يقول مثلنا الشعبي التونسي "خوذ العلم من روس الفْكارِنْ" لكنّ واقعنا المعيش منذ سنتيْن حوّل المثل إلى القول "خذ السياسة من أفواه المجانين" . التونسيون اكتشفوا بعد الانتخابات الكارثة في الثالث والعشرين من أكتوبر سنة 2011 التي أفرزت ذلك المجلس المعضلة ، أن أحد الأحزاب التي انتخبوها إنّما كان في الحقيقة عشّا لتفريخ المجانين تشظّى إلى جملة أعشاش على رأس كلّ واحد منها أكبرهم جنونا وبلاهة وغرابة يجمع بينهم الهوس المرضي بالإقامة في قصر قرطاج أو أحد توابعه والتمتع بمغانمه وموائده على غرار رئيس حزبهم الأم ، وإن عزّ ذلك فلا بأس بخطة مستشار أو وزير فاشلين ، ولعلّ زعيمهم الأول والتاريخي ذاك الذي أعلن صراحة منذ أيام قليلة ترشحه للاستحقاق الرئاسي القادم وهو أكثرهم إثارةً للجدل والغبار المسمّى عبد الرؤوف العيادي صاحب عشّ وفاء ممن قال فيه الشاعر : هذيان لسانه أطلق صوت المنادي* يا تعس عقل المرء إنْ نطق العيّادي والحقيقة أن صفحات التاريخ ، تجسد وتوثق حقائق عن "مجانين حكموا العالم"، وأدّوْا به إلى الانهيار ، منذ بدء التاريخ ، وحتى أيامنا المعاصرة ، وكان هؤلاء يعانون من أمراض نفسية ك"جنون العظمة ، والسادية ، والتوحش ، وأيضا الخلل العقلي"، ولو كان في العالم وقتها طبيب نفسي واحد ، لاستراح الجميع من كوارث غيّرت تاريخ البشرية. عدد من السياسيين والمرشحين السابقين واللاحقين للانتخابات الرئاسية والتشريعية اعترضوا على وجود مادة فى قانون الانتخابات تفرض إجراء كشف طبي على المرشحين ، للتأكد من خلوّهم من الأمراض الخطيرة ، أو الأمراض العقلية والنفسية، بينما الطبيعي والمعمول به فى دول العالم أن المرشح لأي منصب سياسي يخضع لمثل هذا الكشف ، حتى لا يفاجأ الجمهور بأن مرشحه بعد الفوز لا يستطيع ممارسة عمله.. وربما كان الكشف العقلي والنفسي مهمًا حتى لا يخرج لنا رئيس مجنون أو نائب مهووس كما حدث لنا في الانتخابات الماضية حين أقدم نوّاب الترويكا "لا رحمة الله عليها" وهم تقريبا من "آل المهاويس" على انتخاب رئيسنا المؤقت الحالي الذي طالب رفيقه في حزبه الطاهر هميلة ( واسمعها من فم الهالك كما يقول مثلنا الشعبي ) أكثر من مرّة بعرضه على الطب النفسي للتأكد من مداركه العقلية ولا شك أن الكثير من المشكلات التى واجهتنا خلال السنوات الثلاث الماضية كانت فى جزء منها نتيجة الاختلال العقلي والنفسي للكثير من السياسيين على مختلف انتماءاتهم ومسؤولياتهم في الدولة بل كثير من هؤلاء ربما يعانون من عقد نفسية تدفعهم للانتقام ، أو إلى اتخاذ قرارات حمقاء. وإذا تأملنا تصرفات بعض هؤلاء السياسيين والمرشحين المفترضين للانتخابات الرئاسية على الشاشات التلفزية على غرار عيّادي وفاء ، فيمكن أن نكتشف بسهولة أننا أمام مرضى عقليين ونفسيين ، أو على الأقل حمقى ومغفّلين ، وعلينا بالتالي أن نخمّن ماذا يمكن أن يحدث لو كان المرشح مصابًا بمرض عضال يمنعه من ممارسة السياسة ، أو أنه مختل عقليًا أو مصاب بعقد من الطفولة أو الكبت، وكلها عوامل تجعل السياسة بالنسبة لهم تفريغًا للكبت أو إخراجًا لعقد نفسية فأمثال العياّدي رأف الله بنا من شرّ قوله وفعله وما تضمر نفسه ، اعتقد للحظة وهو يشاهد صديقه في الجنون ، الحاكمَ بأمره في قرطاج ، أن الشعب التونسي برمّته هو أحد أوفى أوفياء نزلاء مستشفى الرازي للأمراض النفسية والعقلية وأنّه يوم يمارس حقّه وواجبه في الانتخابات فلن يكون اختياره غير المرزوقي أو العيّادي أو عبّو باعتبار أنّه لم يبق من العقلاء في البلاد غيرهم!!! لهذا أقول إن الكثير مما شهدناه من اختلالات وخزعبلات وحركات سياسية بهلوانية كتلك التي أقدم عليها هذا العيّادي ، ربما لو كان المرشحون خضعوا للكشف الطبى لكنّا خرجنا من هذا الخلل السياسى، لأن المجانين فى نعيم ، لكنهم فى السياسة ليسوا كذلك… تنويه : الآراء الواردة في ركن الرأي الآخر لا تلزم إلا أصحابها