عاجل/ إقرار هذه الاجراءات لمداواة البعوض بسبخة السيجومي    نسبة التضخم تتراجع الى مستوى 6ر5 بالمائة خلال شهر أفريل 2025    قابس: مستثمرون من عدّة دول عربية يشاركون من 07 الى 09 ماي الجاري في الملتقى العربي للاستثمار السياحي والاقتصادي بقابس    شراكة تونسية قطرية لتعزيز القطاع الصحي: 20 وحدة رعاية صحية جديدة خلال 3 أشهر    الحماية المدنية تنبّه من الممارسات التي تساهم في اندلاع الحرائق    عاجل/ إعلام إسرائيلي: تم تدمير ميناء الحديدة في اليمن بالكامل    الهيئة المديرة لمهرجان سيكا جاز : تاكيد النجاح و مواصلة الدرب    زغوان: رفع 148 مخالفة اقتصادية وحجز أكثر من 22 طنّا من السكر المدعم    بطولة الرابطة الأولى: برنامج الجولة الأخيرة لموسم 2024-2025    بطولة الرابطة المحترفة الثانية: ايقاف مباراة الملعب القابسي ومستقبل القصرين    برلمان: لجنة العلاقات الخارجية تنظر في أولويات برنامج عملها    الجمعية التونسية للزراعة المستدامة: عرض الفيلم الوثائقي "الفسقيات: قصة صمود" الإثنين    ثلاث جوائز لتونس في اختتام الدورة 15 لمهرجان مالمو للسينما العربية    انخفاض أسعار البطاطا في نابل بفعل وفرة الإنتاج والتوريد    تداول صور "احتجاز" للنائب الليبي إبراهيم الدرسي تثير تساؤلات    عاجل/ بلاغ هام من الجامعة التونسية لكرة القدم    وزير الاقتصاد والتخطيط في الكاف : لدينا امكانيات واعدة تنتظر فرص الاستثمار    أريانة: سرقة من داخل سيارة تنتهي بإيقاف المتهم واسترجاع المسروق    قضية قتل المحامية منجية المناعي وحرقها: إدراج ابنها بالتفتيش    آلام الرقبة: أسبابها وطرق التخفيف منها    محمد رمضان يشعل جدلا على طائرته    سعر "علّوش العيد" يصل 1800 دينار بهذه الولاية.. #خبر_عاجل    تتمثل في أجهزة التنظير الداخلي.. تونس تتلقى هبة يابانية    عاجل/ رفض الإفراج عن هذا النائب السابق بالبرلمان..    الدورة الاولى لتظاهرة 'حروفية الخط العربي' من 09 الى 11 ماي بالقلعة الصغرى    مجلس نواب الشعب : جلسة عامة غدا الثلاثاء للنظر في اتفاق قرض بين تونس والبنك الإفريقي للتنمية    عاجل - سيدي حسين: الإطاحة بمطلوبين خطيرين وحجز مخدرات    بوفيشة: احتراق شاحنة يخلف وفاة السائق واصابة مرافقه    الرّابطة الثانية : برنامج مباريات الدُفعة الثانية من الجّولة 23.    تونس تحصد 30 ميدالية في بطولة إفريقيا للمصارعة بالدار البيضاء منها 6 ذهبيات    في قضية مخدرات: هذا ما قرره القضاء في حق حارس مرمى فريق رياضي..#خبر_عاجل    الهند توقف تدفَق المياه على نهر تشيناب.. وباكستان تتوعد    السجن لطفل شارك في جريمة قتل..وهذه التفاصيل..    تصنيف لاعبات التنس المحترفات: انس جابر تتراجع الى المرتبة 36    احتلال وتهجير.. خطة الاحتلال الجديدة لتوسيع حرب غزة    قيس سعيّد يُجدّد دعم تونس لفلسطين ويدعو لوحدة الموقف العربي..    تقلبات جوية متواصلة على امتداد أسبوع...تفاصيل    انطلاق امتحانات البكالوريا التجريبية..    عاجل -فلكيا : موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    كل ما تحتاج معرفته عن ''كليماتيزور'' السيارة ونصائح الاستعمال    عاجل/شبهات تعرّض سجين للتعذيب ببنزرت: هيئة المحامين تُعلّق على بلاغ وزارة العدل وتكشف..    بطولة مدريد المفتوحة للتنس للأساتذة: النرويجي كاسبر رود يتوج باللقب    البطولة الفرنسية : ليل يتعادل مع مرسيليا 1-1    العثور على جثث 13 موظفا من منجم للذهب في بيرو    سوريا.. انفجار الوضع في السويداء مجددا.. اشتباكات وقصف ب"الهاون"    رئيس اتحاد الناشرين التونسيين.. إقبال محترم على معرض الكتاب    انتفاخ إصبع القدم الكبير...أسباب عديدة وبعضها خطير    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    رفع اكثر من 36 الف مخالفة اقتصادية الى أواخر افريل 2025    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    سوسة: الإعلامي البخاري بن صالح في ذمة الله    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قانون مكافحة الإرهاب بين سيادة القانون واحترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان
