قال راشد الغنّوشي رئيس حركة النهضة في كلمته خلال افتتاح المؤتمر الأول لشباب النهضة بالجامعة : "كنّا نريد مجرّد دكّان نعرض فيه ما عندنا ، فأعطانا ربّنا السّوق كلّه " في إشارة للحكم والحقيقة أنّ كلام "الشيخ" على عكس ما فهمه البعض وخاصّة من بني حزبه ، ممّن يمشون الخُيلاء على الأرض زُهُوّا كالهرّ يحكي انتفاخا صولة الأسد ، حمل إقرارا واعترافا واضحا بحجم هذا الحزب وامتداده المجتمعي ، وتحذيرا مبطنا بألاّ يغترّ المغترّون بنتائج أول انتخابات حرّة وديمقراطية والمُحدّدة أهدافُها ومدّتُها المنتهية منذ سنة ، رغم نعيق أصحاب أصوات "المجلس سيّد نفسه" ، مع أنّهم لا يرون من سيادته غير الملايين التي يقبضونها ومجالات التنفذ وقضاء الحاجات للعائلة والأحباب واستدامة فترة التمتع والتمعش من موائد الحكم والسلطة فقول "حاكم مونبليزير" كنّا نريد مجرّد دكّان نعرض فيه ما عندنا ، يعني أنّه وجماعته كانوا في الحقيقة باعة متجوّلين ينتصبون بصفة غير شرعية في الطرقات والأرصفة ليعرضوا بضاعة مجهولة المصدر مشكوك في مطابقتها لمواصفات استهلاك المواطن التونسي لها ، بل وقد تشكّل خطرا على صحّته وتذهب بعقله ، لذلك تمّ رفض منح مروّجيها الترخيصَ القانوني للتجارة بها وفتح محلّ معد للغرض ، رغم القصائد العصماء التي نظمها "الشيخ" وأترابه في مدح "صانع التغيير ورجل الإنقاذ" والإمضاء له على تلك الوثيقة الصفراء المسمّاة "الميثاق الوطني" ، وترشيحه في أكثر من مناسبة ليكون مرشّح الجماعة للانتخابات الرئاسية ورغم الوعود باستبدال "البرويطة" بحانوت لممارسة النشاط وتوسيعه في انتظار السّوق ، استبقت الجماعة أجَلها فكانت حادثة باب سويقة القشّة التي قصمت ظهر البعير ، فتم حجز ما أمكن من سلع ، قبل أن يفرّ من فرّ بما بقي فيها ، نحو عواصمفرنسا وبريطانيا وقطر والسعودية ، وتبدأ مرحلة جديدة من مراحل الترويج للحانوت الهدف ، والذي لم ير النور في النّهاية إلاّ بضربة حظّ صنعها شباب بوزيد وتالة والقصرين وغيرها من المدن ، ولم يشارك فيها أيّ من باعة الانتصاب الفوضوي النهضوي ، ولتنطلق هكذا رحلة الصيد والقنص للجماعة طمعا في امتلاك أكثر من حانوت ودكّان بل والسيطرة على كلّ السوق لكنّ هول المفاجأة كان كبيرا على الجماعة كما على أهل السوق أو جانب منهم ، ففي لحظة يأس جماعي صوّتوا لصاحب الدكان الجديد الوافد عليهم بعد الثورة ، غير عارفين بما يخطّطه لهم من مكر وخداع ليُخرجهم "إيديهم على روسهم" ويتمكّن هو كلّ "التمكين" من السوق وشتّى أنواع التجارة به ويحوّل "الملاّكة" إلى "كرّاية" ويستحوذ على الكل ويبسط نفوذه عليهم غير أن صاحب "العطرية" السياسية الجديد أقام الدليل للمرّة الألف ، بأنّه يجهل أصول التجارة والبيع والشّراء ، ولا يدري أنّ أهل السوق و"الڤروند سيرفاس" ومن باع أوْ لم يبعْ له منهم ، حوزا أو حتّى "فون دي كومّارس" ، أرباب تجارة أب عن جدّ سيسترجعون يوما ملكهم ، وأنّ منطق السوق عرض وطلب في المقام الأول ، ومن فاز بالصّفقة الأولى غير متأكد أن يفوز بالثانية ، ومن يعتقد عكس ذلك سيقف في النّهاية على حقيقة مثلنا الشعبي القائل "منامة عتارس" ، ويخسر الجمل بما حمل ، ولسان حاله يردّد "ما عندي في ها السوق ما نذوق" … تنويه : كل ما ينشر في ركن" الرأي الآخر" لا يعبّر إلا عن رأي كاتبه