نابل (وات)- كان حضور المثقفين في حفل الاختتام المحلي لمائوية الأديب والمفكر الكبير محمود المسعدي الذي نظمته دار الثقافة بتازركة مسقط رأس الأديب في نهاية الأسبوع المنقضي محتشما حيث لم يتجاوز عددهم العشرة أنفار باحتساب المنظمين. ولئن لم تعرف التظاهرة حضورا مكثفا فقد تميزت بتقديم دراسة جديدة لم يتم نشرها بعد حول المسعدي الأديب والمفكر دراسة أنجزها الأستاذ الجامعي المختص في الأدب العربي محمد ايت ميهوب أبرزت وجها آخر لعبقرية المسعدي من خلال استقراء رده على مقال الأديب طه حسين الذي تحدث فيه عن " السد" والذي جاء في شكل جدال نقدي دار بين الأديبين أو حوارية بين المسعدي وطه حسين بينت إمكانية الحديث عن وجودية "مسلمة". وأبرز ايت ميهوب أن ما ورد بمقال طه حسين حول " السد" من ثناء واعتباره من الأدب الجدي الذي يخاطب الذهن والأدب الفلسفي أحيانا والشعري غير المنظوم أحيانا أخرى يؤكد أن طه حسين لم يتمكن على حد تعبير الأديب من تحديد جنس أدبي واضح " للسد" والإقرار بصعوبة فهم النص مما جعل طه حسين يعتبر أن المسعدي تأثر في "السد" بالبار كامي والوجودية الغربية. وبين الباحث في قراءته لرد المسعدي على طه حسين قبل زيارته إلى تونس في المقال الصادر بمجلة الفكر سنة 1957 إلى أن المسعدي قد أكد أن قضية الفهم ليست أساسية باعتبار "أن ليس للنص الأدبي معنى محددا " على حد تعبير المسعدي وان الأهم هو التأويل كل من وجهة نظره. ونفى المسعدي في مقاله أي تأثر بالبار كامي خاصة وانه لم يقرا بعد للكاتب الفرنسي عند تأليف "السد". وبين لطه حسين أنه تأثر بعديد الكتاب الآخرين ومن بينهم بودلير ودستويوفسكي وعمر الخيام والغزالي والمعري والتوحيدي. و أشار الباحث إلى أن المسعدي قد اعتبر في رده أن " الوجودية هي فلسفة إنسانية زمانية وتمتد في التاريخ إلى المسرح الإغريقي وفي المكان إلى الحضارة العربية الإسلامية نفسها". وبين أن المسعدي قد ميز في رده على طه حسين بين " وجوديته والوجودية الغربية الملحدة و اعتبر انه يمثل الوجودية المسلمة والتي تعتبر أن الذات الإنسانية ليست متعالية عن الذات الالهية بل إن الإنسان خليفة الله في الأرض وشرف الإنسان في المحاولة". وخلص الباحث إلى أن الحوارية بين المسعدي وطه حسين تعد مظهرا من مظاهر الجدل بين النقد الشرقي الممثل في طه حسين والإبداع المغاربي التونسي الممثل في محمود المسعدي، مبرزا أن هذا الجدل " الغائب إلى اليوم كان قادرا على أن يكون أكثر إثمارا". وفسر الباحث " القطيعة " بقضية " المركز والمحيط" والتي يعتبر فيها الشرق نفسه المركز الأهم والأدب المغاربي هو المحيط الجانبي البعيد عن المركز مبرزا " ان قراءة طه حسين للسد اقتصرت على أن تكون قراءة تحيط بالنص وعجزت عن ولوجه والتعمق في أبعاده الحقيقية". وجدير بالإشارة في هذا الإطار إلى أن مائوية المسعدي التي انطلقت منذ بداية أكتوبر 2011 ستختتم على المستوى الوطني يوم 29 جوان 2012 بتنظيم ندوة فكرية ببيت الحكمة ويعرض شريط وثائقي عن المسعدي وشهادات حية لعدد من أفراد عائلته.