تونس (وات)- تبين للجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة بناء على ما تحصلت عليه من عرائض ووثائق، حصول عدد من التجاوزات في قطاعي التعليم العالي والبحث العلمي خاصة على مستوى التدخلات في مجال التوجيه الجامعي وفي أنشطة مخابر البحث العلمي. وأفاد التقرير الذي أصدرته اللجنة مؤخرا أن مسؤولين سابقين مكنوا بعض الناجحين فى مناظرة الباكالوريا من الحصول على شعب جامعية، ومنها شعبة الطب، خلافا للصيغ القانونية الجاري بها العمل ودون ان يكون المستفيدون من تلك التدخلات حائزين على الحاصل المطلوب. وقد تضرر عديد الطلبة الذين تتوفر فيهم الشروط القانونية المطلوبة من هذه التدخلات التي كانت على حساب طاقة الاستيعاب القصوى والمضبوطة بصفة مسبقة قبل بداية السنة الجامعية. وتضمن محضر اجتماع "لجنة إعادة النظر في مطالب التوجيه لشعبة الطب" المؤرخ فى 11 جويلية 2011 ما يفيد حصول التجاوزات فى التوجيه الجامعي نتيجة تدخلات صادرة عن رئاسة الجمهورية مع التأكيد على ان التجاوزات المذكورة خارجة عن نطاق وزارة التعليم العالى والبحث العلمي. وقد اطلعت اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة على مكتوب عميد كلية الطب بتونس الموجه الى وزير التعليم العالى والبحث العلمى بتاريخ 18 مارس 2011 والذي تبين فيه أنه أعلم الوزارة بتكرر تدخل رئاسة الجمهورية في عملية التوجيه الجامعي بكلية الطب بتونس فى مفتتح كل سنة جامعية بما ترتب عنه مثلا اجباره على ترسيم طالبة بالكلية لم تستوف الحاصل المطلوب خاصة وأن المطالبة بالترسيم تمت عن بعد. كما أفاد التقرير ان اللجنة تلقت شكاية من أولياء بعض الطلبة المتضررين من التجاوزات المذكورة وقامت في إطار البحث والتقصي بمراسلة وزارة التعليم العالى والبحث العلمي للاستفسار عن هذا الملف ،مضيفا أن الوزير أقر بوجود حالات بناء على طلب كتابي من الوزير المستشار لدى رئيس الجمهورية. وتحصلت اللجنة أيضا على وثائق تفيد بوجود مطالب تدخل صادرة عن مسؤولين كبار في الدولة بمن فيهم رئيس ديوان التعليم العالي ورئيس الاتحاد العام التونسي للشغل إضافة إلى وثائق تثبت أن مجموعة من المستشارين والنواب ومسؤولين في الاعلام وفي التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل ومسؤولين اداريين قاموا بتدخلات لدى وزارة التعليم العالى والبحث العلمي قصد تسهيل الانتفاع بامتيازات في التوجيه الجامعي. ومن جهته، أفاد مصدر مسؤول بوزارة التعليم العالى والبحث العلمي ل"وات" ان الوزارة وضعت الوثائق اللازمة على ذمة اللجنة الوطنية لتقصى الحقائق حول الفساد والرشوة ،مؤكدا الاستعداد لمزيد التعاون في هذا المجال بهدف التصدى لجميع أشكال الرشوة والفساد في قطاع التعليم العالى. وأضاف ذات المصدر أن وزارة التعليم العالى والبحث العلمي أوفت بتعهدها بعدم قبول تدخلات من أي طرف أو جهة كانت في عملية التوجيه الجامعي لسنة 2011 وقامت بنشر نتائج دورات التوجيه الجامعي ودورة اعادة التوجيه على الموقعين الالكترونيين الخاصين بها. أما بالنسبة لقطاع البحث العلمي، فقد وردت على اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة عريضة لصاحبها المشرف على احداث مخبر للعلوم البيئية بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس، جاء فيها أن المخبر شهد عدة صعوبات أدت الى توقفه عن العمل واتلاف جل معداته إضافة إلى إجبار الاستاذين المشرفين عليه على مغادرته. وحسب تقرير اللجنة كان مرد هذه الصعوبات فى البداية محاولة وزير بيئة سابق نقل المخبر الى الديوان الوطنى للتطهير ثم تدخلات رئيس الجامعة وسوء التسيير والتصرف المقصود فى الموارد البشرية للجامعة. ورغم المحاولات المتكررة للاستاذين للرجوع الى التدريس بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس واعادة تكوين المخبر وتنشيطه، امتنعت الادارة عن الاستجابة لطلباتهما. وكان عمل المخبر المنجز سنة 1992 في إطار التعاون التونسياليابانى وبمساهمة عديد رجال الاعمال بجهة صفاقس، قد انطلق بفريق يتكون من 6 باحثين حيث أعربت وزارة التعليم العالى والبحث العلمي حينها عن نيتها تطوير عمل المخبر وتنظيمه في إطار هيكل يضمن تحقيق أفضل النتائج. كما وردت على اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة عريضة يفيد صاحبها بأن وزير التعليم العالي والبحث العلمي اتخذ قرارا يقضي بحل مخبر بحث كان تحت اشرافه بمركز البيوتكنولوجيا ببرج السدرية (بن عروس) رغم انه كان يحقق نتائج جيدة خولت له الحصول على براءات اختراع لمنتوجات في مجال المواد المضادة للأكسدة في زيت وأوراق الزيتون وذلك بالتعاون مع اليابان. وتشير العريضة الى أن الوزير لم يذكر بيان الأسباب التي تأسس عليها ذلك القرار الأمر الذي أدى إلى وضع حد لنشاط 12 باحثا مسجلين بالمخبر وتعطيل بحوث 11 طالبا بصدد إعداد رسالة دكتوراه و7 طلاب بصدد إعداد رسالة ماجستير. كما أكد صاحب العريضة أنه لم يتم استدعاؤه قبل اتخاذ قرار حل المخبر ولم يتم تقييم نتائج عمل المخبر بصفة موضوعية مبينا أن أسباب اتخاذ قرار الحل تعود إلى الخلافات التي حصلت بينه وبين مدير مركز البيوتكنولوجيا ببرج السدرية وبتأثير من أعضاء لجنة إعادة هيكلة المركز وذلك بهدف نقل برنامج عمل المخبر الى مركز البيوتكنوجيا بصفاقس. وذكر تقرير اللجنة ان وزارة التعليم العالى والبحث العلمي لم تقدم "تفسيرا مقنعا لممارسات يبدو أنها تشوبها اعتبارات غير منطقية بما يوحي بفساد إداري".