تونس (وات / تحرير عبد الباسط الفريضي)- "أعطت تونس المثال حكومة وشعبا في كرمها ووقفتها الإنسانية الرائعة مع اللاجئين فقد فتحت حدودها وبيوتها وجيوبها لاستقبال كل من وفد إليها من ليبيا" بهذه الكلمات لخص انطونيو غيتيراس المفوض السامي بالأمم المتحدة لشؤون اللاجئين المقاربة الإنسانية السخية المنتهجة في تعامل تونس مع التدفق الكبير للاجئين من ليبيا معلنا أن احتفالات المفوضية العليا للاجئين بالذكرى الستين لتأسيسها وباليوم العالمي للاجئين ستنطلق هذه السنة ولأول مرة من تونس تكريما لها على جهودها الجبارة التي حالت دون حصول كارثة إنسانية. فمنذ اندلاع المواجهات في ليبيا في فيفري 2011 فتحت تونس حدودها لاستقبال الفارين من الأوضاع المتأزمة بالقطر الليبي والذين بلغ عددهم إلى حدود يوم 14 جوان الجاري 530 الفا و971 وافدا ينتمون إلى 106 جنسيات وفق ما أفادنا به السيد فرج السويسي المدير العام لديوان التونسيين بالخارج. وأضاف أنه أمام هذا التدفق هب الشعب التونسي بمختلف شرائحه ومنظماته وهياكله مسخرا ما لديه من إمكانيات لإغاثة هؤلاء النازحين فتتالت قوافل الإغاثة على الجنوب التونسي وبادرت الحكومة مع بداية الأزمة بتشكيل لجنة وطنية لرصد ومتابعة الأوضاع بالحدود التونسية الليبية وأنشات المخيمات وركزت المستشفيات واستقبلت العائلات التونسية مثيلاتها من ليبيا وأوتها في مساكنها. وقال إن 31 ألفا و716 عائلة ليبية وفدت على تونس منذ 6 أفريل الماضي منها 455 عائلة تقيم بالمخيمات. وقد جلبت هذه الجهود لتونس تقدير العالم ومنظماته الدولية حيث أكدت اليزايبت ايستر رئيسة مكتب تونس للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين انه "على امتداد تاريخ المفوضية لم نشهد قط هبة شعب بمثل هذه التعبئة التلقائية لمساعدة اللاجئين". وأمام هذا العبء الكبير الذي يعجز طرف واحد على تحمله مهما كانت طاقة صبره وجلده ومهما كانت درجة إيثاره وعلو همته، توجهت تونس برسالة إلى المجتمع الدولي بكل منظماته الإنسانية وهيئاته الأممية ناشدت فيها الجميع مساعدتها على مجابهة هذا الوضع المعقد. وكان لهذه الرسالة ابلغ الأثر، إذ تنوعت تدخلات الإغاثة لتشمل مساعدات مادية وبشرية من عديد البلدان العربية والأجنبية والمنظمات والهياكل الدولية. وفي هذا الصدد بادرت دولة الإمارات العربية المتحدة بإقامة مخيم بالكتف من معتمدية بن قردان استقبل إلى حد الآن 15 ألفا و273 لاجئا. كما أحدثت الفدرالية الدولية للهلال والصليب الأحمر مخيما مماثلا ضم إلى حد الآن 8 آلاف لاجئ. كما تم بذل جهود كبيرة لتوفير الإحاطة الطبية والنفسية للاجئين وذلك عبر منظومة تكاملت فيها مجهودات وزارة الصحة العمومية ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة أطباء بلا حدود إضافة إلى منظمة الهلال الأحمر الدولي دون إغفال جهود المستشفيين العسكريين الميدانيين المغربي والتونسي. وكان المفوض السامي أعلن خلال لقائه وزيرة الصحة العمومية على هامش الاجتماع الرابع والستين لمنظمة الصحة العالمية بجينيف عن إجراءات ملموسة تهدف إلى تعزيز القدرات التونسية في مجال الإنقاذ والطب الاستعجالى وتدعيم أسطول سيارات الإسعاف في الجنوب التونسي. ويبقى مشكل ترحيل اللاجئين الرقم الصعب في هذه المعادلة فرغم السعي إلى ترحيل أكبر عدد ممكن منهم إلا أن عمليات الترحيل شهدت فترات تقلص نتيجة مشاكل لوجستية ومادية إضافة إلى عدم تعاون البلدان الأصلية بالشكل الكافي لإجلاء رعاياها. وقد أفاد مراد النار المكلف بملف ترحيل اللاجئين بالمنظمة الدولية للهجرة بتونس لوكالة تونس افريقيا للأنباء ان نسق ترحيل اللاجئين يتراوح بين 30 و200 شخص يوميا وان المنظمة تقوم بعملية تنسيق يومية مع مختلف السفارات والمنظمات المتدخلة لتسهيل هذه العملية التي قال أنها تعرف بعض الصعوبات. ويذكر انه زيارة المفوض السامي للامم المتحدة لشؤون اللاجئين الى تونس تتواصل من 15 الى 18 جوان الجاري بمناسبة الاحتفال باليوم العالمى للاجئين الذى وضع هذه السنة تحت شعار "لاجىء وحيد محروم من الامل يعد كثيرا" واحياء الذكرى الستين لاحداث المفوضية العليا لشؤون اللاجئين. كما تنظم المفوضية بالتعاون مع شركائها الميدانيين بهذه المناسبة تظاهرات ثقافية مختلفة على غرار عرض مسرحية "حارق يتمنى" لرؤوف بن يغلان يوم 17 جوان ستعود مداخيله لفائدة اللاجئين الى جانب مسابقة ومعرض صور فوتوغرافية يومي السبت 18 والاحد 19 جوان الجاري تحت شعار "التضامن التونسي".