أستطيع أن أجزم اليوم بأنّ اللغة الأكثر إنتشارا في تونس هي لغة المؤامرة .. الحكومة تتحدث عن مؤامرة لإسقاطها .. والمعارضة تتحدث عن مؤامرة لإقصائها .. والإتحاد يبكي على مؤامرة لضربه .. والإعلام يشتكي من مؤامرة لتركيعه .. والسلفيون يتحدثون عن مؤامرة لقمعهم .. والحداثيون يحلفون بأغلظ الأيسار عن مؤامرة لإجتثاثهم .. تفتح الصحف والتلفزة والإذاعات .. فلا تسمع سوى الحديث عن المؤامرات .. تخرج للسوق وتتحدث مع التجار والعطار والنجار والخضار والسمسار .. فلا تسمع سوى عمّا يُحاك من مؤامرات ضدّ هذا القطاع أو ذاك .. أولاد الحُومة يتحدثون أيضا عن مؤامرة ضدّهم حتّى لتعتقد بأنّ المؤامرة في أصل عرقها السامي .. هي بالأساس من أب تونسي .. ليجد المواطن العادي نفسه في النهاية .. كيف الكورة بين الذكورة .. وهو من مؤامرة لمؤامرة ... مخ الهدرة .. بإعتقادي أنّ نظرية المؤامرة ليست أمرا مستبعدا هنا او هناك .. ولكن في المقابل من يرى نفسه بأنّه أضعف من المؤامرة .. فليعلم بأنّه لا يستحق أن يكون في المكان الّذي يبكي منه .. ومن سيعلّق كل فشله على خلفية “علكة المؤامرة” سنقول له وبالصوت العالي .. ” اللي تخونها ذراعها .. تقول مسحورة”