نشر في صحفيو صفاقس يوم 18 - 04 - 2015

الإرهاب آفة٬ تنخر مقومات المجتمع وكيان الدولة٬ تهدد السلام٬ وتزعزع الاستقرار. ويقوّض الإرهاب حقوق الإنسان٬ ويستهدف الحريات الأساسية والديمقراطية. لذا من واجب الدولة والمجتمع التصدي له بقوة٬ بتوجيه كل العناية لتعزيز القدرات – في كل المجالات – حتى يمكن مكافحته بفاعليّة٬ ومنها سنّ السياسات اللازمة واتخاذ التدابير الضرورية٬ وإتباع أساليب شاملة ومنسقة ومتسقة٬ للقضاء على جميع أشكال ومظاهر الإرهاب وقطع دابره. وإذ تسترشد الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بالقانون الدولي ومن ضمنها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 60/288 سبتمبر 2006 المتضمن لإستراتيجية عالمية لمكافحة الإرهاب٬ والذي يؤكد أنّ الأعمال والأساليب والممارسات الإرهابية بجميع أشكالها ومظاهرها أنشطة تهدف إلى تقويض حقوق الإنسان والحريات الأساسية والديمقراطية، وتهدد السلامة الإقليمية للدول وأمنها، وتزعزع استقرار الحكومات المشكلة بصورة مشروعة.
ويسلم ان التنمية والسلام والأمن وحقوق الإنسان مسائل مترابطة وتعزز كل منها الأخرى.
ويؤكد أن تعزيز حقوق الإنسان للجميع وحمايتها وسيادة القانون أمر أساسي، وأن اتخاذ تدابير فعالة لمكافحة الإرهاب وحماية حقوق الإنسان هدفان لا يتعارضان، بل متكاملان ويعزز كل منهما الآخر، مع التأكيد على ضرورة تعزيز وحماية حقوق ضحايا الإرهاب وحمايتها. ويشكل قرار الجمعية العامة 60/158 المؤرخ في 16 ديسمبر 2005 الإطار الأساسي ل ''حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب‘‘.
لذا على كل دولة أن تكفل في أية تدابير تتخذها لمكافحة الإرهاب الوفاء بالالتزامات المنوطة بها بموجب القانون الدولي، ولاسيما قانون حقوق الإنسان وقانون اللاجئين والقانون الإنساني الدولي؛.
وأن تدعم الدور الذي يضطلع به المقرر الخاص المعني بتشجيع وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب.‎
وأن تستجيب إلى مناشدة قرار مجلس الأمن رقم 1456 لسنة 2003 بان تصبح طرفا في جميع الاتفاقيات الدولية والبروتوكولات ذات الصلة المتعلقة بالإرهاب منها خاصة اتفاقية عام 1999 الدولية لقمع تمويل الإرهاب.
ويجب أن يشمل مشروع القانون الأساسي المتعلق بمكافحة الإرهاب وبمنع غسل الأموال٬ التدابير اللازمة في سبيل الوقاية من الإرهاب ومكافحته وزجره،
وعلينا في هذا السياق أن نتوقّى من كل الهنات الخطيرة والمطبّات التي اتّسم بها قانون 2003 وأن لا يكون القانون الجديد مجرّد استنساخ لقانون 2003 مع بعض اللّمسات التجميلية السطحية
فقد كان قانون 2003 بحقّ قانونا لا دستوريا تنزّل في سياقات دولية سطّرت معالمها الولايات المتحدة الأمريكية بعد ضربات 11 سبتمبر وفرضته على حلفائها التابعين متنصّلة في ذات الوقت من مسؤولياتها في ملاحقة مجرمي الحرب والمجرمين ضدّ الإنسانية بعدم توقيعها، هي وحلفائها، على نظام روما الأساسي المحدث للمحكمة الجنائية الدولية، بل ومحاولة الالتفاف عليه بإبرام اتفاقيات ثنائية مع بعض الأنظمة، ومنها تونس، لتمكين مواطنيها من الإفلات من العقاب.
