بيع الخمور في مغازته وإن رفض يمكن مقاطعته وهو ما من شأنه أن يؤثر على نشاط هذه المغازة نجيب الغربي المكلّف بالإعلام في حركة النهضة سارع لتفسير ما أراد الشيخ قوله فبيّن أن هذا المقطع تمّ إخراجه من سياقه الأصلي (طبعا) موضّحا أن راشد الغنوشي وفي إمامته لصلاة الجمعة بقاعة الاجتماعات في مقرّ الحركة يوم الجمعة الماضي لم يكن يدعُ إلى المقاطعة وإنّما كان ذلك في سياق الكلام حيث كان يشرح ويدقق على سبيل الفرضيّة المحضة لحالات قصوى افتراضية فيما يتعلّق بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وأضاف بأن الشيخ أكد في خطبة الجمعة بأن التغيير باليد من اختصاص الدولة وهو ما يسمّى بالعنف المشروع أي أنّه ليس من حقّ أيّ كان فردا أو جماعة أن يستعمل القوّة حتى لتغيير شيء يراه أو يقدّر أنّه خاطئ , فوحدها الدولة هي الموكول لها تغيير الأشياء السّيّئة بالقوّة الحادثة الجديدة لكلام شيخ النهضة وتلك التي سبقتها وما رافقهما من شروح وإضاحات من رموز الحركة لبيان “بياض” سريرة زعيمهم والتشديد على عدم تحميل الكلام ما لا يحتمل , يؤكد في المحصّلة أن جانبا كبيرا من متلقّي أحاديث الشيخ وأنا أحدهم “كمشة بهايم” لا نعرف فهْم مقاصد المفردات ومفهوم الكلمات التي يُلقي بها في خُطبه وخطاباته وجب معها أن يأتوا لنا بمُترجم كي يفكّ رموزها ويشفّر طلاسيمها حتّى نفهم ما يصعب علينا فهمه وأقترح على السادة قادة النهضة جهابذة علم الكلام وعلم المعاجم أن يقدّموا لنا بمناسبة الفيديو القادم لشيخهم قبل أن يقرؤوا علينا آخر اختراعاتهم في التفسير الرسمي لكلامه “شويّة قرط وشويّة شعير” نتناوله بهدف نفض الغبار عن عقلنا , لعلّ “مُخنا” يتحرك فيه بعض الفكر ونفهم في الأخير ماذا يريد أن يقول “الشيخ”…