عاجل: أمطار غزيرة يومية تتواصل إلى بداية أكتوبر    أبرز ما جاء في لقاء رئيس الدولة برئيسي البرلمان والمجلس الوطني للجهات..    رئيس الدولة: ضرورة تجاوز العراقيل الإدارية لتعزيز الاستثمارات الكويتية في تونس    ماذا في لقاء رئيس الجمهورية بسارة الزعفراني الزنزري؟    عاجل/ يهم المخدرات والاحتكار: رئيس الجمهورية يسدي هذه التعليمات لوزير الداخلية وكاتب الدولة للأمن وآمر الحرس..    ذعر جوي في كوبنهاغن وأوسلو بعد تحليق طائرات مسيّرة قرب المدارج: ماذا حدث؟    عاجل/ النّائب محمد علي يكشف آخر مستجدات "أسطول الصمود"..    ماذا حدث في مطار مدينة نيس الفرنسية بين طائرة 'نوفلار' و'ايزي جات'؟    أنجلينا جولي: لا أعترف بأميركا حالياً    أمطار قياسية في مناطق من تونس.. الأرقام كبيرة    عاجل: هذا هو المدرب الجديد لاتحاد بن قردان!    طقس الثلاثاء: غير مستقر وأمطار غزيرة بعد الظهر بهذه المناطق    عاجل:برد ورعد وأمطار غزيرة في العشية.. خذوا احتياطاتكم    إسبانيا تهدد بالرد على أي عمل إسرائيلي ضد أسطول الحرية    رئاسة مؤتمر حل الدولتين: إنهاء الحرب في غزة أولوية قصوى    طقس اليوم: سحب عابرة تتكاثف تدريجيا مع أمطار بهذه المناطق    أهم كميات الأمطار ال 24 ساعة الفارطة    نجاة من كارثة محققة في مطار نيس: طائرتان تفلتان من اصطدام مروع    وزارة الفلاحة تطلق مشروع التنمية الشاملة للزراعات الجبلية الصغرى بالشمال الغربي - دينامو-    حجز حوالي 4523 كغ من المواد الغذائية الفاسدة وغير الصالحة للاستهلاك    أكسيوس: ترامب سيقدم مقترحًا لقادة عرب بشأن مستقبل غزة    عاجل/ احباط عملية تهريب جديدة للمخدرات بميناء رادس..وهذه التفاصيل..    زاده الشيب جمالاً... تيم حسن يلفت الأنظار بوسامته    منزل تميم .. لحماية صابة الفلفل الأحمر فلاّحو منزل حر يطالبون بتوفير المبيدات    المدرسة الابتدائية الشابية بتوزر .. «نقص فادح في العملة»    الإعلامي محمد الكيلاني في أمسية أدبيّة بسوسة...غادرت التلفزة واتجهت إلى الكتابة لغياب التحفيز والإنتاج    لامين يامال أفضل لاعب شاب في العالم    زياد غرسة يضيء سهرة افتتاح مهرجان المالوف الدولي بقسنطينة    اولمبيك سيدي بوزيد.. المدرب جمال بالهادي يعلن انسحابه    التقلبات الجوية.. الحماية المدنيّة توصي بتوخّي الحذر والابتعاد عن ضفاف الأودية    إنتبه لها.. 10 علامات مُبكّرة للزهايمر    عاجل/ بلاغ هام من الحماية المدنيّة بخصوص التقلّبات الجوية    يا توانسة ردّوا بالكم: مواد غذائية فاسدة محجوزة في برشا ولايات!    مشاركة تونسية مكثفة في مهرجان بوسان الدولي للفن البيئي    كريم دلهوم مدربا جديدا لاتحاد بن قردان    الحلبة: فوائد كبيرة.. لكن هذه الأضرار لا تتوقعها!    صيام ربيع الثاني: برشا أجر في 3 أيّام برك...أعرفهم    عاجل: أمطار رعدية مع برد تتقدم للشمال والوسط التونسي    منظمة إرشاد المستهلك : ''غلاء اللّحوم والإنترنت يوجّع في جيوب التوانسة''    دور الثقافة والفضاءات الثقافية تفتح أبوابها لاستقبال الراغبين في المشاركة في مختلف أنشطتها    خطير/صيحة فزع: أكثر من 50% من المؤسسات الصغرى والمتوسطة مهددة بالافلاس والاندثار..    كيفاش تعرف السمك ''ميّت'' قبل ما تشريه؟    المفتي هشام بن محمود يعلن الرزنامة الدينية للشهر الجديد    تونس على موعد مع حدث فلكي غريب بدخول الخريف... الشمس تعانق خط الاستواء..شنيا الحكاية؟!    عاجل : مباريات قوية مؤجلة من الجولة السابعة في الرابطة الأولى هذا الأربعاء!    كميّات الأمطار المسجلة بعدد من مناطق البلاد    تحذير طبي جديد يخص حبوب شائعة الاستعمال بين النساء...شنيا؟    علامات خفية لأمراض الكلى...رد بالك منها و ثبت فيها ؟    تواصل ارتفاع أسعار السيارات الشعبية في تونس.. وهذه أحدث الأسعار حسب الماركات..    قفصة: تسجيل رجّة أرضية بقوّة 3،2 في الساعات الأولى من صباح الإثنين    انطلاق حملات نظافة كبرى في دور الثقافة والمكتبات العمومية والجهوية    5 سنوات سجناً لشيخ حاول اغتصاب طفل بحديقة الباساج    أحكام بين 10 و20 سنة سجنا في قضية تهريب مخدرات أطيح بأفرادها عبر "درون"    البطولة الفرنسية : موناكو يتفوق على ميتز 5-2    السينما التونسية تتألّق في مهرجان بغداد السينمائي... التتويج    الصينيون يبتكرون غراء عظميا لمعالجة الكسور    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    استراحة «الويكاند»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ورقات صيفيّة : " إتفرهيدة "على وزن " إتمرميدة "
