بيد الدولة تجاه مدينة صفاقس على الأقل 18 مليار مليم مخصصة للتفاهة المسماة بهتانا مكتبة رقمية، و لمزيد الضحك على ذقون السذج تضاف إليها الجملة التي لا تقل عنها فضاعة : المكتبة الرقمية الأولى في إفريقيا و العالم العربي. المطلوب إيقاف المهزلة في أسرع وقت ممكن و توجيه مخصصاتها لما ينفع المدينة و ناسها في حاضرهم و مستقبلهم : 1. إتمام تعهد سور المدينة بواسطة إرجاعه إلى الحال الذي كان عليه في القرن التاسع عشر : سور مغطى تماما بطبقة من ملاط "البغلي" التقليدي و تغطيته بثلاث طبقات من الجير الأبيض حتى يسترجع بياضه الناصع، بحيث تسترجع المدينة صفتها القديمة : المدينة البيضاء، خصوصا إذا ما تم تطبيق المقترح على المساجد و الزوايا مع دهن أبوابها باللونين التقليدين الأحمر و الأخضر. و في هذا تفرد للمدينة عن كل المدن العربية الإسلامية و عنصر جذب للزوار و للسياح و دعوة لبقية مباني حي باب البحر لكي تتجمل حتى يسترجع المكان جاذبيته القديمة. 2. تنظيف و صيانة المسلك الداخلي لسور المدينة و فتح الانقطاعات فيه، لتحويله لمسلك يدور بالمدينة دورة كاملة، و في هذا الصدد يمكن الاسترشاد بالنجاحات التي تحققها جمعية صيانة مدينة تونس التي أعادت إحياء رونق بعض أنهج الحاضرة مثل نهج الأندلس. صفاقسالمدينة البيضاء سنة 1910 3. صيانة مدرسة نهج العدول، و تحويلها لمكتبة عمومية. 4. تحويل الكنيسة الكاتوليكية بحكم طبيعتها و شكلها و لونها و مركزها في قلب المدينة لمكتبة كلاسيكية تخفف الضغط على مكتبة شط القراقنة. و بحكم تواتر سعي عشرات المثقفين من صفاقس و من خارجها كبار السن -أطال الله بقاؤهم – إلى تسليم مكتباتهم الخاصة إلى مكتبات عمومية تحميها من الاندثار و يستفيد منها طلاب المعرفة، من الممكن أن تختص هذه المكتبة في تقبل هذه الكنوز المعرفية. 5. تنظيف شط القراقنة من الأوساخ الكريهة التي تلوثه و حمايته من فضلات المدينة بواسطة مصفيات تفرغ دوريا و إنجاز مجسم أنيق وسطه. 6. تعهد متحف العادات و التقاليد دار الجلولي بالصيانة و مزيد تأثيثه حيث بدأ يصاب بدوره بمشاكل التقادم. 7. إنجاز مجسمات بوسط المدينة على نمط مجسم الزيتونة الشهير الذي كان عنصر جذب لزوار المدينة في عشرية السبعينات و بداية الثمانيات، و تكليف المجلس العلمي لمعهد الفنون الجميلة بصفاقس بصياغة كراسات الشروط في الغرض و انتقاء المشاريع و متابعة إنجازها. و في نفس السياق تجميل المدينة بجداريات من نمط جدارية دار البريد التي أصبحت عنصر فخر للمدينة و كان المساس بها أحدث ضجة كبيرة سنة 2015. 8. صيانة المسرح البلدي صيانة كاملة، و إرجاعه لأحسن مما كان عليه. 9. صيانة مقر الولاية القديم و تحويله لمتحف آثاري يعوض المتحف الضيق الموجود بمقر البلدية. 10. صيانة دور الثقافة بالمعتمديات و تجهيزها لتقبل العروض الفرجوية الراقية. كل هذه الأنشطة ستكون لها صفة الديمومة، يستفيد منها الجيل الحالي و تبقي للأجيال القادمة، و بواسطتها تسترجع المدينة ثقتها في الدولة حيث أنها تحس عن حق أنها مدينة مهمشة لم تنجز بها الدولة إلا القليل الهزيل رغم أهميتها البشرية و الاقتصادية و الجبائية. أنشطة فيها احترام للمال العام، و لن تكون دخانا يتلاشى مع أول هبة هواء، كما أنها لن تتكلف على المجموعة الوطنية أكثر من تكلفة خرافة المكتبة الرقمية المكتوب لها، إن أنجزت، أن تتكلف على المجموعة الوطنية 18 مليار مليم. أرجو من نواب المدينة بمجلس النواب و مثقفيها و نشطاء المجتمع المدني متابعة المسألة بما تستحقه من جدية خدمة للمدينة و للثقافة التونسية لتواصل دورها كصمام أمان ضد كل أشكال التطرف و ضد الخواء النفسي الجماعي. علي بوعزيز مؤرخ، مدير موقع ابن خلدون للدراسات الإنسانية و الاجتماعية https://sites.google.com/site/ibnkhaldun21