عاشت عائلات عديدة بمارث وقابس وغيرها من مناطق الجنوب مأساة حقيقية نتيجة سيلان معظم الأودية بعد أن فاقت معدّلات الأمطار ال150 ملم .. عدد من أهالينا في الجنوب البارحة عاشوا قساوة الطبيعة ، ولكنّهم عاشوا أيضا شعورا بأنهم في "اللادولة " ..مفقودين وموتى ومنازل محاصرة بالمياه ، وأقارب مجهولي المصير ..إلخ كلّ هذا يحدث رغم أن كلّ التوقعات الجوية قبل يومين كانت تنبئ بكارثة طبيعية.. كل هذا يحدث والقانون ينص على وجود لجنة كوارث صلب كل ولاية تتولّى التصدي والتوقّي ممّا يمكن أن يحدث من كوارث طبيعية… في بلاد " العكري " يتوقّعون مرور الإعصار فيتمّ إجلاء السكّان واتخاذ كل الإحتياطات قبل أيام بحيث يقع تجنّب سقوط ضحايا وتقوم كافة أجهزة الدولة بالتجنّد للتخفيف من نتائج الكوارث أكثر ما يمكن … في بلادي ، يتجنّد كل مسؤولي الدولة للحضور بملعب رادس للإحتفاء بانتصار وهمي وتسجيل " أعلى درجات الوطنية الكروية " في الوقت الذي يستشهد فيه رئيس مركز حرس وطني ومعتمد أثناء قيامهم بالواجب .. أهالينا في الجنوب هم ضحية دولة لا تعترف بحق مواطنيها في السلامة والأمن .. اهالينا في الحنوب هم ضحية جريمة دولة " قصّرت في حمايتهم ".. والدولة في هذا السياق هي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الداخلية والوالي بصفته رئيس اللجنة الجهوية للكوارث .. والدستور والقانون الجزائي واضح في الموضوع : الفصل 217 من المجلة الجزائية ينص " يعاقب بالسجن مدة عامين وبخطية قدرها سبعمائة وعشرون دينارا مرتكب القتل عن غير قصد الواقع أو المتسبّب عن قصور أو عدم احتياط أو إهمال أو عدم تنبّه أو عدم مراعاة القوانين ".. فهل أكثر من هذا " قصور وعدم احتياط " في سلوك أجهزة الدولة خاصة بعد أن ظهرت بالكاشف التوقعات الجوّية قبل يومين على الأقلّ ؟؟؟ إنّها جريمة دولة بامتياز ، وإضافة إلى المسؤولية الجزائية لمن تسبّب بقصوره في وقوع الكارثة ، وفي دولة تحترم مواطنيها ، فإن مسؤولية سياسية وأخلاقية تنشأ أيضا …فهل سنرى إقالات أو استقالات ؟؟ ننتظر ونرى…