لطفي بو شناق هو رمز من رموز الأغنية التونسية.. من أبناء المدرسة الرشيدية.. سفير للأمم المتحدة للنوايا الحسنة منذ 2004.. غنّى في مختلف أنواع الموسيقى.. جمع بين الطرب و الإيقاع و التجديد.. غنّى المالوف و عُرف عنه الارتجال و هو فنّ صعب لا يتقنه كل مطرب.. أنشد الأغاني الصوفية و عرفناه في الابتهالات المختلفة و الرّوحانيّات و الحضرة.. حيث ينشد بصدق و يبلّغ معاني عميقة في مناجاة الله.. و على رأس كل الابتهالات التي قدّمها نجد " أسماء الله الحسنى ".. بفضل لحن لطفي بو شناق تحبّ أسماء الله و تحفظها و تستمتع بترديدها.. غنّى عن القضايا العالمية.. غنّى عن فلسطين و العراق و سراييفو و اليمن.. و غنّى " أنا العربي " و " رسالة إلى الأمّة " ( مع الفنانة لطيفة ) و "يحيا السلام "… له أغان وطنية في حب تونس مثل " احنا الجود احنا الكرم " و " الكراسي " و " أنا مواطن "… و للمعذّبين في الأرض نصيب من فنّه و ذلك في رائعته " هذي غناية ليهم ".. لم ينس فناننا العلم و المعلّمين و من أشهر ما قدّم في هذا الصّدد أغنيته " علّمني ".. كما غنّى للحب و الرومانسية في عدة أعمال مثل " ليلى " و " ريتك ما نعرف وين " و " إنت شمسي " و " أنا حبيت " و " العين اللي ما تشوفكشي " ( مع الفنانة ميشلين خليفة )… جمع لطفي بو شناق بين رقيّ الكلمة و عذوبة اللحن و سموّ المعاني و حسن الأداء.. و عندما تكون أغانيه مصوّرة يصاحبها بإيماءات تعبّر عن مضمونها.. بالإضافة إلى إبداعه في الطرب، يمتاز لطفي بو شناق بحسن الحديث و باتّساع دائرة معارفه و بخلق حسن رغم أنه متواضع و قليل الكلام.. أذكر أنه عاب على الناس في إحدى حلقات " كلام الناس " ثرثرتهم دون أن ينجزوا شيئا.. فوضى كلاميّة و " سوق و دلّال " و إرهاق أصابنا من كثرة الكلام و الاستماع.. و بالتالي يفضّل هو الغناء لا اللغو.. و أذكر أيضا بمناسبة مهرجان موازين أنه خجل لمّا وصفه محاوره ب " المثقّف " و قال له : " هذي كلمة كبيرة إن شاء الله نكون قدّها ".. نعم صدق المثل الذي يقول إن السنبلة الفارغة تنتصب في السماء واقفة أما السنبلة الملآنة فتنحني إلى الأرض من ثقلها.. و ذكر في نفس الحوار أنه يعمل بلا انقطاع منذ 43 سنة و حمد الله على الطاقة التي وهبها له و قال إن الفن التزام أو لا يكون.. يجيد لطفي بو شناق الشّعر و قد يجيبك عن سؤال بعشرات الأبيات من القلب إلى القلب.. لطفي بو شناق و رغم شهرته العربية و العالمية بقي تونسيا روحا و جسدا.. لم يتنكّر لبلاده.. يتحدّث و يغنّي بدارجتها و يلبس الجبّة و الشّاشيّة و يذكر تونس بحب في حلّه و ترحاله.. عندما أرى لطفي بو شناق أتذكّر الحديث القدسي الذي معناه إذا أحب الله عبدا وضع له القبول في الأرض.. و على هذا الأساس فقد كسب فناننا الرائع حب الله و حب الناس.. و هذا لم يأت من فراغ فقد عرف الرّجل هدفه و رسالته النبيلة في حياته و في فنه و كرّس كل وقته من أجل ذلك.. من أجل إصلاح الأرض و تعميرها و التحلّي بالأخلاق الفاضلة و نقد المظاهر السلبية.. نحبّك كثيرا يا لطفي بو شناق و لقد كتبت اسمك بأحرف من ذهب في ذاكرة الناس و في قلوبهم !