كما هو معلوم أصدرت الشّركة الجديدة للنّقل بقرقنة Sonotrak منشور تعريفة النّقل الجديدة على متن بواخرها بالنّسبة للأشخاص و العربات و المُعدّات الثّقيلة و الّتي ستدخل حيز التّنفيذ إنطلاقا من يوم 15 جويلية 2017 و إحقاقا للحقّ تُعتبر هذه الزّيادة طفيفة جدّا مقارنة بما شَهِدَهُ قطاع النّقل البحري من إرتفاع تكلفة الإستغلال من كُلفة شراء السّفن بالسّوق الدّوليّة و تكاليف الصّيانة الدّوريّة كذلك الزّيادة في سعر المحروقات و إرتفاع كُتلة الأجور لليد العاملة و إن دأبت مصالح الشّركة على المُحافظة على التّسعيرة السّاري بها العمل الآن منذ مدّة فاقت العشرة سنوات مراعاة للمقدرة الشّرائيّة و حقّ المُواطن القاطن بالجزيرة كذلك زائريها في التّنقّل بأقّل التّكاليف المُمكنة بالرّغم من إختلال مُوازاناتها الماليّة و إعتمادها الكبير على دعم الدّولة منذ تأسيسها إلّا أنّ هذه الأخيرة مدعوّة إلى تحمّل مسؤوليّاتها في مسألة دعم نقل المواد الأساسيّة و الحياتيّة الّتي تمسّ من القدرة الشّرائيّة للمواطن القرقني و نعني هنا المواد الغذائيّة و مواد البناء الّتي تُعرف بأسعارها المُشطّة مقارنة بمثيلاتها بمدينة صفاقس و إستغلال التُجّار و أصحاب الشّاحنات الصّغيرة و الثّقيلة ذريعة تكلفة النّقل البحري و ما يتبعه من طول مدّة السّفرة و إستهلاك المحروقات للرّفع من قيمة بضائعهم و هذا لا يُخفي أنّ لهم كامل الحقّ و الضحيّة ظلّ و لا يزال مُنذ عُقود خلت قاطن الجزيرة، ذلك المواطن البسيط الذّي يبحث عن قوته و قوت عائلته من ما يجُود له البحر، هو الذّي يدفع فاتورة النّقل لتُثقل كاهل جيبه و تزيد الفقير فقرا! غلاء الأسعار بالجزيرة مسألة عويصة ظلّت و لا تزال تُؤرق كلّ مُواطني الأرخبيل كذلك زوّاره فعدا المواد المُسعّرة و المدعّمة من لدن الدّولة فالمواد الضّروريّة الأخرى لإستهلاك الفرد تشتعل لهيبا و تكتوي منها كلّ جيوب المُواطنين بلا إستثناء حتّى السّمك و التّي تعتبر قرقنة مُنتجة له أصبح حكرا على ذوي الدّخل المُرتفع لا غير، لا الطّبقة المُتوسّطة و لا الفقيرة قادرة على شراء منتوج بحري يصل سعر الكيلوغرام منه ما فوق الثّلاثون دينارا، و لا المواطن القرقني البسيط بقادر على بناء منزل يؤوي عائلته إن لم يرث شيئا من أبويه لأنّ سعر مواد البناء كذلك اليد العاملة و كأنّك في سوق الذّهب، و إن شاهدت المنازل و الفيلات الفخمة بالجزيرة فجلّ مالكيها من القاطنين بالخارج أصحاب دخل مرتفع لكن هذا لا يخفي حجم تكلفة تشييد و بناء منزل بالجزيرة تصل إلى ضعفي حتّى ثلاثة أضعاف سعر إقتناء أو بناء منزل بصفاقس، و حين تهمّ بالسّؤال عن سبب هذه الأسعار المشطّة كانت الإجابة دائما تأتيك بنفس الطّريقة و تصبّ في خانة واحدة كما يلي: "يا وخيّا… البابور و المازّوط موش بلاش و خسارة الوقت زادة كميون يعملّي في voyage في النّهار ما يخلّصش و إنت تعرف!" أي أنّ لُبّ المشكل في مسألة غلاء الأسعار بالجزيرة و أصابع الإتّهام بقيت و لا تزال مُوجّهة إلى "بابور قرقنة". من هذا المنبر أدعو كلا من وزير النّقل و وزير الصّناعة و التّجارة كذلك رئاسة الحكومة إلى تحمّل مسؤوليّاتهم و العمل على إيجاد حُلول تخفّف وطأة كابوس غلاء الأسعار بالجزيرة خصوصا أنّ الدّولة أدرجت منذ أشهر قليلة مضت مشروع قانون الجُزر الدّولي و ما يتضمّن من إمتيازات إستثنائيّة لقاطنيها بالنّسبة لجزيرتي جربة و قرقنة و هذا يتطلّب سنّ تعريفات خاصّة و مدعمّة كذلك بطاقات ولوج ذات أولويّة لأصحاب العربات المُحمّلة بالمُواد الأساسيّة و لما لا تخصيص سفرات خاصّة بهم إن تطلّب ذلك الأمر، فهذا الإشكال يعود إلى الدّولة و لا دخل للشّركة النّاقلة فيه بتاتا و بذلك نخفّف العبئ على جيب المُواطن الذّي سئم من "الأسعار السّياحيّة" التّي تمتاز بها الجزيرة. نتمنّى من الحُكومة الإصغاء و الإلتفات إلى هذه المسألة التّي تمسّ كلّ من حياة المُواطن العادي بقرقنة و غيرها من الجُزر بالتّراب التّونسي