بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في تجاوز لقانون حماية المستهلك.. حث على استعمال الفوانيس المقتصدة للطاقة دون الإعلام بمخاطرها على صحة المواطن
نشر في صحفيو صفاقس يوم 01 - 06 - 2014

ستة ملايين فانوس مقتصد للطاقة تقترحها إستراتيجية الإنارة الناجعة كبديل عن الفوانيس المتوهٌجة، وتقدمها الوكالة الوطنية للتٌحكم في الطاقة كحل يحترم البيئة للضغط على تكاليف دعم الطاقة الذي ينهك الإقتصاد الوطني.
غير أن ما تقترحه هذه الإستراتيجية قد ينطوي على تجاوز للقانون عدد 117 لسنة 1992 المتعلق بحماية المستهلك، في ظل تغييب معلومة جوهرية بشأن ما يمكن أن تسببه هذه الفوانيس المقتصدة من مخاطر على صحة المواطن، باعتبارها تحتوي على مادة الزئبق، المصنٌفة "خطيرة" من قبل منظمة الصحة العالمية.
وبالفعل، فإن الإستراتيجيات الإتصالية والرسائل التوعوية المتصلة ببرامج ترشيد استهلاك الطاقة تركز في المقام الأول على أهمية المصابيح المقتصدة في الضغط على الإستهلاك والكلفة، ولا تولي كبير اهتمام لضرورة التحسيس بالإنعكاسات والمخاطر الصحٌية المحتملة على المواطن، حتى أن الشركة التونسية للكهرباء والغاز عمدت في إحدى حملاتها الترويجية إلى توزيع مليون فانوس مجانا على حرفائها، دون الإشارة إلى أية محاذير في استعمالها.
وتهدف الإستراتيجية الوطنية للإنارة الناجعة، التي تم الإعلان عنها يوم 27 نوفمبر 2013، ويمتد إنجازها بين سنتي 2014 و2016، إلى التسريع في سحب الفوانيس المتوهجة، وتعويضها بستة ملايين فانوس فلوري مدمج مقتصد للطاقة، سيتم توزيع مليونين منها مجانا على العائلات محدودة الدخل. وقدرت جملة الإعتمادات الضرورية لانجازها مبدئيا ب34 مليون دينار.
وتتضمن هذه الإستراتيجية ثلاثة عناصر يتعلق أولها بالجانب التشريعي الهادف إلى توفير الأرضية القانونية لإعتماد إجراء التخلي الكلي عن الفوانيس المتوهجة، وقد انطلق العمل عليه منذ بداية 2014 ويتواصل إلى حدود جوان سنة 2016.
وسيتم في إطار هذا العنصر إعداد مشروع مقرر يتعلق بإحداث نظام إشهاد في مختلف الأقسام الطاقية التي تنتمي إليها الفوانيس المقتصدة والتنصيص على قسم الفانوس على علبته، وإحداث نظام رقابة على الفوانيس من خلال إحداث مخبر بالمركز الفني للصناعات الميكانيكية والالكترونية مختص في التدقيق في سلامة الفوانيس.
أما العنصر الثاني لهذه الإستراتيجية المتعلق بالمعطى البيئي والحفاظ على سلامة المحيط من بقايا الزئبق الذي يدخل في مكونات هذه الفوانيس والذي يعد من النفايات الخطرة، فعهد به للوكالة الوطنية للتصرف في النفايات لتتكفل بمهمة تجميع ورسكلة هذه المنتجات، على أن تتولى الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة تمويل الدراسة التفصيلية المتعلقة بهذا المعطى لإيجاد الحلول الملائمة.
وأكد مدير ترشيد استهلاك الطاقة بالوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة، فتحي الحنشي، أنه على الرغم من قلة كميات الزئبق التي يتضمنها الفانوس الواحد (من المقرر ان تكون في حدود 4ر0 ملغ في الفانوس الواحد)، لكن في ظل تراكم نحو 10 ملايين فانوس ستتأكد مهمة إحداث نظام تجميع لدى الشروع في مرحلة التخلي عن المصابيح المنتمية للأصناف الأكثر إستهلاكا للطاقة مع الأخذ بعين الإعتبار كميات الزئبق المتوفرة بها.
