في الأربعينات من القرن العشرين عرفت صفاقس حراكا ثقافيا واسعا جعلها تعيش على وقع الحركات الادبية و الفنية والفكرية بباريس، وبذاك كانت منفتحة على الحياة الثقافية العالمية برج القلال وهذه لا شك من ميزاته فتح جسرا فكريا وفنيا وأدبيا مع تونس العاصمة. لقد قرب إلينا العاصمة وقصّر المسافات وربط المبدعين في مختلف المجالات بمدينة صفاقس ونفض عنها شيئا من العزلة والانغلاق، في انتظار أن تعود إليها صلاتها الاقليمية والمتوسطية والدولية. فصفاقس كانت مدينة كوسموبوليت تتعدد فيها اللغات والثقافات والأديان وهي تتقاسم إلى اليوم تراثا متوسطيا مشتركا له قيمة تاريخية نادرة. وآخر القادمين إلى صفاقس من تونس العاصمة، ضيف برج القلال طبعا، هو الشاعر والرسام والكاتب والناقد والسيناريست والموسيقي… المبدع على اللواتي الذي قدم كتابه " موسيقات من تونس" الصادر باللغة الفرنسية عن دار امبكت Impact هذا العام. يقع الكتاب في 294 صفحة وهو عبارة عن موسوعة حقيقية عن الموسيقى التونسية التي تتميز بتعدد الثقافات والمنظومات الموسيقية المحلية والمستوردة وهناك إلحاح في صفحات الكتاب على مركزية الموسيقى التونسية كما وصلت إلينا عبر التاريخ. والغرض من الكتاب كما ذكر مؤلفه هو الاهتمام بالذاكرة الموسيقية التونسية التعريف بها لدى قراء لغة هيجو وموليار. وهذا العمل، الجهد فيه واضح، لأنه عرض تاريخي مستفيض حاملا لمقاربة سسيولوجية وقراءة جمالية على غاية من المتعة. ولم ينس صاحبه بطبيعة الحال الحديث عن محمد الجموسي في الغناء والتمثيل و دور محمد بودية في الحفاظ على التراث الموسيقى بالجهة عبر إذاعة صفاقس. والمبدع على اللواتي كان مرفوقا من العاصمة بالأستاذ عبد السلام القلال مؤسس هذا الجسر الذي نتحدث عنه بين صفاقسوتونس، والحريص على ضخ أوكسيجين الحياة والديناميكية الثقافية باستمرار في البرج، القطعة المعمارية التراثية الرائقة، الذي أمن اشعاعه المحلي والوطني في انتظار كسب الرهان الدولي بفضل فريق من النساء أساسا؟. كما قدم معهما من العاصمة الفنان الرقيق د.مراد الصقلي الذي قدم للحاضرين كتاب " موسيقات تونسية" وعلي اللواتي ذاته الذي عمل مع زياد غرسة وأنور براهم ولطفي بوشناق في أغنيته المشهورة "ريتك مانعرف وين لحظة ما بين نومين في حومة باب الخضراء وإلا في الحجامين…"وعلي اللواتي هو مؤلف مسلسلات" الخطاب على الباب" و" منامة عروسية" وغير ذلك كثير من مجالات نشاطه في الفن والثقافة والإبداع. ولابد ان نذكر أن حفل توقيع الكتاب تزامن مع معرض للفنون التشكيلية ومع عرض أولي لفرقة جمعية المعهد الرشيدي الناشئة بمدينة صفاقس برئاسة لسعد الزواري مدير المعهد العالي للموسيقى، وحضرته السيدة ربيعة بن فقيرة المندوب الجهوي للثقافة بصفاقس كتأكيد على تلازم وتعاون الاطراف الثقافية في القطاعين العام والخاص، وقد سعدت بإهدائها كتابي" صفاقسالمدينة البيضاء" لضيف الثقافة بصفاقس علي اللواتي. فشكرا للمركب الثقافي والفني" برج القلال" على هذه الدعوة.