تونس (وات- تحرير عبد الباسط الفريضي) - الهجرة موضوع متعدد الجوانب، لا يكتسي بعدا واحدا، بل هو علاقة دائرية بين الوطن والمهاجر، والسياسة الجديدة التي نعمل على تركيزها في هذا المجال لا تعتبر الهجرة مشكلا، وإنما هي بعد من أبعاد المجتمع التونسي يحتاج إلى ان نتعاطى معه على أكثر من مستوى وصعيد" هذا ما أكده حسين الجزيري كاتب الدولة للهجرة والتونسيين بالخارج في حديث خص به الجمعة وكالة تونس افريقيا للانباء. وقال الجزيري، انه يتعين إرساء علاقة جديدة بين المهاجر ووطنه واعتبار المهاجرين مساهمين ليس فقط في التنمية بل في المشروع الوطني بشكل عام. وأشار كاتب الدولة إلى انه يعتمد مقاربة جديدة لمسألة الهجرة لها أبعاد ثلاثة، أولها اجتماعي يتمثل في تحويل عالم الهجرة إلى عالم متضامن تحكمه علاقات وروابط، اذ ان الكثير من التونسيين بالخارج في حاجة إلى مزيد تمتين الروابط التي تجمع بينهم. كما ان الحاجة ملحة إلى الاستفادة من خبراتهم المتنوعة. أما البعد الثاني، فهو يرتبط بإحداث قنوات تواصل مع مختلف فعاليات المجتمع المدني بالمهجر والاستفادة من التصورات والرؤى بهذا الشأن والعمل من خلال الفضاءات الاجتماعية والثقافية الجديدة على غرار "دار التونسي'" على الانفتاح على كل المنظمات والمنتديات التي تنشط بالمهجر. ويتعلق البعد الأخير، بتفعيل استفادة تونس من الكفاءات الموجودة بالخارج بوصفها قوى اقتصادية وعلمية وتكنولوجية واستثمارية قادرة على المساهمة بفعالية في المجهود الوطني للتنمية. ولدى تطرقه إلى مسألة الهجرة السرية، اعتبر كاتب الدولة ان الأولوية الآن هي الانكباب على ملف المفقودين الذين بلغ عددهم أكثر من مائتين. وأفاد في هذا الخصوص انه تم تشكيل لجنة فنية للهجرة تضم وزارات الداخلية والخارجية والعدل والدفاع ، ستتولى التنسيق في موضوع البحث عن المفقودين أين ما كانوا. وكشف كاتب الدولة عن صعوبات جمة تعترض ملف المفقودين، وخصوصا مع عدد من البلدان الأوروبية، مشيرا على سبيل المثال إلى سويسرا التي يوجد بها أكثر من ألفي تونسي ترفض هذه السلطات هناك، واعتمادا على القوانين الدولية، مد الحكومة بقائمات اسمية في شأنهم لأنهم طالبوا بالحصول على اللجوء السياسي. وقال إن هذا الوضع يقتضي ان تتم معالجة هذا الملف بطريقة أخرى، أي من بوابة المجتمع المدني أو عبر المنظمات الدولية المعنية. وأبرز أن اللجنة الفنية للهجرة طلبت من عائلات المفقودين إجراء تحاليل الحامض النووي وأرسلتها مع بصمات المفقودين إلى الجهات المعنية في ايطاليا التي تحتفظ بجثث عدد من المهاجرين الذين هلكوا غرقا، مما قد يسهل التعرف عليهم. ودعا الجزيري عائلا ت المفقودين إلى تغليب العقل على العاطفة والتحلي بالصبر في التعامل مع هذا الملف الشائك الذي يتطلب حله وقتا وجهدا كبيرين، باعتبار ان أطرافا عديدة تتدخل فيه، ويستلزم المرور بعديد الآليات القانونية. وأفاد كاتب الدولة انه من بين 30 ألف مهاجر تونسي غير شرعي إلى ايطاليا منذ 14 جانفي، تحصل 4 آلاف على اقامات وقتية ب 6 أشهر، مشيرا إلى ان المساعي متواصلة مع السلطات الايطالية لتجديد تصاريح اقاماتهم. وقال السيد حسين الجزيري ان عديد الدول الأوروبية والعربية عبرت عن استعدادها لتشغيل عمال تونسيين ، مشيرا في هذا الصدد بالخصوص إلى ليبيا التي عبرت عن رغبتها في استقبال 500 ألف عامل تونسي وقطر التي تنوي تشغيل ما لا يقل عن 50 ألف عامل.