تحتفظ الذاكرة الوطنية بعدة قرّاء متميّزين للقرآن الكريم.. و لعل أبرزهم و أكثرهم شهرة هو الشيخ القيرواني المولد علي البرّاق رحمه الله.. و الذي سطع نجمه في ترتيل القرآن رغم أنه كان كفيفا.. ارتبطت تلاوته في الذاكرة الشعبية بشهر رمضان قبل أذان المغرب.. اشتهر كذلك بأذانه الذي يعرفه كل التونسيين تقريبا.. نسمع تسجيلاته في الجوامع و الإذاعات المختلفة و في التلفزة الوطنية.. الكل يعرفه من صوته الفريد.. و لقد امتدّت شهرته إلى خارج أرض الوطن و كان يثني عليه كل من سمعه.. أعجبوا به في مكةالمكرمة لما ذهب إلى الحج في 1950 و 1963.. مدحه طه حسين فقال إن صوته يذكرنا بفجر الحضارة الإسلامية و كذلك حرصت أم كلثوم على الاستماع إلى تسجيلاته حين زارت تونس.. ثاني الشيوخ هو المختار السّقانجي رحمه الله.. نسمعه في الإذاعة و التلفزة.. يحبّر لنا القرآن تحبيرا بصوته الدافئ المؤثّر.. قراءته تهز الوجدان.. و أخيرا و ليس آخرا، نذكر الشيخ أحمد الشحيمي رحمه الله.. كان يرتّل القرآن و ينشد أناشيد صوفية و نراه في السّلاميّات.. صوته أخّاذ و قراءته جذّابة و فريدة.. لطالما استمعت إلى تلاوات مختار السقانجي و أحمد الشحيمي العطرة أيام الطفولة عندما يفتتح التلفزيون إرساله قبل عرض الصور المتحركة.. و لطالما استمتعت بتلاوتهما و تعلّمت منهما.. و لئن كانت تلاوات علي البرّاق منتشرة في الأقراص أو الانترنات أو الإذاعة أو التلفزة فإن تلاوات مختار السقانجي و أحمد الشحيمي تبقى نادرة نوعا ما.. و أرجو أن تنتشر بيننا أكثر.. ربما بفضل أرشيف الإذاعة أو التلفزة.. كل هؤلاء الشيوخ يرتّلون القرآن حسب الطريقة التونسية القائمة على التمهل في القراءة.. ترتاح روح الإنسان عند الإنصات إلى تلاوتهم و يستفيد منهم.. هؤلاء من أبرز مرتلي القرآن الكريم في تونس و غيرهم كثير.. رحمهم الله جميعا و جازاهم خير جزاء على ما قدّموه للدين الإسلامي الحنيف.