اما لماذا حصلت معي هذه اللخبطة.. فلأن أحداث ووقائع هذه الحكاية التي تتضمنها ورقتي هذه.. قد بدت لي غريبة وعجيبة.. ولأنها قد بدت لي مطابقة لبعض ما كان يحصل في الماضي البعيد والقريب.. ولأنني.. قد تفاجأت عند سماعها من صاحبتها الدكتورة فوزية البجاوي الوزيني.. وهي التي ألحت على الاتصال بي لكي تروي لي بعض أطوار المظلمة التي تعرضت لها.. راجية مني نشرها.. حتى يطلع عليها الناس. الدكتورة فوزية البجاوي الوزيني طبيبة تونسية.. قد ظلت تمارس عملها في ميدان الابحاث الخاصة بحماية الاسرة والطفولة منذ حوالي 31 عاما.. وهي اليوم على أبواب التقاعد.. ولا تطمح في غير إنهاء مسيرتها المهنية الموفقة.. كما بدأتها.. خاصة وهي سعيدة بعملها.. ولم ترغب يوما من خلاله في نيل منصب سياسي.. أو في غير الاسهام في تقديم الخدمة اللازمة والمطلوبة.. لتونس. يوم 3 ماي 2011.. قد تمت تسمية الدكتورة بصفة رئيسة مديرة عامة للديوان الوطني للأسرة والعمران البشري.. وهو المنصب الذي لم تلهث خلفه.. ولم تطمح يوما في نيله.. ولم تسع اليه.. ولم تخطط له.. حتى أن تسميتها به قد فاجأتها.. فظلت تتردد في البداية في قبوله.. ولم تبد موافقتها النهائية عنه.. الا بعد أن تلقت تشجيعات وزيرة الصحة في تلك الفترة الدكتورة حبيبة الزاهي.. بن رمضان.. والتي اقنعتها بوجوب اسهامها في خدمة تونس من هذا الموقع.. وبحاجة الديوان والوزارة لخبرتها خاصة في مرحلة ما بعد الثورة. المهم أن الدكتورة فوزية.. قد لبت بعد ذلك وبدون تردد نداء الواجب.. وتم تنصيبها بمنصبها بواسطة مجلس ادارة الديوان الذي اجتمع في نفس ذلك التاريخ.. وحضره ممثلون عن الوزارة وعن الجمعية التونسية للصحة الانجابية وعن منظمة التربية والاسرة وعن وزارة المالية وعن وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة المرأة ووزارة التخطيط والتعاون الدولي وإذ ادركت الدكتورة منذ يومها الأول.. في مهمتها الجديدة بأنه ينتظرها جهد كبير من أجل النجاح في أدائها.. فإنها لم تقصر.. ولم تتخلف ولقد بذلت كل ما في وسعها.. ولم تتأثر في ذلك حتى بسبب تأخر صدور القرار القاضي بتعيينها.. مما تسبب في حرمانها من الحصول على مرتبها. بعد مرور بضعة أشهر عن بداية عمل الدكتورة.. تم الاعلان عن تغيير السيدة حبيبة الزاهي بن رمضان وزيرة الصحة.. والتي سارعت بمجرد حصول ذلك بالاتصال هاتفيا.. بالدكتورة فوزية البجاوي.. من أجل إعلامها برغبتها في الحصول على المنصب.. الذي تشغله.. ولقد أكدت لها بأنها وبعد أن تمت اقالتها من الوزارة تفضل القيام بمهمة بي دي جي لديوان الاسرة.. وعليه فلقد طلبت منها.. التخلي لها عن ذلك.. بإرادتها.. هذه المسألة فاجأت الدكتورة فوزية.. والتي حاولت اقناع الوزيرة السابقة.. بغرابة طلبها.. وأكدت لها بأنها لم تسع يوما خلف هذا المنصب.. لكنها لا تسمح بخروجها منه وبمغادرته بطريقة مهينة.. ولا معقولة.. خاصة وقد أدت من خلاله واجبها كاملا. الوزيرة السابقة.. قد واصلت بعد ذلك التمسك بتحقيق رغبتها.. فعاودت الاتصال بالدكتورة فوزية.. لتطلب منها مرّة ومرات أخرى.. التخلي لها عن المنصب.. باعتباره المناسب لها.. ولقد حصل ذلك بواسطة اتصالات هاتفية متعددة.. قد تلقتها الدكتورة من الوزيرة السابقة.. في مرات كثيرة.. وحصل بعضها حتى يوم عيد الفطر.. وفي شكل استفزازات. واذ شعرت الدكتورة بغرابة ما يحصل.. فلقد سارعت بالاتصال بوزير الصحة فأطلعته على ما طلبته منها الوزيرة السابقة.. وأبدت له استغرابها من ذلك وجددت له عدم استعدادها لمغادرة منصبها بتلك الطريقة المهينة. المهم أن السيد وزير الصحة قد تفهم موقف الدكتورة.. وأبدى لها بدوره استغرابه مما حصل من طرف الوزيرة السابقة.. وأكد لها.. بأن التسميات والتعيينات لا تتم بتلك الطريقة.. كما أبلغها بأنه على غير علم بما حصل ووعدها بالتدخل من أجل وضع حد.. لهذه المهزلة. والاهم ان الدكتورة فوزية البجاوي قد غادرت مكتب وزيرها المباشر.. والامل يحدوها في ألا تتعرض مجددا لمثل تلك الارهاصات التي تعرضت لها من طرف الوزيرة السابقة.. والتي ظلت تحاول ارغامها على الاستقالة من