روي عن الخليفة المأمون الذي أسس بيت الحكمة وجعل منها مؤسسة ترجمة عالمية انه كان يكافئ المترجم حنين بن اسحاق بان يعطيه وزن كتبه المترجمة ذهبا. وبالقياس التاريخي والمنطقي، كان أولى بوزارة الثقافة أن تعطي برج القلال دعما ومساندة مادية قيمة لأنه أفضل من عديد المؤسسات الثقافية التابعة لها، وعملية "آس أو آس، أبراج في خطر" عجز عنها المعهد الوطني للتراث الذي تنهار أمام أعينه كنوز من المعالم والمواقع بصفاقس وغيرها من المدن التونسية والتي لا تقدر بثمن واستحضر هنا ما ذكرته في كتابي باب بحر صفاقس: التاريخ، الذاكرة الهوية"،ص.185. أن "التراث مادة استراتيجية، أي أنها إذا فقدت فلن تتجدد، مثلها مثل آبار البترول". وهكذا انهارت أبراج صفاقس التي كان تعد بالمئات وضاعت مثلما يضيع اليوم باب بحر وهو تراث متوسطي مشترك وله خصوصية نادرة لا نجدها في مدينة تونسية أخرى ونفس الشئ يذكر بالنسبة لأسوار صفاقسوالمدينة العتيقة…. برج القلال كسب صيتا محليا مدهشا في بضع سنوات وربط جسرا ثقافيا واجتماعيا مع العاصمة وتونس . واللافت للانتباه أن تظاهرة الأبراج هي من عمل وتخطيط وهندسة نساء من صفاقس كنت أود ذكرهن واحدة، واحدة…لقد سرن على خطى عليسة "أليسا" التي كانت الملكة الوحيدة في البحر الأبيض المتوسط، وهي المرأة الوحيدة التي بنت مدينتها قرطاج في البحر الأبيض المتوسط سنة 814 ق.م. والمهم أن حصيلة نشاط برج القلال في هذه الفترة القصيرة مثمرة كتجربة للقطاع الخاص، وقد تحولت إلى مؤسسة تنشيط ثقافي تشكيلي تراثي تاريخي تأخذ بعدا عربيا متزامنا مع اختيار صفاقس عاصمة للثقافة العربية سنة 2016 وان يصبح هذا البرج مثل موسم أصيلة الثقافي الذي حول هذه المدينة إلى منارة ثقافية كبيرة عربيا وعالميا. واعتقد أن ما كسبته هذا المؤسسة من ثقة قادرة على استقطاب دعم رجال الأعمال من صفاقس وتونس أو أصحاب الشركات الخاصة الذين يرون أن تنمية المجتمع ثقافيا هي السبيل للنهوض ببقية القطاعات وفي مقدمتها الاقتصاد.