قبل " الثورة " كان القضاء غير مستقل لكن في نفس الوقت حافظ نوع ما على البعض من استقلاليته بفضل نضالات بعض القضاة وسند بعض الهيئات و المنظمات لهم. أما المحاماة فقد كانت شبه مستقلة و عصية على تدخل النظام الحاكم فيها فبالرغم من تواجد محامين تجمعيين و محامين منتمين لشتى الفصائل و الاحزاب السياسية بها، الا انها حافظت على استقلاليتها و كان الطابع المهني هو الغالب عليها و على هياكلها. أما اليوم فنظريا نحن أسسنا لقضاء و محاماة مستقلين هيكليا عن الحكومة و الأحزاب لكن الواقع عكس هذا تماما فالمجلس الاعلى للقضاء هو اليوم تشكيلة من القضاة المنسوبين للاحزاب الكبرى على طريقة التحاصص فجل أعضائه مسنودين من طرف احزاب كبرى والامر نفسه يسود اليوم التعيينات في المناصب القضائية العليا، و على نفس الشاكلة ستكون عليه المحكمة الدستورية فالاحزاب هي التي ستقترح الاعضاء و نواب الاحزاب هم من سينتخبونهم. أما الهيئة الوطنية للمحامين فهي اليوم في شكل ترويكا بأتم معنى الكلمة يسيطر عليها حزب حركة النهضة و البعض من مشتقات حزب المؤتمر من أجل الجمهورية. نحن في الحقيقة لم نؤسس لاستقلال القضاء بل أسسنا و قنننا عدم استقلالية القضاء و قضينا على هته الاستقلالية بقوة القانون بل و دسترنا تبعية القضاء للأحزاب.