وكانت الرّابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من أولى المبادرين للتّصدي لهذا القانون القاتل للحرّيات والماس بحقوق الدفاع منها ضرب السر المهني إذ فرض على المحامي الوشاية بحرفائه والذي وظفه نظام الاستبداد لتجريم احتجاجات سلمية مشروعة ولمحاكمة الآلاف من النّشطاء من كل العائلات السياسية والتّخلص منهم وضرب أركان المحاكمة العادلة وحقوق الدّفاع. ولم يتوان المقرر الخاص للأمم المتحدة لتعزيز حقوق الإنسان في إدانة قانون 2003.
يستند موقف الرّابطة إلى معادلة تبدو بسيطة بين ضرورة مكافحة الإرهاب وإدانته إدانة قاطعة بصفته تهديدا فتّاكا لكافة حقوق الإنسان وضرورة احترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان في كل مراحل تطبيق القانون. وتتبنّى الرابطة في هذا الصدد مجمل قرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة
إن المشروع الجديد لقانون الإرهاب الذي أرسلته الحكومة إلى مجلس نواب الشعب بتاريخ 26/03/2015 يستند إلى المشروع الأول الذي سبق أن قدم منذ شهر جانفي 2014 إلى المجلس الوطني التأسيسي قصد مناقشته والتصويت عليه وقد تم الاستماع صلب لجنة الحقوق والحريات إلى رئيس الرابطة الذي قدم وجهة نظر الرابطة حول ذلك المشروع وما تضمنه من تجاوزات وإخلالات جوهرية ماسة بحقوق الإنسان.
لقد سجّل مشروع 2014 بعض التحسّن بالنسبة لسابقه ولكنه حافظ على العديد من هناته القديمة. وتتمثّل النقاط الإيجابية في ما يلي :
 من الإضافات الهامة في مشروع القانون مقارنة بقانون 2003 هو إحداث لجنة وطنية لمكافحة الإرهاب المنصوص عليها في الفصول من 62 إلى 66 إلا أنه كان من الأجدر تعويض هذه اللجنة بهيئة قارة تتمتع بالشخصية القانونية والإستقلال المالي وتعمل بالتنسيق مع كافة مكونات المجتمع المدني والسياسي وتكون بمثابة الهيئات الدستورية الأخرى.
 عدم الترحيل القسري : يضمن الفصل 83 من القسم العاشر عدم التسليم "إذا توفرت أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأن الشخص موضوع طلب التسليم سيكون في خطر التعرض للتعذيب أو أن طلب التسليم يرمي إلى تتبع أو عقاب شخص بسبب عنصره أو لونه أو أصله أو دينه أو جنسه أو جنسيته أو آرائه السياسية".
 التعويض للضحايا: يوفر الفصلان 74 و75 الرعاية الصحية والمساعدة الاجتماعية اللازمة لضحايا الإرهاب رعاية صحية مجانية في المستشفيات، ومساعدة قانونية خاصة.
 المراقبة القضائية لاعتراض الاتصالات (الفصل 52)…. وإعدام التسجيلات السمعية البصرية بحضور ممثل عن النيابة العمومية بمجرد صدور حكم بات في القضية (الفصل 61).
إلّا أنه في ما عدى هذه التحسينات الطّفيفة نسج قانون مشروع القانون الجديد 2015 على منوال قانون 2003 بخصوص عديد الإخلالات التي من شأنها المساس بمبادئ حقوق الإنسان ويعتبر المشروع الجديد في بعض أحكامه أسوء من المشروع القديم.
1. عدم التنصيص على مرجعية القانون الدولي الإنساني
 لم يتضمن المشروع الجديد تنصيصا على المرجعية الدولية وخاصة مواثيق وقرارات الأمم المتحدة كما لم تقع الإشارة صلبه على مبادئ القانون الدولي الإنساني بل تم الإكتفاء بذكر "إحترام الضمانات الدستورية والإتفاقيات المصادق عليها"
 إن القانون الدولي الإنساني هو المرجع والأساس لحقوق الإنسان و للمحاكمة العادلة.
