ربطة العنق التي تزين بها البارحة راشد الغنوشي في حديثه لقناة نسمة و محاولة ابعاده ليوسف الشاهد عن المنافسة على الرئاسية و اجباره على الاختيار بينها و بين رئاسة الحكومة، أثارت عديد التأويلات التي رجحت ترشح الشيخ لرئاسية 2019. لكن في الحقيقة الغنوشي لن يغامر أبدا و لن يترشح لانتخابات يعرف تمام المعرفة أنها ستعود عليه و على حركته بالوبال لو تجرأ على ارتكاب هته الحماقة السياسية. فالغنوشي أذكى بكثير من أن يترشح لانه على علم بمعطيين على الأقل يمنعانه من ذلك: * المعطى الأول هو تخلي الادارة الامريكية عن مشروعها المسمى بالربيع العربي أو بالشرق الأوسط الجديد، فأمريكا و حتى الدول الأوروبية بعد تعرضها لهجمات ارهابية اصبح همها الوحيد هو القضاء على كل حزب أو حركة تمثل الاسلام السياسي و النهضة الى حد الآن تخضع تحت المراقبة و تحت طائلة إمكانية تصنيفها من ضمن الحركات الإرهابية. فكيف لراشد أن يرتكب حماقة استفزاز هته الدول العظمى صاحبة القرار و النفوذ ويعلن عن ترشحه؟ وكيف له أن يترشح وهو يعلم علم اليقين أن مجرد تواجد حزبه بعدد ضئيل من الوزراء داخل هته الحكومة أقلق الدول العربية الغنية التي اشترطت لمساعدتنا اخراج النهضة نهائيا من الحكم؟ المعطى الثاني: أن راشد الغنوشي يعلم ايضا أن لا حظوظ لا له ولا لاي نهضاوي آخر للفوز بمنصب رئاسة الجمهورية طالما أن مناصري حزبه لا يمثلون أكثر من عشرين بالمائة على أقصى تقدير من الناخبين وطالما أن ذهابه للدور الثاني سيعطي التفوق لمنافسه مهما كان بتكتل كل القوى الديمقراطية ضده ضمن ما يسمى بالتصويت المفيد vote utile. من يتابع تصرفات و تحركات وتصريحات هذا الشيخ يعلم تماما المعرفة أن الغنوشي داهية سياسية و ثعلب محنك فحتى في الزمن التي انقلبت فيه كل المعطيات الوطنية و الاقليمية و الدولية ضده وضد حركته عرف كيف يسبح ضد التيار و يصمد ضد العاصفة مستغلا فساد وانتهازية و حماقة خصومه ليجعل منها درعا يقيه وحركته مما يتربص بهما. النهضة خسرت كل حلفائها بعد التخلي عن مشروع الربيع العربي فقد خسرت أمريكا و اوروبا و دول الخليج و خسرت مصر بعد سقوط مرسي و خسرت ليبيا بعد انتصار حفتر على فجر ليبيا و خسرت قطر بعد الحضر الذي ضربته حولها السعودية و الإمارات و خسرت سوريا بعد انتصار الاسد و خسرت تركيا بعد تزعزع عرش أوردغان، نعم لقد خسر الغنوشي كل حلفائه و اصدقائه ولم يبقى له من يحميه سوى صديقه الأوحد الباجي قائد السبسي. الغنوشي وحركة النهضة لن يكون بإمكانهما الصمود و البقاء في السلطة والحكم الا عبر مرشحهم المثالي الباجي قائد السبسي فهو في المدة النيابية الرئاسية المقبلة سيشرف على المائة عام وسيكون شيخا منهكا وعاجزا ومهتما فقط بالعلاج وبأموره الصحية كما أن الحزب الذي يتبع هذا المرشح أصبح مجرد هيكل عظمي لجثة لا تمثل اي خطر على النهضة ويقودها ابن الباجي ويحيط به ثلة من الفاسدين الموالين للشيخ راشد. ليس راشد الغنوشي من يترك هته الفرصة الذهبية بل المعجزة الإلاهية تمر دون أن يستغلها فيحكم تونس بالوكالة دون أن يتحمل حتى مسؤولية انهيارها. فمن أجل أن يصبح الباجي رئيسا فالغنوشي لن يقتصر فقط على حمل ربطة العنق بل مستعد لحمل مرشحه فوق كتفيه و الصياح عاليا " الله أحد الله أحد والباجي ما كيفو حد "