خلال النصف الأول من تسعينات القرن الماضي شغل النوري الزرقاطي منصبي وزير المالية و وزير الفلاحة, و كان قبل تعيين أي مسؤول سام في وزارته يستدعي المترشح أو المترشحين لذلك المنصب و يجري مع المعني بالأمر حوارا يتعلق بمساره المهني و مدى اطلاعه على الملفات المرتبطة بالمنصب الذي قد يشغله و الإجراءات التي ينوي اتخاذها عند تولي المسؤولية …..كان ذلك في دولة بدأ الفساد في تركيز نفسه داخل دواليبها ..اليوم بعد ثماني سنوات مما يسمونه ثورة يعمد رئيس الحكومة و وزيرة الصحة بالنيابة على إجراء عدد من الإقالات و التسميات بوزارة الصحة كإجراء ثوري سيقضي خلال بضعة أيام على مشاكل وزارة الصحة و مؤسساتها الإستشفائية .. عدة أسئلة تطرح نفسها . منها هل كانت التغييرات مبرمجة أم هي مجرد رد فعل ؟ الإجابة واضحة حيث أن الوزيرة مازالت حديثة العهد بالوزارة و بضعة أيام لا تكفيها حتى للتعرف على أعضاء ديوانها أما رئيس الحكومة فكان مشغولا طيلة الفترة الأخيرة بتكوين حزبه ..ببساطة التسميات ليست سوى ذر رماد على العيون هذا إن لم تكن بداية حملة لتقليع المسامير التي زرعها عماد الحمامي بوزارة الصحة و هم مسؤولون تم تعيينهم على قاعدتي الولاء و الغنيمة …السؤال الثاني :هل سأل الشاهد أو وزيرته أي مسؤول جديد من الذين تم تعيينهم عما يمكن أن ينجزه لتغيير الوضع؟ الأكيد أن ذلك لم يحصل و سننتظر مآسي جديدة و مصائب متكررة في وزارة الصحة ..ماذا لو أن الوزيرة اتبعت أسلوب النوري الزرقاطي و اختارت المسؤول الذي يظهر اطلاعا و إلماما أكثر بمشاكل القطاع و المؤسسة الإستشفائية و يبدي استعدادا أكبر لمواجهة المشاكل و الصعوبات ثم يظهر المسؤول و يعلن برنامجه قبل بداية العمل ..سيعطي ذلك أملا لعامة التونسيين و سيوجه رسالة واضحة للفاسدين و المتخاذلين و من يوفر لهم الحماية بأن السلطة راغبة في مقاومة الفساد و أنها ستسند مسؤوليها ….يبقى هذا مجرد أمل و خيال في ظل الظروف الحالية وكما قال ناس بكري فاقد الشيء لا يعطيه ..فالوزيرة بالنيابة و باقي الوزراء لم يقع انتدابهم على طريقة النوري الزرقاطي و كذلك رئيس حكومتهم الذي انتدب على طريقة الشيخين و ليس على الطريقة الزرقاطية .على كل مادام في الحياة بقية يجب أن لا نيأس من أن يتزرقط الشاهد و وزراءه..