2. تركيز مشروع القانون على المعالجة الأمنية والقضائية دون التنصيص على الإجراءات الفاعلة للوقاية من الإرهاب و تجفيف منابعه ومعالجة أسبابه الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والدينية و التربوية ويمكن أن يكون هذا دور اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب.
كما أن المعالجة الأمنية والقضائية غير كافية لوحدها إذ لا بد من التركيز على الآليات الوقائية من الإرهاب ومنها :
إيجاد الآليات الوقائية لمعالجة الأسباب الإقتصادية والإجتماعية والثقافية التي تساهم في تنامي الظاهرة الإرهابية
مراقبة الخطب الدينية التي تقدم في المساجد والمدارس و وسائل الإعلام
توفير الحماية الضرورية للأمنيين والعسكريين في مجال مكافحة الإرهاب طبقا لتوصيات المؤتمر الثامن للأمم المتحدة لسنة 1991 الذي يعتبر أنه من حق أعوان الأمن والجيش المدافعين عن الوطن التمتع بحماية خاصة دون أن يشكل ذلك إعتداءا على حقوق الأشخاص.
3. التعريف الفضفاض لظاهرة الإرهاب
يصنف الفصل 13 ضمن الجرائم الإرهابية :
 الإضرار بمقرات البعثات الدبلوماسية والقنصلية أو المنظمات الدولية،
 إلحاق أضرار جسيمة بالبيئة بما يُعرّض حياة المتساكنين أو صحتهم للخطر،
 الإضرار بالممتلكات العامة أو الخاصة أو بالموارد الحيوية أو بالبنية الأساسية أو بوسائل النقل أو الاتصالات أو بالمنظومات المعلوماتية أو بالمرافق العمومية…
وينص الفصل 18 على أن يُعاقب بالسجن من عشرة أعوام إلى خمسة عشرعامًا من يتعمد السيطرة أو الاستيلاء على سفينة مدنية بأي وسيلة كانت. قد يتسبب هذا التعريف، في غياب ضمانات المحاكمة العادلة "من شفافية الإجراءات وإحترام حق الدفاع ومبدأ المواجهة"، في إدانة نشطاء بيئيين سلميين إذا حاولوا مثلا،منع سفينة من الصيد غير المشروع أو القيام بأي نشاط مضرّ بالبيئة.
تخشى الرابطة أن تُستخدم هذه الفصول لتجريم أعمال المعارضة السلمية التي قد تتسبب في تعطيل النقل العمومي والمرافق العامة مثلا، كأن تقع ملاحقة أحد المشاركين في احتجاج مدني بسبب الإضرار بسيارة شرطة أو تكسير نافذة إحدى البنايات الحكومية مثلا، بمقتضى هذا القانون. وقد يتسبب هذا التعريف الفضفاض في إدانة نشطاء بيئيين سلميين إذا حاولوا منع سفينة من الصيد غير المشروع أو القيام بأي نشاط مضرّ بالبيئة… إلى آخر ذلك من الجرائم التي لا علاقة لها بالإرهاب، التي لا تتوفر فيها عناصر الجريمة الإرهابية.
وبالتالي فإن المشروع الجديد المحال على مجلس نواب الشعب قد يسمح للحكومة بعد المصادقة عليه بقمع الحريات المضمونة بالدستور التونسي وبالمعاهدات والمواثيق الدولية.
فعلى قدر ما تسعى الرابطة إلى ترسيخ قيم التسامح ونبذ الإرهاب و تكريس سيادة القانون ومبادئ المحاكمة العادلة فإنها في ذات الوقت حريصة على حماية حقوق الأشخاص والجماعات وعدم الخلط، بسبب غموض تعريف الجريمة الإرهابية، بين الاحتجاجات المدنية السلمية والأفعال الإرهابية. كما أنها شديدة الحرص على عدم تجريم الإشادة بالمقاومة المشروعة للشعوب وبحقها في استرداد أراضيها وتقرير المصير.
