لا يخفى على العارفين بعالم الشركات التجارية جنابكم الموقر ان الفصل 3 من القانون عدد 44 لسنة 1995 متعلق بالسجل التجاري نص بوضوح على ضرورة التأكد من أن الطالب للترسيم بالسجل التجاري يباشر النشاط المصرح به لدى مصالح المراقبة الجبائية بصفة قانونية حسب ما إقتضته أيضا أحكام الفصل 56 من مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات. خلافا لذلك، نلاحظ أن مصالح المراقبة الجبائية هي بصدد خرق أحكام الفصل 56 المشار إليه بصفة صارخة واستغلال النفوذ وتجاوز السلطة من خلال منح معرفات جبائية للمتلبسين بلقب المستشار الجبائي والمحامي في خرق ايضا للمرسوم عدد 79 لسنة 2011 متعلق بتنظيم مهنة المحاماة والقانون عدد 34 لسنة 1960 متعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين وذلك تحت عنوان "دراسات واستشارات قانونية" و"تدقيق قانوني واداري واقتصادي واجتماعي وفني" و"مرافقة المؤسسات" و"مساعدة المستثمرين" و"استشارات جبائية وقانونية" وغير ذلك من الانشطة التي لا تعرف ماهيتها والتي تم تعدادها من خلال الامر الفاسد عدد 492 لسنة 1994 متعلق بقائمة الانشطة التي تنتفع بالامتيازات الجبائية والمالية الذي طور بصفة خطيرة ظاهرة استيراد البطالة والتحيل وتبييض الاموال والفساد والجريمة المنظمة. فالانشطة التي اشار اليها ذاك الامر الذي رفض الفاسدون صلب مختلف الوزارات المعنية بتطبيق احكام مجلة التشجيع على الاستثمارات لا نجد لها مثيلا بالتصنيفات العالمية للانشطة، علما ان الادارة لا زالت ترفض ادخال تحويرات عليه على الرغم من انه مخالف للنصوص القانونية مثلما هو الشان بالنسبة للمرسوم عدد 79 لسنة 2001 بالنسبة لنشاط التدقيق القانوني الذي يدخل ضمن مهام المحامي او المستشار الجبائي بالنسبة للتدقيق القانوني او الجبائي. وقد استغلت بعض الشركات الاجنبية ذاك الاهمال لتتحصل على باتيندة وترسم بالسجل التجاري وتباشر انشطة تجارية في خرق للمرسوم عدد 14 لسنة 1961 مثل تلك الناشطة في مجال السمسرة في اليد العاملة وتذاكر المطاعم لتستنزف بذلك مواردنا من العملة الصعبة وتنافس بطريقة غير شرعية مؤسساتنا قبل تحرير قطاع الخدمات. وعلى الرغم من توجيه تنبيه بواسطة عدل منفذ خلال سنة 2012 من قبل عمادة المحامين بهذا الخصوص الا ان وكالة النهوض بالصناعة واصلت من خلال شباكها الموحد منح معرفات جبائية لمنتحلي صفة المحامي والمستشار الجبائي وكذلك ترسيمهم بالسجل التجاري مثلما يتضح ذلك خاصة من خلال الرائد الرسمي للاعلانات القانونية عدد 93 لسنة 2014. هذا الموقف سيجبر المهنيين المتضررين على مقاضاة وكالة النهوض بالصناعة ووزارة المالية وكل من سيثبت تورطه خلال الايام القليلة القادمة ومطالتها بجبر الضرر. فالفصل 56 من مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات يلزم مصالح المراقبة الجبائية بالتأكد من أن القائم بالتصريح بالوجود في وضعية قانونية بخصوص النشاط الذي يعتزم مباشرته والحال ان مصالح المراقبة الجبائية مكنت الالاف من المتحيلين والسماسرة من معرفات جبائية في خرق لاحكام ذاك الفصل وللمذكرات الداخلية الصادرة عن الادارة العامة للاداءات وبالاخص الاجانب الذين هم بصدد قطع رزق التونسيين على مراى ومسمع الجميع دون رادع بما في ذلك المكاتب الاجنبية للمحاماة والمحاسبة. كما مكنت عددا هاما من الاشخاص الذين لا تتوفر فيهم الشروط القانونية من التلبس بلقب المستشار