أما العنصر الثالث للإستراتيجية فيتعلق بالجانب الإتصالي، وتم في إطاره برمجة حملات تحسيسية للتعريف بجدوى مختلف أصناف هذه الفوانيس، بالإضافة إلى التشجيع على اقتناء هذا الصنف من الفوانيس من خلال تكفل الوكالة بدعم أسعارها وترويج مليونين منها مجانا لفائدة العائلات المعوزة .
مخاطر الزئبق
وبين هذه الفوانيس والزئبق علاقة وجود حيث يعد من المكونات الأساسية والرئيسية لهذه الفوانيس على الرغم من أثاره السلبية على صحة الإنسان والمحيط، حيث تعرف منظمة الصحة العالمية الزئبق على أنه أحد المواد الكيميائية العشر الأوائل التي يمكن أن تشكل خطرا' على الصحة والبيئة.
كما تؤكد أنه يمكن أن تنجر عنه آثار ضارٌة على الأجهزة العصبية والهضمية والمناعية وعلى الرئتين والكليتين، مع التنصيص على أن التعرض الزائد إليه يمكن أن يكون مميتا،' وأن تعرض الاجنة إليه ولو بكميات ضئيلة قد يؤدي إلى انعكاسات سلبية على نمو الطفل.
ويثير الزئبق جدلا عالميا بسبب إنتقاله بعيدا في الجو وثباته في البيئة وقدرته على التراكم البيئي في النظم الايكولوجية، مما حدا بالمجموعة الدولية إلى بلورة إتفاقية "ميناماتا" حول الزئبق، وقعتها أكثر من 140 دولة من بينها تونس يوم 10 أكتوبر 2013 وهي ترمي إلى خفض انبعاثات وإطلاق الزئبق.
وتنصٌ الإتفاقية على ضرورة الحد، على مراحل، وإلى حدود سنة 2020، من التوريد والإتجار في الزئبق ومن إستخدامه مضافا إلى المنتجات الصناعية والبطٌاريات ومصابيح الفلورسنت المدمجة (الفلورية المدمجة) والمصابيح الفلورية الخطية، ومستحضرات التجميل، والمبيدات الحشرية، والملغم السني، والأجهزة الطبية مثل مقياس الحرارة.
كما جاء في نفس الاتفاقية أن الإستخدام أو التخلٌص غير السليمين للزئبق ( إلقاؤه في الطبيعة)، ولمركباته والمنتجات المضاف إليها تؤثر على الجهاز العصبي والدٌماغ وعلى القلب والكليتين وكذلك على الرئتين والجهاز المناعي.
مسؤولية التوعية بمخاطر الزئبق تتقاذفها الأطراف المتدخلة
وعن التأثيرات المحتملة للزئبق الموجود في الفوانيس المقتصدة للطاقة، أفاد مدير حفظ الصحة وسلامة المحيط بوزارة الصحة، الدكتور محمد الرابحي، "أن الخطورة تحدث في حال انكسر الفانوس، إذ ينتشر الزئبق بسرعة ويصبح سهل الاستنشاق، كما يتميز بطبيعته التراكمية داخل الجسم البشري إذ لا يمكن لهذا الأخير التخلص منه بسرعة، ويظل يتراكم إلى حين بلوغ الحد الأقصى، ويؤثر على عديد الأعضاء خاصة في حال تفاعله وتكتله مع المعادن الأخرى".
ويمكن أن يخلف الزئبق، بحسب الرابحي، مجموعة من الآثار الضارة على صحة الإنسان، وخاصة على الجهازين العصبي والتنفسي، إضافة إلى انعكاساته السلبية على الخصوبة.