ينبغي إذن لدرء هذا الخلط الرهيب بين الاحتجاجات السلمية والمقاومة المشروعة للاحتلال من جهة والجريمة الإرهابية من جهة أخرى اعتماد تعريف دقيق لمفهوم الإرهاب وفق التنصيصات التالية
ويمكن هنا الاستئناس في هذا المضمار بقرار مجلس الأمن 1566 وسائر الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالإرهاب على ضرورة توفر العناصر التالية في تعريف الأعمال الإرهابية:
 الأعمال الإجرامية التي ترتكب ضد المدنيين بقصد إلحاق الموت بهم أو إصابتهم بإصابات خطيرة قصد حملهم غصبا على تبني فكرة أو القيام بعمل إجرامي دون إرادتهم.
 أخذ الرهائن بغرض إشاعة حالة من الرعب بين عامة الجمهور أو جماعة من الأشخاص أو أشخاص معينين، أو لتخويف جماعة من السكان
 إرغام حكومة أو منظمة دولية على القيام بعمل ما أو عدم القيام به
تؤكد الاتفاقيات الدولية على ضرورة توفر ثلاث أركان لوصف جريمة بالإرهابية :
1. الوسيلة المستخدمة: فتاكة، ممارسة عنف خطير ضد السكان أو أخذ الرهائن
2. القصد: إشاعة الخوف بين السكان أو هدم النظام العام أو إرغام حكومة أو منظمة دولية على القيام بعمل ما أو عدم القيام به
3. الهدف : فرض تحقيق هدف سياسي أو عقائدي مستتر.
4. غموض مفهوم الإشادة بالإرهاب
تم التخلي عن تعريف مصطلح تنظيم بعدم إضافة وصف إرهابي الذي كان منصوص عليه بالمشروع الأول وبالتالي تصبح كلمة تنظيم غير معرفة بدقة.
يتضمن مشروع القانون فصلين متعلقين بالتحريض والإشادة بالإرهاب.
ينصّ الفصل 5 على أنه "يُعدّ مرتكبًا للجرائم الإرهابية، ويُعاقب بنصف العقوبات المقررة لها، كل من يُحرّض، بأي وسيلة كانت على ارتكاب الجرائم الإرهابية المنصوص عليها بهذا القانون، عندما يولّد هذا الفعل، بحكم طبيعته أو في سياقه، خطرًا باحتمال ارتكابها".
يتماشى هذا الفصل جزءا مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان لأنه يربط تجريم التعبير بوجود تهديد حقيقي بارتكاب عمل إرهابي إلا أنه تم حذف شرط على نية بالنسبة للتحريض والذي كان منصوص عليه بالمشروع الأول
ويفرض الفصل30 عقوبة بالسجن لمدة تتراوح بين سنة واحدة وخمس سنوات وغرامة مالية بين 5 آلاف و 10 آلاف دينار في حق "كل من يتعمد الإشادة علنًا، بأي وسيلة كانت، بجريمة إرهابية أو بمرتكبها أو بتنظيم أو وفاق له علاقة بجرائم إرهابية أو بأعضائه أو بنشاطه".
قد يُستخدم الفصل 30 لمعاقبة أشخاص أو منظمات بسبب حرية التعبير المشروعة.
وعلى سبيل المثال، قد يواجه الشخص عقوبة السجن إذا استخدم كلمة أو رمزًا قد يُفهم أو يؤول من قبل الباحث أو القضاء في إطار السلطة التقديرية الواسعة على أنه مساند للإرهاب وهو ما قد يؤدي إلى التعسف خاصة وأن كلمة إشادة عامة ويمكن إستعمالها بسهولة كما تم إستعمال النظام العام والأمن العام لقمع الحريات في إطار قانون الإرهاب الصادر سنة 2003.
ونذكر في هذا الصّدد بالفقرة 3 من المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنصّ على أنه "يُمكن فرض قيود على حرية التعبير شريطة أن تكون محددة بالقانون وأن تكون ضرورية لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، و لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.
وينبغي للدول الأطراف في العهد، ومن بينها تونس، أن تضمن بأن تكون تدابير مكافحة الإرهاب متماشية مع الفقرة 3من المادة 19. وينبغي وضع تعريفات واضحة لجرائم مثل "التشجيع على الإرهاب" و"النشاط المتطرف" فضلاً عن جرائم "الإشادة بالإرهاب" أو "تمجيده" أو "تبريره" لضمان ألا تؤدي إلى تداخل غير ضروري أو غير متناسب مع حرية التعبير.