الجبائي والمحامي من خلال بعث شركة "مستشارين جبائيين" لا يكون كل شركائها من بين المستشارين الجبائيين في خرق صارخ للفصل 4 من القانون عدد 34 لسنة 1960 متعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين والمرسوم عدد 79 لسنة 2011 متعلق بتنظيم مهنة المحاماة. الملفت للنظر ان مصالح المراقبة الجبائية ورغم خرقها للقانون وتجاوزها للسلطة واستغلالها للنفوذ وتنكيلها بالمهنيين الذين الحقت بهم اضرارا جسيمة على معنى الفصل 96 من المجلة الجزائية لا زالت تتلكا في سحب المعرفات الجبائية التي منحتها لالاف المتحيلين والمتلبسين بالالقاب. ايضا لاحظنا أن مصالح السجل التجاري تركن للتصريح بالوجود ولبطاقة التعريف الجبائية التي تسميها خطا "رخصة التجارة" مثلما يتضح ذلك من خلال مطبوعة مضمون السجل التجاري عوض التأكد بوسائلها الخاصة من أن الطالب الترسيم يحترم النصوص التشريعية والترتيبية المتعلقة بالنشاط الذي يعتزم مباشرته إن وجدت. ونتيجة لذاك الاهمال، نلاحظ أن الالاف من المتلبسين بلقبي المستشار الجبائي والمحامي من بين التونسيين والأجانب تم ترسيمهم بالسجل التجاري في خرق للفصل 3 من القانون عدد 44 لسنة 1995 متعلق بالسجل التجاري عوض ان تفعل ضدهم احكام الفصل 29 من مجلة الاجراءات الجزائية. الاتعس من ذلك ان كل الرسائل الموجهة بهذا الخصوص لوزارة العدل وحقوق الانسان والعدالة الانتقالية لكي تضع حدا لهذه المهزلة التي نمت ظاهرة التحيل لم تجد ردا الى حد الان في خرق صارخ على الاقل لاحكام الامر عدد 982 لسنة 1993 متعلق بضبط العلاقة بين الادارة والمتعاملين معها. ايضا، الملفت للنظر ان اجتماعات الاستشارة الوطنية حول الاصلاح الجبائي او تلك المتعلقة باصلاح القضاء والتي تستدعى لها الهياكل المهنية للمستشارين الجبائيين بصفة صورية على غرار ما كان معمولا به في عهد المخلوع لم تتطرق لمثل هذه التجاوزات ولم تعرها اي اهتمام رغم خطورتها على محيط الاستثمار وحقوق دافعي الضرائب والخزينة العامة وطالبي الشغل. بالنظر للالاف من المرسمين بالسجل التجاري على وجه غير قانوني وبغاية حماية المهنيين ومستهلكي خدماتهم وتطهير محيط الاستثمار وتشجيع العاطلين عن العمل خاصة من بين حاملي الشهائد العليا على الانتصاب لحسابهم الخاص، كان لزاما على وزارة العدل وحقوق الانسان والعدالة الانتقالية المبادرة بالرد على العرائض العديدة التي وصلتها منذ سنوات من الهياكل المهنية المتضررة وبالاخص الممثلة للمستشارين الجبائيين والتي تدعوها لاصدار منشور قصد حث مصالح السجل التجاري بالتعاون مع الهياكل المهنية على تطهير السجل التجاري من المتلبسين بالالقاب ورفع امر المتحيلين والمتلبسين بالالقاب للنيابة العمومية مثلما اقتضت ذلك احكام الفصل 29 من مجلة الاجراءات الجزائية والتفكير في تعويض السجل التجاري بسجل الانشطة الاقتصادية وذلك قصد الزام المباشرين لانشطة تجارية وغير تجارية بالترسيم به حيث لا يعقل ان نلزم شركة خدمات فكرية بالترسيم بالسجل التجاري في حين يعفى الاشخاص الطبيعيون من ذلك. هذه العملية من شانها تطهير السجل التجاري من عشرات الالاف من المتحيلين وتحيين قاعدة بياناته. الأسعد الذوادي عضو الجمعية العالمية للجباية ومعهد المحامين المستشارين الجبائيين بفرنسا والمجلس الوطني للجباية والمجمع المهني للمستشارين الجبائيين ومؤسس الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين