حذر الخبير القانوني التونسي البارز، عياض بن عاشور، الجمعة من أن المشروع "النهائي" لدستور تونس الجديد الذي نشره المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) مطلع الشهر الحالي، يؤسس في آن واحد لدولة "دينية" وأخرى "مدنية". وجاء التحذير خلال مؤتمر نظمته "الجمعية التونسية للقانون الدستوري" و"جمعية البحوث في الانتقال الديمقراطي" غير الحكوميتين. وقال بن عاشور "هناك تناقض في الفلسفة العامة لهذا الدستور، فهو من ناحية دستور متجذر في منطق الدولة المدنية ومبادئ المواطنة وعلوية القانون والفصل بين السلطات (…)، ولكنه يتحدث من ناحية أخرى بمنطق الدين مع ما يترتب عن ذلك من آثار على دور الدولة وطبيعتها". وأوضح أن مشروع الدستور ينص على أن الدولة "مدنية" وعلى أن "الإسلام دين الدولة" متسائلا "لا أعرف كيف يمكن لنا أن نوفق بين الاثنين، بين منطق الدولة المدنية، ومنطق الإسلام دين الدولة؟". وأضاف أن المشروع "يقول إن الدولة راعية للدين وحامية للمقدسات، ولكنه يدرج في الوقت نفسه، حرية الضمير، وهي الحرية الأكبر على المستوى الديني وهي الوحيدة التي تسمح لإنسان له دين موروث عن أجداده وآبائه أن يترك دينه إما لدين آخر وإما لفلسفة لا دينية (الإلحاد) وهذا تناقض". وتساءل بن عاشور "أمام هذه الأفكار المتعارضة المتنافرة كيف يمكن لنا أن نطبق الفصل 144 (من الدستور)، الذي يقول: تفسر أحكام الدستور ويؤول بعضها البعض كوحدة منسجمة، والحال أن الدستور ليس وحدة منسجمة وإنما هو وحدتان غير منسجمتين". وتابع "هذا هو الإشكال، فالدستور مزدوج الخطاب مزدوج الأحكام مزدوج الطبيعة ومع ذلك يراد له أن يكون دستورا موحدا منسجما".