معاناة مدينة صفاقس تكاد لا تنتهي فليس الفضلات المنزلية فقط تشغل بال المواطنين هنا في بلدية بلا رئيس وكاتبها العام في السجن ولا ندري هل هو مذنب أم لا أم ذنبه الوحيد أنه لم يُخالف تعليمات والي الجهة على كل حال ليس هذا موضوعنا ولكن متاعب السكان تتجاوز الرمال الزاحفة على الطريق وتتجاوز أدخنة المصانع وتتجاوزالعنف اللفظي والمادي الذي غمر مدينة كانت بالأمس هادئة وتتجاوزالروائح الكريهة المنبعثة من بالوعات ديوان التطهيروتتجاوز المفترقات الدائرية التي قطعت أوصال حركة المرور تقطيعا وتتجاوزكلّ ذلك الى ظاهرة يتحدث عنها القاصي والداني ألا وهي الظلام الذي يلف شوراع وأنهج وأحياء مدينة صفاقس أو لنقل الفوانيس المُعطبة في غالبية أعمدة التنوير العمومي ولنكن موضوعيين فان شوارع الرئيسية تنعم بانارة كافية ولكن بمجرد الخروج من باب البحر أو شارع المحاذي لولاية صفاقس أو تخطيت مقرا سياديا يمينا أو شمالا فانك تلحظ أن النور خفت وكأنك تعبر الى مدينة أخرى أما داخل المدينة العتيقة فالأسلم لك أن لا تدخلها في الليل واذا انتقلنا من المدينة العتيقة الى الطرقات فانك تلاحظ أن الضوء الخافت أحيانا والمنعدم تماما أحيانا أخرى هو الميزة الرئيسية لطريق الأفران والعين وقرمدة وحيّ الزيتونة والقائمة طويلة مع العلم أن الفوانيس تشتعل بمبدأ التناوب فاذا اشتعلت واحدة تنطفأ المجاورة لها وهكذا يمكن أن لك أن تحصي الفوانيس المعطبة والتي تفوق السليمة ولا ندري متى يقع تغيير هذه الفوانيس المُعطبة في هذا الوقت بالذات حيث يكون الليل غير آمن مع حاملي السواطير وأبطال البراكاجات في كلّ مكان فلمصلحة من هذا الظلام الحالك في صفاقس لمصلحة قُطاعّ الطريق أم لصوص المنازل ؟ انّ مرور أشهر على الثورة دون حدوث تغييرات عميقة في أشياء أساسية وبسيطة في مدينة مليونية يُعدّ أمرا غريبا أمام وعود للتنمية العادلة بقيت كلاما خطابيا أكثر منه حقيقة ملموسة