نشر في صحفيو صفاقس يوم 30 - 07 - 2017

عزمنا على قضاء أمسية صيفيّة بإحدى المنتزهات الشعبيّة بسيدي منصور، مادمنا غير قادرين على تحمّل مصاريف " خلاعة " النزل السياحيّة . إنضمّت إلى قافلة الأسرة جارة لنا " لا إتفوتها فايتة و لا لحمة بايتة " و إصطحبت معها طفلها " الأحرش" الذي لا يهدأ و لا يكلّ من العبث و التمرّد ، و الطريف في الأمر أنّ أمّه المصون لا تتحمّل أبسط ملاحظة توجّه إليه ، هذه " يا فتّاح يا عليم " أولى بشائر هذه الامسية .
تدافع القوم نحو سيّارتي الشعبية ، و اخذ كلّ مكانه جلوسا و وقوفا و كنت ممزّقا بين التركيز على الطريق و مطبّاته و عبث ذلك " الاحرش " الذي عنّ له أن يفتح نافذة السيّارة و يخرج رأسه منها و هو يصيح و يهتف و كأنّنا خرجنا للتوّ من إختبار "الباك سبور " . إختار " الجماعة " منتزها ، قيل إنّه يليق بالمقام ،و لمّا هممت بركن السيّارة بموقف المنتزه ، إذا بشاب " إمبشمط " مفتول العضلات ، يحمل وجهه آثار طعنات ، و قد زيّن ذراعيه بالوشام و العلامات ، أمرني بمزيد الإقتراب من سيّارة أخرى على اليمين ، فعرفت من ذلك أنه حارس سيّارات و ما عليّ إلاّ تنفيذ التعليمات ، أمرت من معي بالنزول ، و بينما أنا بالمقود مشغول ، أطلّ عليّ حارس آخر بالغ في الطول ، جاءني يصول و يجول ، و أمرني بالإنعطاف نحو الشمال ، و فهمت أنّه مجال نفوذه . و بين يمين و شمال و دينار و نصف معلوم الركون ، ضاع صوابي و ما أنا بمجنون، فكان أن أغلقت أبواب السيّارة و مفاتيحها فيها ، يا لها من ورطة : هل أترك السيّارة و مفتاح المحرّك باد للعيان ، أم عليّ بتهشيم البلّورو مغادرة المكان ،ثمّ هل تستقيم النزهة و أنا على هذا الوضع البادي للعيان؟ الحلّ عندي أن يدخل جماعتي إلى المنتزه أمّا أنا " عظم الشقاء " فعليّ أن أعود إلى المنزل عبر سيّارة تاكسي بحثا عن المفتاح الإحتياطي ، رغم طول المسافة و محدوديّة الميزانيّة ،
إستأجرت تاكسي من سيدي منصور إلى سيدي الجيلاني مرورا بسيدي عبّاس و سيدي آخر نسيت إسمه ، كانت المسافة طويلة و مملّة ذهابا و إيّابا ، فضلا عن حرارة الطقس و رائحة الغاز و سجائر السائق و مواعظه القروسطيّة … إلتحقت اخيرا بالمجموعة ، و ما أن جلست حتّى جاءني نادل كحيّة تسعى ، لم يترك لي فرصة إسترداد الأنفاس ، سلّم سلاما ركيكا ، لا أدري أيّة لغة إستخدم ؟ فلا هي العاميّة و لا هي الفرنسيّة المحطّم أوصالها ، سرعان ما جاءنا بقارورتي ماء دون إذن منّا و حاله يقول : " هذا على الحساب إلى أن تقرؤوا الكتاب " و الطريف أنّ جلّ ما بالكتاب " إنتهى منذ حين "
لقد عنّ للطفل " الأحرش " أن يشرب من كلّ قارورة كأسا و يترشّف ما بالكأس من قطرات حتّى كسّر الكأس و قارورة الماء معا دفعة واحدة بما وضعنا في موقف محرج ، كلّ ذلك أمام أنظار امّه و نادل الركاكة الذي لست أدري ماذا سجّل بقلمه المصاب بإسهال مزمن . و اخيرا ، و على أنغام الفنّانة " لوبانة " جاءت الصحون و هي تغازل البطون ، سلاطة خضراء ، بصلها في حالة إكتئاب ، أمّا شرائح الطماطم فمثلّجة لا تزال تحتفظ بحبّات البذور، شرائح البطاطا المقلية بعضها أشبع زيتا و برودة و بعضها الآخر حضر للتوّ ، لاحظت بها حبّات لا أدري : هل هي سوداء أم خضراء ، فحاسّتي الشمّ والذوق عندي خارج الخدمة ، فقط تشتغل حاسة الجمع و الطرح لإعداد" فاتورة تقديرية " ( مع كامل إعتذاراتي للستاغ ) أكل الجماعة بشراهة ، إلاّ أنا فقد كنت أتظاهر بذلك ، أمّا جارتي " فوزية " و " قضيتها دائما مقضيّة " فقد كانت تستطعم البيتزا و تقارن بينها و بين نكهة أخرى و هي الخبيرة بالمطاعم و أخواتها ، أمّا إبنها الأحرش فقد قرّض من كلّ صحن كفأر " الشماتة " ، بل طلب مثلّجات رغما عنّي و عن أسرتي ، و بدل أن يأتي نادل الركاكة بواحدة ، جاءنا بستّة ، نكاية بي ربّما ، و قد أصبح يتلقّى الأوامر من الجارة مباشرة ، و انا أتابع في ذهول .