وقد تتسبب هذه الفوانيس، وفق نفس المتحدث، في الصداع النصفي بسبب الموجات الكهرومغناطيسية المرتفعة التي تبثها، وفي الإصابة بسرطان الجلد بالنسبة لأصحاب الجلدة الحساسة جراء الإشعاعات فوق البنفسجية التي تبثها في حالة طول التعرض إليها.
وأكد الرابحي في ما يتعلق بواجب إعلام المستهلك بالمخاطر الصحية لهذه المنتجات،" أن التوعية بمخاطر الفوانيس لا تعد من أولويات إدارة حفظ الصحة وحماية المحيط في الوقت الراهن بما أن الأطراف المتدخلة لم تنبه، بحسب ما قال، إلى ضرورة التحرك في هذا الإتجاه.
وتابع، في هذا الخصوص، قائلا: "إدارتنا مختصة في التحكم في المخاطر، ونحن نتحرك حال تلقينا التنبيه والتقييمات من الهياكل المكلفة بتقييم المخاطر، وأعترف بوجود تقصير في المجال خاصة أنه لا توجد حاليا دراسات تثبت كل هذه المخاطر".
وأكد مدير عام الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة، حمدي حروش، من جهته، أن "الزئبق يمثل على قلة كمياته في هذه الفوانيس خطرا حقيقيا على صحة المواطن، وهذا الخطر مرتبط بتلف الفانوس وبتكسره داخل فضاء مغلق، كما على البيئة في حال تم إتلافه في الطبيعة" داعيا إلى "قياس العلاقة بين جدوى استعمال هذه الفوانيس وخطرها على صحة الإنسان التي تبقى فوق كل الإعتبارات".
كما أقر مدير ترشيد استهلاك الطاقة، فتحي الحنشي، بوجود أخطار محتملة لهذا الصنف من الفوانيس على صحة المستهلك، غير أنه لم يخف توجسه من أن يكون لعملية التوعية بالمخاطر "تأثير سلبي على الجهود الرامية لتعزيز السلوكات التي تستهدف التحكم في الطاقة، وتحدث حاجزا نفسيا حيال إستعمال الفوانيس المقتصدة للطاقة".
وأكد أن واجب إعلام المواطن وتوعيته بالأخطار المحتملة محمول على الهياكل الصحية وتحديدا على الوكالة الوطنية للرٌقابة البيئية والصحية على المنتجات.
وفي المقابل شدٌد مدير الرقابة البيئية على المنتجات بالوكالة الوطنية للرقابة الصحية والبيئية للمنتجات، حمادي دخيل، على أن "دور الوكالة إستشاري بحت، وقد لفتت انتباه من يهمه الأمر إلى الموضوع، غير أنه لم يتم أخذه بعين الإعتبار"، وفق قوله.
ومن جانبه، بين عضو لجنة قيادة الإستراتيجية عن الوكالة الوطنية للرقابة الصحية والبيئية على المنتجات، المهندس محمد وسيم الهاني، أنه شدد خلال إجتماعات اللٌجنة على ضرورة تحديد كمية الزئبق كمكوٌن أساسي في الفوانيس الفلورية المدمجة وضرورة التوعية بالمخاطر غير أنه لم يتم الأخذ بالمقترح الثاني.
غياب الرقابة على الزئبق
وعلى خطورة هذا المكوٌن الرئيسي في الفوانيس الفلورية المدمجة، وتأثيراته الخطيرة على صحة الإنسان، وميزته التراكمية، إلا أنه لم يتم في تونس سن قانون يحدد الكميات التي يتوجب توفرها في هذه الفوانيس، وحتى مشروع المقرر الجديد فإنه يقترح تحديد هذه الكميةب4,0 ملغ بالفانوس الواحد، في حين أن المعايير الأوروبية تقدرها ب25,0 ملغ.
