الكل يلقي بمسؤولية الإضراب العام على الآخر فالحكومة و الأحزاب الحاكمة تعتبر الاتحاد هو المسؤول و الإتحاد و الأحزاب المعارضة تعبر الحكومة هي المسؤولة لكن لو تجردنا من ميولاتنا السياسية و الحزبية و النقابية فإنه يمكن القول بأن الجميع مسؤول و في نفس الوقت لا أحد يتحمل مسؤولية هذا الإضراب و تداعياته الآنية و المستقبلية الخطيرة. فلا أحد ينكر على الإتحاد كونه قدم عديد التنازلات بل و ألغى و تنكر لعدة إضرابات قطاعية تعسفية و أحال بعض المنتمين لبعض النقابات الأساسية على لجنة النظام مرعاة منه للوضع المالي و الإقتصادي الحرج الذي تمر منه البلاد. صحيح أن أجور العملة و الموظفين تم الترفيع فيها بنسبة هامة منذ 2010 لكن نسبة التضخم و الزيادة في الأسعار إرتفعت أضعاف نسب الترفيع في الأجور بما تسبب في تفقير الطبقة العاملة. إتحاد الشغل مهمته الأساسية هي الدفاع عن منظوريه فكيف لنا أن ننكر عليه ممارسته لمهامه الطبيعية؟ أما الحكومة فهي أيضا ضحية إرث كارثي لأزمة مالية و إقتصادية تسير في نسق تصاعدي لا يمكن إيقافه و هو تماما مثل كرة الثلج يتضخم شيئا فشيئا فقد ذضاقت بها السبل لإخراج البلاد من ازمة اقتصادية حادة و ارجاع منوال التنمية المفقود و تفادي انهيار اقتصادي و افلاس محتوم لخزينة الدولة بحكم فقدانها السند الحزبي الضروري لمقاومة الفساد المتفشي الذي ينخر الاقتصاد وكل مؤسسات الدولة بدون استثناء، فالفاسدون تمكنوا من التغلغل داخل كل الاحزاب بل اصبحوا المسيطرين عليها و الراسمين لسياساتها. و مازاد في الطين بلة كون النظام السياسي و الانتخابي للبلاد لا يسمح لاي كان ان يقود البلاد بدون تحالف هجين بين احزاب تقدم مصالحها الحزبية و الشخصية على ما كان يسمى المصلحة الوطنية. لذلك فقد سقطت كل حكومات ما بعد الثورة في سياسة انتحارية تعتمد على الافراط في الجباية الى حد سيتوقف معه النمو نهائيا و تتضخم به البطالة الى ارقام خيالية نتيجة ارتفاع تكلفة الانتاج الذي لن يقدر على منافسة بضاعة مستوردة من حلاله و حرامه بواسطة عصابات الكنترا هذا علاوة على كون الانتاج يتطلب استراد مواد اولية بالعملة الصعبة و نحن على ابواب انخفاض جديد في قيمة الدينار فقريبا يتكون قيمة الاورو تساوي أربعة دنانير. الحكومة اصبحت في وضع لا تحسد عليه تحاصرها مطالب نقابية غير قادرة على تلبيتها و فساد و نظام سياسي هجين مشل للحركة و ارث اقتصادي و مالي كارثي مع سيطرة كاملة لإملاءات صندوق النقد الدولي. إذا من المسؤول الحقيقي عن تدهور وضع البلاد و من يتحمل مسؤولية الإضراب العام؟ الأكيد الأكيد أن المسؤول الأول هو كل حزب أو منظمة أو سياسي يرفض أو حتى يسكت عن المطالبة بمراجعة و تنقيح دستور 2014 و تغيير النظام السياسي و الإنتخابي للبلاد و كل من يتمعش من هذا النظام سواء كان في الحكم أو في المعارضة. لقد حان الوقت للتخلص من أحسن دستور في العالم.