تونس ( وات) - اطلق فريق من الخبراء الاقتصاديين التونسيين مبادرة "افكار" التي ستتولى اعداد وثيقة توجيهية حول الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق الانتعاشة الاقتصادية للفترة القادمة "تونس 2021". ويعمل فريق الخبراء على تعميق التفكير لدى الفاعلين الاقتصاديين والمجتمع المدني واثراء الحوار حول التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه تونس. ويتمثل الهدف في وضع برنامج طويل المدى يغطي السنوات العشر القادمة فضلا عن خطة انعاش اقتصادي بالنسبة للخماسية المقبلة أي في افق 2016. وقد بادر القائمون على المبادرة في مرحلة اولى الى تشخيص موضوعي للواقع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد وذلك في ثمانية محاور اساسية وهي "هيكلة سوق الشغل" و"الفقر والفوارق الاجتماعية" و"التغطية الاجتماعية والمنظومة الصحية" و"التهيئة الترابية والتنمية الجهوية" "واستراتيجية تطوير المؤسسات الصغرى والمتوسطة" و"الاندماج الاقتصادي وتنمية قطاع الصناعة والخدمات" و"القطاع البنكي والمالي" و"السياسات الاقتصادية العامة والمديونية". وسيتولى القائمون على المبادرة نشر نتائج هذه الاعمال على موقعهم على شبكة الانترنات www.idees-tunisie.com وذلك خلال الفترة القريبة القادمة. واكد السيد معز العلج استاذ بجامعة تونس واحد اعضاء فريق العمل وعي التونسيين اليوم "بالحاجة الى تغيير العقد الاجتماعي والنمط الاقتصادي السائدين منذ عقود" . واضاف في تصريح خص به وكالة تونس افريقيا للانباء "ان اطلاق اصلاحات جوهرية في مختلف المنظومات الاقتصادية للبلاد يتطلب تغييرا جذريا في النظام اذ لا يمكن وضع برامج اصلاحية طويلة المدى بالاعتماد على نفس الاشخاص المتعاملين مع النظام السابق". عدم نجاعة الاليات المتعلقة بالحد من الفقر وفي ما يتعلق بالفقر والفوارق الاجتماعية ابرز السيد معز العلج ان اعمال الفريق ابرزت "عدم نجاعة الاليات التي تم وضعها للحد من الفقر" على غرار البرنامج الوطني لمساعدة العائلات المعوزة الذي "مكن من مساعدة هذه الفئة دون اخراجها من عتبة الفقر" كما تم الوقوف على اشكاليات في مستوى الفئات المستهدفة اذ يتم توزيع نفس قيمة المساعدات على كل العائلات دون الاخذ في عين الاعتبار حجمها وتركيبتها. وحذر من ان "اعتماد نفس التوجه من قبل الاحزاب السياسية اليوم قد يؤدي الى وضع اجراءات شعبوية تغري الناخبين ولا تحقق الاهداف المطروحة" مبينا ان وضع اصلاحات ناجعة في هذا المجال "يتطلب اعتماد خطاب واضح يحمل المواطن مسؤوليته". مراجعة المنظومة الجبائية وفي المجال الجبائي ابرزت اعمال الفريق ان الخاضعين للنظام التقديري للاداء يمثلون 80 بالمائة من مجمل المطالبين بالاداء في حين لا يمثل رقم المعاملات المصرح به سوى نسبة 1ر1 بالمائة من مجمل رقم المعاملات المعتمد من قبل دائرة الاداءات. كما ان معدل الاداء الذي تدفعه هذه الفئة لايتجاوز 41 دينار في السنة. وفي المقابل يساهم الاجراء والمؤسسات المنضوية تحت النظام الحقيقي بنسبة 3ر98 بالمائة في المداخيل الجبائية المباشرة للدولة. هيكلة سوق الشغل وفي مجال سوق الشغل خلص فريق العمل الى ان هيكلة الانتاج الوطني لا يمكن ان تستوعب الطلبات الاضافية للشغل المكونة اساسا من اصحاب الشهادات العليا (60 بالمائة). وبين الباحث الاقتصادي ان الحد من هذا الوضع يتطلب تغيير هيكلة الانتاج الوطني من انتاج ذي قيمة مضافة ضعيفة ومشغل ليد عاملة غير مؤهلة الى انتاج ذي قيمة مضافة عالية قادر على استيعاب اصحاب الشهادات العليا. وفي هذا الاطار يقترح الخبراء التفكير في وسائل تطوير الصناعات المتجددة بهدف توجيهها للتصدير مما يمكن من خلق قيمة مضافة اكبر ومزيد تشغيل اصحاب الشهادات العليا. ويرى السيد معز العلج ان" تونس التي تعد بلدا محدود الموارد يمكنها الاستفادة من تطوير قطاع الخدمات والتركيز على اقتصاد "خدماتي" خاصة في قطاع التكنولوجيات الحديثة للمعلومات والاتصال التي لا تساهم سوى حاليا الا بنسبة 4 بالمائة من اجمالي الصادرات التونسية. واعترف بان تاهيل منظومة التجديد الذي يعتبر ضروريا لا يمكن ان يتم "بشكل منعزل" داعيا الى اقامة تعاون مع الجهات الخارجية لتجسيم هذا التوجه و"الاندماج في الشبكات العالمية للبحث والتطوير". الرفع من نسبة الاندماج بالنسبة للقطاعات المصدرة كليا وفي تشخيصه لواقع المؤسسات التونسية خلص فريق العمل الى القطيعة القائمة بين المؤسسات الناشطة في السوق المحلية والمؤسسات المصدرة كليا مما يساهم في ضعف نسبة اندماج المنتوجات المصدرة. ودعا الخبير الاقتصادي الى ضرورة الرفع من نسبة الاندماج من خلال تحفيز المؤسسات المصدرة كليا على التزود من السوق المحلية بما يساهم في تنشيط السوق المحلية ودفع التشغيل. وفي ما يتعلق بالاسواق الخارجية يدعو الخبير الى اعتماد سياسة اعادة التوطين هذه الشركات بالاسواق الافريقية والمغاربية في ظل صعوبة الانتصاب بالاسواق الاوروبية موضحا ان "الانتصاب والتسويق مباشرة بهذه الاسواق افضل بكثير من تصدير المنتجات من تونس". ضرورة تقسيم اداري جديد للجهات وفي جانب اخر تدعو مجموعة الخبراء الى "تقسيم اداري جديد للجهات وفق مجموعات سكانية متجانسة باتجاه تحقيق التوازن الجهوي وتاهيل الجهات الداخلية". وتؤكد هذه المجموعة على اهمية احداث "جهات لها نفس الوزن الاقتصادي" داعية في هذا الاطار الى مراجعة الجباية المحلية واعادة ضبط ميزانيات الجهات الداخلية وفق رؤية موضوعية وعادلة".