ضحالة الإنتاج الدرامي التلفزيوني التونسي التي يشتكي منها أغلب المشاهدين في رمضان يعكس ضحالة الحياة الفنيّة والثقافية والفكرية في تونس عموما.. والتي هي نتاج المناهج التعليميّة والسياسة الفنيّة والثقافيّة والأنظمة السياسيّة المتعاقبة على تونس منذ الإستقلال إلى اليوم.. تخيّل أنّ دولة مستقلّة منذ 61 سنة كاملة تلفزتها الوطنيّة العموميّة المموّلة من الدولة ومن الشعب عبر معاليم مثقلة مع فاتورة الكهرباء.. لا تستطيع أن توفّر إنتاجا دراميّا محليّا على مستوى.. ويكفي لبثّ حلقة واحدة من مسلسل تونسي ولو بنصف ساعة كلّ يوم طوال السنة.. لتحقيق ذلك تحتاج التلفزة التونسيّة إلى ما بين 15 و20 مسلسلا سنويّا بعدد مختلف من الحلقات.. قد تتراوح تكلفتها بما بين 20 و30 مليون دينار فقط لا غير.. وهو مبلغ معقول ومتواضع بالنسبة لدولة بأكملها خاصّة وأنّ نسبة هامّة منه يمكن إسترجاعها من عقود الإشهار أو من إعادة بيع نفس تلك المسلسلات لقنوات تلفزيّة أخرى للبثّ الثاني أو الثالث.. الدراما هي أدب اليوم بعد أن غزا السمعي البصري المجتمع واحتلّت الدراما مكانة الكتب.. وعوّضت التلفزات المكتبات.. وعن طريق الدراما التي تشدّ الناس لمتابعتها.. يمكن نشر الوعي والمعرفة والثقّافة وحبّ الجمال والقيم والمبادئ والأسس التي تبنى عليها الدول المتقدّمة والقويّة والمزدهرة.. لكنّ الدولة بتخلّيها عن دورها الريادي في المجال.. تركت الفضاء مفتوحا إمّا للدراما الأجنبيّة التي تخدم ثقّافة وقيم بلدانا أخرى.. أو لدراما تونسيّة تجاريّة سمجة ورديئة تقوم على نشر الغباء أو التهريج أو الفساد مقابل جني الأرباح الماليّة فقط..