لإثبات تهمة الإشادة بالإرهاب ينبغي التأكد من أن :
القصد من التعبير هو التحريض على عنف وشيك،
التعبير قد يُحرّض على ممارسة العنف،
وجود علاقة مباشرة بين التعبير وإمكانية حدوث عنف.
وفي هذه الأجواء المشحونة بالمشاعر الهوجاء يُمكن استخدام التعريف الفضفاض ل"الإشادة بالإرهاب" لوصف شخص أو منظمة ما بالإرهابي لأنه يدافع عن حق المتهمين بالإرهاب في المعاملة الإنسانية.
5. انعكاسات على حقوق الدفاع والمحاكمة العادلة وسلامة الإجراءات
 إجبار المحامين بالكشف عن معلومات
يعاقب الفصل 35 بالسجن من عام إلى خمسة أعوام وبخطية من خمسة آلاف دينار إلى عشرة آلاف دينار كل من يمتنع، ولو كان خاضعا للسر المهني، عن إشعار السلط ذات النظر فورا بما أمكن له الإطلاع عليه من أفعال وما بلغ إليه من معلومات أو إرشادات حول ارتكاب إحدى الجرائم الإرهابية المنصوص عليها بهذا القانون أو احتمال ارتكابها. مع استثناء أفراد العائلة والمحامين إلّا إذا كانت "المعلومات التي يطلعون عليها يُؤدي إشعار السلط بها إلى تفادي ارتكاب جرائم إرهابية في المستقبل".
قد تشمل هذه الصياغة الفضفاضة للفصل 35 جميع أنواع المعلومات، وقد تجرّم علم المحامي بمجموعة واسعة من المعلومات التي لا علاقة لها بمنع حدوث أعمال إرهابية.
إضافة إلى أن هذا الفصل يمسّ من حقوق الدّفاع ومن واجب المحامين في القيام بواجبهم بكل أمانة ويهزّ علاقة الثّقة الضرورية بين المحامي وموكله
6. الإخلالات التي تشوب إجراءات التتبع والتحقيق و المحاكمة
1.6- عدم إحترام مبدأ المواجهة
من المبادئ الجوهرية للمحاكمة العادلة هو مبدأ المواجهة قصد إظهار الحقيقة و تجب الحيف والظلم. إلا أن الفصل 45 من مشروع القانون الجديد خرق ذلك المبدأ بأن خول للشاهد الإمتناع عن كشف هويته وعن مكافحة ذي الشبهة أو غيره من الشهود وبالتالي فإن قاضي التحقيق يجد نفسه مجبرا على حجب هوية الشاهد عن المتهم وعن محاميه بتعلة حماية الشاهد وهو ما يحرم المتهم ولسان دفاعه من معرفة الشهود والقدح فيهم والطعن في تصريحاتهم وبالتالي في إن ذلك يشكل خرقا واضحا لنزاهة الإجراءات و شفافيتها ولمبدأ المواجهة خصوصا.
2.6- سلطات تقديرية واسعة للقضاة وخرق للإجراءات
إن الفصول 68 و 69 و 70 من مشروع القانون الجديد تشكل أيضا مسا بمبدأ المواجهة وخطرا على حقوق الدفاع بما يؤثر سلبا على الإستقراءات وسير الأبحاث التحقيقية والقضائية، فالفصل 68 يمكن قاضي التحقيق أو رئيس المحكمة إجراء البحث.
إن الفصل 68 من مشروع القانون الجديد يمكن قاضي التحقيق أو رئيس المحكمة إجراء الأبحاث أو إنعقاد الجلسة بغير مكانها وإستنطاق المتهم وتلقي التصريحات بإستعمال وسائل الإتصال السمعية والبصرية دون ضرورة حضور المعنيين بالأمر شخصيا وإتخاذ التدابير الكفيلة بعدم الكشف عن الأشخاص الواقع سماعهم وإجراء الجلسات بصورة سرية كما نص الفصل 69 على تضمين هويات المعنيين بالأمر ومقراتهم الأصلية بدفتر سري لدى وكيل الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بتونس أما الفصل 70 من ذات المشروع فقد نص على أنه يمكن في حالات الخطر الملم وإن اقتضت الضرورة تضمين جميع المعطيات التي من شأنها الكشف عن هوية المتضرر والشهود بمحاضر مستقلة تحفظ بملف منفصل عن الملف الأصلي ولئن نص الفصل 70 أن بإمكان ذي الشبهة ونائبه أن يطلب من الجهة القضائية المتعهدة الكشف عن هوية الأشخاص المذكورين فإن لتلك الجهة القضائية السلطة المطلقة في إتخاذ القرار ويمكنها أن تمنع الكشف عن هوية الشاكي وشهوده.