كما أن المركز الفني للصناعات الميكانيكية والإلكترونية المناط بعهدته مراقبة سلامة هذا النوع من المنتجات لا يتوفر حاليا على مخبر لتدقيق ومراقبة كميات الزئبق بهذه الفوانيس وغيرها من المنتجات.
وتقتصر حاليا عملية الرقابة على هذه الفوانيس خلال التوريد على تصريح المنتج وعلى شهادة مطابقة للمعايير، وهي شهادة يتعين الإستظهار بها ويتم الحصول عليها من قبل مخابر دولية، وذلك على معنى القانون عدد 64 لسنة 1991 المؤرخ في 22 جويلية 1991 المتعلٌق بالمنافسة والأسعار.
أما بالنسبة للفوانيس المصنٌعة محلٌيا فيتم حاليا الإستناد إلى التصريح الشخصي للمصنع مع إمكانية اللجوء إلى الرٌقابة على عينة لدى مخابر دولية معتمدة.
ويشار الى أن الفوانيس التي روجتها الشركة التونسية للكهرباء والغاز سنة 2012 وهي محلية الصنع، لم تخضع إلى عملية مراقبة على كميات الزئبق بها، بسبب غياب النصوص القانونية التي تجبر على ذلك.
بين مطرقة إتفاقية مينامتا وسندان قانون حماية المستهلك
في فترة متقاربة زمنيا قام هيكلان من هياكل الدولة بمهمتين متناقضتين، ففي يوم 10 أكتوبر 2013 وقٌع وزير البيئة آنذاك محمد سلمان باسم تونس على إتفاقية "ميناماتا" التي تفرض، بعد دخولها حيز التنفيذ في أفق 2020، حدودا على تصنيع وتوريد المواد التي تستعمل الزئبق، ومنها الفوانيس المقتصدة للطاقة، وفي نفس الوقت أعلنت الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة عن إستراتيجية وطنية للإنارة الناجعة يوم 27 نوفمبر 2013 للتشجيع على إستعمال 6 ملايين فانوس فلوري مدمج.
وبهذا الخصوص، أكد فتحي الحنشي أن "الوكالة لم تكن على علم بتوقيع الإتفاقية عند إعداد الإستراتيجية"، مشيرا إلى أن التوعية بالجدوى الإقتصادية للفوانيس المقتصدة للطاقة ستتواصل حتى سنة 2016 في توافق مع مضامين الإتفاقية.
وفي الأثناء يظل السواد الأعظم من المستهلكين في غفلة عن المخاطر المحتملة للفوانيس المقتصدة للطاقة عند إنكسارها في الداخل، رغم أن الدولة ممثٌلة في هياكلها هي الواضعة للقوانين والضٌامنة لإنفاذها والحامية للمستهلك. وقد أسقط واضعو الإستراتيجية الجديدة حقٌ المستهلك في المعلومة بشأن المكوٌنات الخطيرة للمنتجات المعروضة، وذلك على معنى قانون 1992، والذي ينصٌ على حق المستهلك "في إعلامه بالمكوٌنات الخطيرة والأخطار الصحٌية المحتملة وكيفية التعامل معها".
وينص القانون على إحداث مجلس وطني لحماية المستهلك مكلف خاصة بإبداء الرأي وتقديم إقتراحات من شأنها ضمان سلامة المنتوجات وضمان إعلام المستهلك وترشيده وتحسين جودة المنتوجات وعلى إعلام المستهلك "بواسطة نشريات تتعلق بالخاصيات والتركيبة وطريقة الإستعمال والمخاطر المحتملة ومدٌة الإستعمال المتوقٌعة أو عند الإقتضاء التاريخ الأقصى لإستعمال المنتوج".
وللإشارة فإن هذا المجلس لم يتناول البتة موضوع الفوانيس المقتصدة للطاقة في اجتماعاته التي لم تنعقد منذ سنة 2012، حسب ما أكده مدير إدارة الجودة وحماية المستهلك بوزارة التجارة، كمال الحديدي.
