تونس (وات)- "تركز جيوب الفقر بالجهات الغربية وخصوصا في المناطق الريفية بالوسط الغربي للبلاد وما نجم عن هذا التفاوت الجهوي من عرقلة فى نسق النمو وتقليص فى فرص الانتفاع بمختلف البرامج الرامية إلى التخفيض من حدة الفقر علاوة عن اسهام هذا الوضع المتردي فى تغذية الاحساس بالحرمان والضغط الاجتماعي والفوارق الاجتماعية" تلك هي الاسباب العميقة لاندلاع ثورة 14 جانفى 2011 والتى أجمع على تشخيصها خبراء بشبكة "أفكار " التى تضم ثلة من الاقتصاديين. وتهدف الدراسة التى اعدها استاذ الاقتصاد الكمي بالمعهد الاعلى للتصرف عبدالرحمان لاحقة فى هذا الغرض الى تشخيص ظاهرة الفقر والتفاوت الاجتماعي في تونس. ويتنزل هذا البحث في اطار تعميق فكرة "الكتاب الابيض" الذي اقترحته مجموعة من الخبراء التونسين في اطار مبادرة "أفكار". واستند معد الدراسة فى تحديد نسبة الفقر الى خط الفقر المعتمد من قبل البنك العالمي التى بلغت في تونس 3ر11 بالمائة اي ما يعادل 2ر1 مليون شخص مع تسجيل تفاوت كبير بين الوسط الريفي(24 بالمائة) والوسط الحضري (6ر4 بالمائة). وتفيد المعطيات التي وفرتها الدراسة "ان نسبة الفقر ترتبط بدرجة عالية بالمستوي التعليمي لرب الاسرة اذ تتحسن النسبة كلما كان مستواه التعليمي افضل". ويؤكد الخبير ان "التفاوت المفرط يعيق نسق النمو الاقتصادي ويعمق حدة الاقصاء الاجتماعي ويولد شعورا بانعدام الثقة فى الحكومة ويعيق ممارسة الديمقراطية". وابرزت الدراسة "ان مستويات التفاوت الاجتماعي في تونس بقيت مرتفعة بل انها زادت بنسبة 9 بالمائة خلال السنوات العشر الاخيرة"لتكشف فشل السياسات المعتمدة فى توزيع ثمار التنمية من طرف الحكومات السابقة". وبين اللاحقة انه حسب التصنيفات المتخصصة فان نسبة النمو في تونس خلال الفترة 1990 /2005 وصفت على انها "ضد الفقراء" ملاحظا ان هذا الوصف ينطبق على كل نسق نمو يواكبه ارتفاع في مستوى الفقر. ومضى يقول "لو حافظت تونس على نفس توزيع الدخل المسجل في سنة 1990 لما تجاوزت نسبة الفقر المدقع 03ر3 بالمائة سنة 2005 عوضا عن 83ر5 بالمائة أي بنقص بحوالي 315 ألف شخص فى عدد الاشخاص الذين يعيشون تحت عتبة الفقر (2ر1 مليون شخص). بدائل وحلول لتجسيم العدالة الاجتماعية اوصى الخبراء فى باب تقليص هذه الفوارق وتوزيع الثروة على أسس أكثر توازنا وعدالة بإرساء سياسة اجتماعية جديدة تقوم على تقييم نجاعة البرامج الحالية للمساعدة الاجتماعية على غرار برنامج مساعدة العائلات المعوزة مقترحين مراجعة طرق التصرف فى هذه البرامج. وتتطلب الاعتمادات المرصودة لهذه البرامج وتغطيتها القيام بتدقيق مع مراجعة طرق التصرف فيها. وكحل بديل دعا الخبير الاقتصادي الى ضرورة اكساب تدخلات الصندوق العام للتعويض نجاعة اكبر وترشيد مواردها قصد توجيهها لفائدة الشريحة الأكثر احتياجا. واعتبر أنه من الضروري إصلاح النظام المالي قصد تيسير النفاذ الى القروض ولا سيما بالنسبة للناشطين فى القطاع غير المهيكل وبالتالي معاضدة الأنشطة التى تؤمن مورد رزق لشريحة هامة من المواطنين. ويتعين حسب هذه الدراسة تركيز الجهود فى اتجاه إرساء شبكات ضمان اجتماعي كفيلة بحماية الشرائح الاجتماعية الهشة (القريبة من خط الفقر) من التغيرات الظرفية في مستوى الدخل. ويتمثل دور هذه الشبكات حسب الخبير الاقتصادي في توفير "مساعدات ظرفية للعائلات ضعيفة الدخل وبالتالي"الاستجابة إلى الحاجيات الخصوصية والعاجلة." وشدد الخبراء على تعزيز دور المرأة في مراقبة ميزانية الاسرة والتصرف فيها موصين في هذا الصدد بالاستئناس بتجارب بعض الدول الآسيوية فى هذا المجال والتى اثبتت ان المراة لها قدرة اكبر على التصرف فى الموارد المحدودة للاسرة.