إن كل هذه الإجراءات تمس جوهريا بحقوق الدفاع وتشكل إنتهاك للمعايير الدولية خاصة وأن العبارات المضمنة بالفصول المذكورة أنفا "خطر ملم ، إقتضت الضرورة" هي عبارات فضفاضة ويمكن إستعمالها في كل مناسبة وإستخدامها لجعل كل الأبحاث والتتبعات في القضايا الإرهابية تتم بصفة سرية الأمر الذي يمس من مصلحة المتهم الشرعية ومن حقه في الدفاع عن نفسه ومناقشة أدلة الإدانة الموجهة ضده.
إن هذه الإجراءات تتناقض مع المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنصّ على "حق كل شخص "لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه، أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون".
….كما تنص على " أن يناقش شهود الاتهام، بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام،
ويستطيع القاضي أن يأمر بجلسة مغلقة، ولكن وفق شروط خاصة تحددها المادة 14 كأن "يجوز منع الصحافة والجمهور من حضور المحاكمة كلها أو بعضها لدواعي الآداب العامة أو النظام العام أو الأمن القومي في مجتمع ديمقراطي، أو لمقتضيات حرمة الحياة الخاصة لأطراف الدعوى، أو في أدنى الحدود التي تراها المحكمة ضرورية حين يكون من شأن العلنية في بعض الظروف الاستثنائية أن تخل بمصلحة العدالة".
كما أن الفصل 52 تضمن أيضا عبارات غامضة قد تؤدي إلى توظيف التنصت إذ سمح ذلك الفصل بالتنصت وإعتراض إتصالات ذي الشبهة في الحالات التي تقتضيها ضرورة البحث وهو ما قد يؤدي إلى التدخل في الحياة الخاصة وفي الظروف العادية ويصبح مبدأ والحال أن التنصت لا يمكن إلا أن يكون إستثناءا وفي حالات منصوص عليها حصرا طبقا للمعايير الدولية.
في كل الحالات تؤكد الرابطة على التمسك بمبدأ قرينة البراءة لذوي الشبهة احتراما للفصل 10 من الإعلام العالمي لحقوق الإنسان للفقرة الثانية من المادة14 من العهد المذكورة أعلاه : " من حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يعتبر بريئا إلى أن يثبت عليه الجرم قانونا."
7. عقوبة الإعدام
تم التنصيص في المشروع الجديد على عقوبة الإعدام في العديد من الفصول بينما وردت تلك العقوبة صلب المشروع الأول بفصل وحيد وهو الفصل 13 كعقاب للجرائم الإرهابية التي تتسبب في قتل أشخاص.
لقد تم إستبدال عقوبة السجن مدى الحياة المنصوص عليها بالمشروع الأول في كل الفصول التي تضمنت عقوبة السجن مدى الحياة.
تجدد الرابطة موقفها المبدئي في معارضتها في كل الحالات لعقوبة الإعدام بإعتبارها تعتبر مسا من أول حق إنساني وهو الحق في الحياة كما أنها تغذي عقلية الإنتقام والقصاص ولا تقلص من الإرهاب وقد تستعملها السلطة الحاكمة في وقت ما لتصفية خصومها السياسيين تحت خطاء الجرائم الإرهابية.
كما أنه لا يمكن عند تنفيذها من تلافي الأخطاء القضائية التي تتأكد لاحقا
كما أن عقوبة السجن مدى الحياة دون مراجعة هي أشد وقعا وأكثر ردعا
وتؤكد الرابطة أن معالجة ملف الإرهاب لا تتم حصرا بالمقاربة القانونية والأمنية بل ينبغي أن تدعم هذه المقاربة الضرورية جهد مجتمعي وسياسي و ثقافي وتربوي واقتصادي أوسع.
عن الهيئة المديرة للرابطة
الرئيس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.