ويشدٌد هذا القانون على أربعة إلزامات أساسية: "واجب السلامة"، و"واجب الإعلام" و"واجب إثبات مطابقة" المنتوجات للتراتيب والنصوص الجاري بها العمل المحمول على المورد أو العارض الأول بالسٌوق، وأخيرا "واجب الضمان" المفروض على كل منتج.
وأكد المحامي لدى الإستئناف، الناصر المكني أن "واجب الإعلام عن مكوٌنات البضاعة أو الخدمة المعروضة للبيع، حسب هذا القانون، شرط من شروط صحة عقد البيع"، مبينا أن القانون المدني أتاح فسخ العقد الذي أخفى فيه البائع ما يعرف ب¬"العيوب الخفية" في البضاعة، وحمله كذلك مسؤولية جبر الأضرار التي تطال المستهلك المشتري".
وعلٌق النائب السابق لرئيس منظٌمة الدفاع عن المستهلك المكلٌف بملف الأسعار، محمد زروق، (تمت محاورته قبل تنحيه في المؤتمر الأخير للمنظمة) قائلا: "القانون ظل حبرا على ورق ومفرغا من محتواه ولم يقع البتة احترامه"، بحسب رأيه. وقال إنه كان شدٌد خلال ندوة الإعلان عن الإستراتيجية على أهمية المرور إلى الجٌيل الجديد من مصابيح الصمام الثنائي "اللاد" الأكثر اقتصادا للطاقة ونجاعة من الفوانيس الفلورية المدمجة.
كما أكد أن منظمته ستلجأ إلى القضاء في حال استمرت وكالة التحكٌم في الطاقة في تنفيذ هذه الإستراتيجية على حالها دون إعارة مسألة توعية المواطن بالمخاطر المحتملة على صحٌته في حال إنكسر الفانوس،.
وقد أقر كل من مدير عام وكالة التحكم في الطاقة، حمدي حروش، ومدير ترشيد الاستهلاك، فتحي الحنشي، أنه لم يتم فعلا أخذ قانون حماية المستهلك بعين الاعتبار، متعهدين بتدارك الأمر في أسرع وقت.
وعن إستعمال تكنولوجية "الصمام الثنائي" أو "اللاد"، قال الحنشي، "إنها لازالت تكنولوجية مرتفعة الثمن وصعبة الإدماج في السٌوق التونسية، وغير ذات جدوى إقتصادية"، مؤكدا عدم فوات الأوان لتلافي بعض النقائص في هذه الإستراتيجية، بما أن الوكالة لازالت بصدد دراسة العروض المتعلقة بانجاز الدراسة البيئية المتعلقة بها.
وأكد مدير عام الوكالة، حمدي حروش، أنه بالإمكان مراجعة العنصر الاتصالي في الإستراتيجية في اتجاه إدراج رسائل توعوية غير مباشرة حول المخاطر من أجل تأمين سلامة المستهلك واحترام القانون117 لسنة1992".
وإلى أن يتم إيجاد الحلول الملائمة لتوعية المستهلك، تحدث المهندس بوكالة الرقابة الصحية والبيئية للمنتجات، محمد وسيم الهاني، عن محاذير الإستعمال فقال إنه "يتوجب على المستهلك إستعمال هذه الفوانيس على مسافة لا تقل على 50 صم وتجنب وضعها على مرآة الحلاقة وفوق المكتب"، مؤكدا أنه في حال انكسر الفانوس يتوجٌب الإسراع بتهوئة المكان وجمع ما تهشٌم باستعمال واق، وتفادي إستعمال المكنسة الكهربائية، ووضع البقايا في كيس محكم الإغلاق ووضعه بعيدا عن المتناول إلى حين إيجاد مسالك خاصة لجمعها ورسكلتها.
تنويه: تم إعداد التحقيق بالتعاون مع الأستاذين بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار: حميدة البور وهاني مبارك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.