كشف البنك الدولي عن فساد واسع النطاق في تونس، حيث التهرب من دفع الضرائب من قِبَل الشركات المملوكة لعائلة الرئيس التونسي السابق "زين العابدين بن علي" خلال فترة حكمه، وحذر أيضًا من عمليات الكسب غير المشروع منذ الثورة التونسية على مدى أربع سنوات ماضية، ووفقًا لبحث جديد من قِبَل الاقتصاديين للبنك الدولي يظهر أن الشركات المملوكة لأقارب والحلفاء المقربين ل"بن علي" سيطروا على مليارات الدولارات المملوكة للدولة، على مدى سبع سنوات، من خلال تجنب دفع الضرائب والرسوم الجمركية على الواردات، موضحة أن تحقيق الباحثين كشف عن تعاملات 206 شركة، في الفترة من 2002 إلى 2009. في هذا السياق أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إلى أن هذه النتائج توضح المحسوبية التي اتسم بها عصر الرئيس "بن علي" ومدته 23 عامًا، والتي كانت أحد الدوافع الرئيسة وراء الانتفاضة التي أصاحت به في عام 2011، حيث خرج المحتجون للتعبير عن غضبهم ضد عائلة "زين العابدين بن علي" وعلى وجه الخصوص زوجته "ليلى طرابلسي" وأخوتها رجال الأعمال الذين جمعوا ثروتهم بسرعة كبيرة، موضحة أن حجم الفساد أصبح مصدر قلق، ليس فقط من خلال الأموال الخاصة بالدولة التونسية، لكن الضرر الذي يلحق بالاقتصاد والأعمال بشكل عام، لكن يتم الآن تداول مئات الشركات التي تمت مصادرتها بعد الثورة، وقد جمعت أصول تقدر بقيمة 13 مليار دولار. من جانبه، عبر "سمير العنابي" الذي قاد السلطة الوطنية لمكافحة الفساد للسنوات الثلاث الماضية، عن صدمته لحجم الكسب غير المشروع والطرق التي استغلها المقربون من "بن علي"، قائلًا:" كنت أعرف أن هناك فسادًا، لكن ليس في كل المجالات، وفي كل جزء من البلاد"، مضيفًا: "كان النظام نفسه فاسدًا، وطريق حكم البلاد بأكملها فاسدة". وتلفت الصحيفة إلى أن البنك الدولي يقيم أداء تونس منذ سنوات، لكن خلال حكم "بن علي" كان هناك نقص في المعلومات المتاحة، حيث الحكم الاستبدادي، موضحة أنه من خلال التحكم في نظام التراخيص والاستثمار، حافظت أسرة "بن علي" على الاحتكار في القطاعات التي اختاروها، ومنعوا المنافسين من دخول السوق، وبالتالي تمكنوا من تحقيق الأرباح والنمو. وتضيف الصحيفة أنه صدرت أوامر بإغلاق مدرسة خاصة قديمة ومدرسة "بوعبدلي" لعدم امتثالها للوائح، لكن السبب الرئيس وفقًا للبنك الدولي، هو لمنافستهما مدرسة "قرطاج الدولية" التي أسستها "الطرابلسي". كما اعتبر مشاركون في ندوة بالعاصمة حول الشفافية من أجل حوكمة محلية نظمها مركز دراسة الإسلام والديمقراطية، أن الفساد في تونس استفحل بعد الثورة جراء تراخي الحكومات المتعاقبة وتخاذلها في معالجة المسألة، وغياب الإرادة السياسية في مكافحة هذه الظاهرة، إضافة إلى ما وصفوه بضعف الدولة وبروز العصابات في المجالات كافة.