و بينما نحن على هذه الحال ، إذا بحوريّة تسعى ، جميلة شقراء ، لا تنزل الأحزان ساحتها ، و قد إرتدت من اللّباس ما خفّ حمله و غلا ثمنه و كشف ما يجب ستره ، و تعطّرت بعطر منعش يحدث ما يشبه " الترهويجة " ، علّقت الأولى : " آهي النّاس العايشة " و أمّا الثانية فشكّكت في سيرتها ، و الذي على يميني بالطاولة المجاورة فقد إستعوذ و إستغفر و بشّر بنهاية العالم ، أمّا أنا فقد حمدت الله على نعمة البصر . و بينما أنا في لحظة إحتفاء بالجمال ، و إذا برفسة تصيبني من الزوجة الوفيّة ، على أحد ساقيّ ، و تحديدا حيث أشتكي من " عين سمكة مرزيّة " تحمّلت الألم و حمدت الله على غياب الأسئلة الشفويّة و المحاضر الكتابيّة ، و على صمت جارتنا " الكلوفيّة "و من حسن حظّي انّها كانت مركّزة على عروسين " متربّصين "دخلا للتوّ للتنزّه في هذه العشيّة ، دخلت العروس تتكئ على عريسها خوفا من إنزلاق أرضي بمفعول حذائها المسماري ، و ربّما شماتة فيمن طال إنتظارهن لعريس .تساءلت جارتي : كيف لعروس أصلها ثابت في الارض و فرعها في السماء أن تتزوّج من أصلع قصير لا يتجاوز طوله المتر و 10 دقائق و 50 ثانية ؟ المهمّ تنبّأت لهما بالطلاق المبكّر و هي الخبيرة و القادرة على التمييز بين" بالتراضي و بالضرر و بالإنشاء ". جاءنا النادل مجدّدا ليرفع الصحون حتّى و إن لم نلتهم كلّ ما فيها ، لا يهمّ ، سعى إلى تنظيف الطاولة ، و اللّبيب بالإشارة يفهم ، علينا بالمغادرة ، مغادرة منتزه لا يطلّ على البحر ، محاط بالجدران الشاهقة من كلّ جانب ، لا شيء يشدّ الإنتباه فيه غير العشب الأخضر و نافورة مائيّة لا تشتغل ، و أرجوحة أطفال لم ترض فضول إبن جارتي " الأحرش " و لا بأس بعد كلّ هذا من أخذ صور فيسبوكيّة للتباهي ربّما .
أحتاج الآن إلى طبيب أعصاب و قد جاءت فاتورة الحساب ، جاءنا النّادل مبتسما و كلّ إبتسامة عنده " فجعة " عندي ، أتانا بصحن فارغ مطليّ بلون ذهبي تتوسّطه ورقة مقلوبة ، لا أدري لماذا فعل ذلك ؟ فركت عينيّ و عدّلت نظّارتيّ و تحسّست الورقة المطويّة ، و كأنّني ألامس عقربا شتويّة ، و بعد التدقيق و التمعين ، عليّ أن ادفع من الدنانير السبعين .. دفعت و دفع الله ما كان أعظم .. عدنا إلى المنزل فرحين مسرورين و قد فعل " الجاير " مفعوله بالمعدة ، حمدت الله على سلامة الحال و سلامة المنزل في غيابنا ، ولمّا هممت بإدخال السيّارة إلى المستودع كانت المفاجأة الصدمة : لا اثر للعجلة الإحتياطيّة ، كيف سرقوها ؟ كيف أعوّضها ؟ ماذا أفعل تحديدا ؟ إكتفت جارتي بالقول : " في الورق و لا في العتق " و إكتفيت أنا بالسؤال : " هل هذه "إتفرهيدة " أم " إتمرميدة"؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.