خطتها لكي تشغلها مكانها.. (قوم خليني نقعد). الا أن ما حصل بعد ذلك قد فاجأ الدكتورة.. اذ تمثل في صدور قرار بتعيين الوزيرة السابقة.. في خطة بي دي جي للديوان خلفا للدكتورة فوزية.. والتي تمت دعوتها للوزارة وعرضوا عليها هناك.. بعض المناصب الاخرى فرفضتها.. ثم طلبوا منها الحصول على إجازة فرفضتها كذلك.. وعادت لممارسة عملها السابق. الغريب.. أن قرار تعيين الدكتورة فوزية بمنصب رئيس مدير عام للديوان.. قد عرف تأخرا كبيرا.. ولعله لم يصدر الى غاية الساعة في حين أن قرار تعيين الوزيرة السابقة بنفس هذه الخطة.. والذي حصل يوم 19 سبتمبر.. قد صدر بعد ذلك بشهر واحد. والاغرب أن الدكتورة فوزية قد حاولت في تلك الاثناء مقابلة وزير الصحة من أجل التشكي له مما حصل.. فأعطوها موعدا.. أول.. ثم اجلوه.. ثم أعلموها بعد ذلك.. بأن الوزير مسافر.. وطلبوا منها تأجيله ثالثة.. لكنها قد رفضت ذلك.. أما الأغرب فهو أن هذه الدكتورة قد ضمنت كل أطوار المظلمة التي تعرضت لها.. بواسطة رسالة توضيحية قد توجهت بها الى الوزير الاول سي الباجي قائد السبسي.. وهي الرسالة المؤرخة في 16 سبتمبر 2011.. والتي توجهت بها اليه منذ ذلك التاريخ.. لكنها لم تتلق أي ردّ عنها والى غاية الساعة. الدكتورة فوزية التي اتصلت بي.. وعرضت علي كل هذه الاطوار.. وأمدتني بالوثائق المؤيدة لها.. قد رجتني تناولها.. حتى يطلع عليها الرأي العام في تونس.. وحتى يفهم بعض الطرق الخفية المعتمدة من طرف بعضهم في كيفية تعيين المسؤولين ولقد أكدت لي.. بأنها لا ترغب من خلال كل هذا.. الا في إعادة الاعتبار لشخصها.. خاصة بعد أن تم التلاعب بها.. وبعد أن تم التعامل معها بطريقة غير حضارية.. ولا أخلاقية.. وهي التي افنت عمرها في عملها.. ولم تطمح يوما من خلاله الا في حسن اداء واجبها.. وفي ارضاء ضميرها وفي خدمة بلدها.. فهل يعقل وهي التي تستعد اليوم للتمتع بتقاعدها بعد هذه المسيرة المهنية الطويلة والتي امتدت لأكثر من ثلاثين عاما.. هل يعقل أن يكون هذا جزاؤها.. فيتم اختيارها باقتناع وللقيام بمهمة.. وتتم محاولة اقناعها.. بوجوب قبولها لذلك.. خدمة لتونس.. ثم تقع بعد ذلك محاولة اجبارها.. على التخلي عنها لفائدة الغير.. لمجرد رغبة هذا الاخير.. في القيام بها مكانها وعوضا عنها.. وهل يعقل أن يحصل هذا.. داخل وزارة.. نأتمنها على حماية صحتنا وهي الاهم عندنا.. وهل يعقل أن يحصل بعد الثورة.. وهي التي جاءت للقطع مع كل الاساليب والالاعيب الماضية.. وكيف يعمد المشرفون على هذه الوزارة الى محاولة ارضاء شخص والى محاولة تحقيق رغبته الشخصية على حساب شخص آخر.. لم يبد خلال كل مسيرته المهنية غير حسن الاستعداد للقيام بواجبه.. بعيدا عن الحسابات. وهل أصبح المسؤول عندنا.. بيدقا.. داخل رقعة شطرنج.. يستعمله البعض.. من أجل تحقيق رغبات البعض الاخر.. خاصة اذا كان أمينا في أدائه لمسؤوليته. قلت أن الدكتورة فوزية.. قد حرصت في خلال عرضها عليّ لأطوار ما حصل.. على التأكيد لي.. بأنها لا ترغب من خلال رغبتها في نشر هذه التفاصيل في نيل منصب.. أو في تأكيد تمسكها بخطتها السابقة.. والتي «قلّعوها منها» بطريقة مهينة.. لكنها تتمسك بإبداء استغرابها وتعجبها مما حصل.. وتعتبره مهينا لشخصها.. ولسنّها.. ولمركزها الاجتماعي.. وحتى لطرق التعامل الحضاري.. خاصة في مرحلة ما بعد الثورة. ولعلني ومن هذا المنطلق.. ومن أجل تأكيد استغرابي الشخصي من أطوار هذه المظلمة التي تعرضت لها الدكتورة فوزية البجاوي.. قد حاولت نقل ما أمدتني به.. ليس بغاية التشهير.. ولا من أجل محاولة المسّ أو التشكيك في أي طرف.. انما.. بسبب ما تضمنه من نقاط استفهام كثيرة.. آمل في تكرم وزارة الصحة بشرحها.. وبتوضيحها.. للدكتورة فوزية البجاوي أولا.. ولي ولنا معها.. حتى لا نطلق على ما حصل.. وما تعرضت له.. صفة المهزلة.. أو حتى المظلمة.. والتي جاءت هذه الثورة للقطع مع مثيلاتها.. وحتى لا نقول بأن ثورتنا قد فشلت في ذلك.. أو أنها قد عجزت عن تخليصنا من بعض أدران الماضي ومن بعض أساليبه.. المشبوهة.. والمريبة.. وحتى من بعض الذين يمارسون هذه الاساليب.